الصفحة 1 من 3
صعود لافت لقوى تفتقر إلى الخبرة في الإدارة وعلاقتها محدودة بشبكات الدولة العميقة.
البرلمان الجديد لم يعاقب الأحزاب التقليدية وحدها بل يبدو أنه عاقب تونس التي قد تجد نفسها بلا حكومة لأشهر في ظل عدم استعداد الأحزاب والمجموعات الصاعدة للحكم وتفضيلها الجلوس على الربوة، ما يجعل الاستنجاد ببدائل من خارج البرلمان هو الأقرب للواقع، أي حكومة وحدة وطنية أو حكومة كفاءات أو إنقاذ للحصول على دعم القوى الاجتماعية الفاعلة. لكن بأي شروط ومن سيقودها الحزب الفائز أم سنعود إلى مربع التوافق؟
سيخلق التصويت العقابي العشوائي للناخب التونسي وضعا سياسيا وبرلمانيا صعبا ليس فقط على الأطراف السياسية الفائزة في الانتخابات، ولكن أيضا على البلاد التي ينتظر أن تشهد هزات سياسية واجتماعية بسبب هذا الوضع الهش، في استعادة لمناخ السنوات الأولى للثورة حين حكمت الترويكا الحزبية بزعامة حركة النهضة وعاشت تونس خلالها موجة من الإضرابات الاجتماعية والاغتيالات السياسية.
ولا تختلف المؤشرات الراهنة عما جرى في انتخابات 2011، حيث أنتجت الانتخابات الأخيرة صعودا لافتا لقوى ليس لها عمق في الإدارة وعلاقتها محدودة بشبكات الدولة العميقة التي تتحكم في الملفات الحيوية اقتصاديا وأمنيا.
وفضلا عن هذا كله، فإن المجموعات الصاعدة مثل التيار الديمقراطي (وسط يسار) وائتلاف الكرامة (يمين النهضة) وحركة الشعب (قومي ناصري) لا تمتلك تجارب في إدارة الشأن العام، ولو في المستويات المحلية الدنيا، وهو ما يمهد لصدام سريع مع الإدارة خاصة أن هذه المجموعات استقطبت الناخبين بخطاب ثوري حاد يعد بالقطيعة مع لوبيات الفساد ومواجهة حيتان التهريب، التي نجحت في شراء ذمم الكثير من النواب في الدورة الماضية، فضلا عن إعادة توجيه المشاريع الكبرى من المدن التقليدية المتمركزة على الساحل التونسي إلى مدن الداخل التي تعيش الفقر والتهميش، وينحدر منها أغلب قيادات الكتل الجديدة.