اختر لغتك

خيارات صعبة أمام حكومة النهضة: ترويكا2 أم تكنوقراط

خيارات صعبة أمام حكومة النهضة: ترويكا2 أم تكنوقراط

خيارات صعبة أمام حكومة النهضة: ترويكا2 أم تكنوقراط - حكومة من خارج البرلمان

حكومة من خارج البرلمان
 
تدفع حالة الارتباك بين الكتل الصاعدة، فضلا عن العداء التاريخي، إلى البحث عن صيغة من خارج توازنات البرلمان، وهو ما يمثل مخرجا يحفظ لحركة الشعب وللتيار الديمقراطي من إحراج التحالف مع من نجحوا في الصعود إلى البرلمان بانتقاد أدائها الحكومي. كما يعطي للنهضة فرصة التخفي من الواجهة والتفصي من الضغوط ومواجهة المعارك الحامية مثلما جرى في فترة الترويكا.
 
ورغم التصريحات التي يطلقها راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وقياديون آخرون بشأن استلام الحكم وتحمل المسؤولية في مواجهة الفساد، والتلميح بعدم بناء توافق مع ممثلي المنظومة القديمة، فإن مصلحة النهضة الحقيقية هي التمترس خلف شخصية وفاقية مثلما كان الأمر مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، أو وراء حكومة كفاءات أو وحدة وطنية أو إنقاذ كتلك التي أعلن عنها غازي الشواشي الأمين العام للتيار الديمقراطي، وأن الجدل الحالي والتشدد في المواقف هدفهما تحسين شروط التفاوض حول موقع أفضل في الحكومة القادمة مهما كان توصيفها.
 
وقال الشواشي “حتى إن تجاوزت النهضة الصعوبات وشكّلت حكومة، فستكون حكومة هشة تواجهها معارضة قوية”، معتبرا أن “الأفضل هو تشكيل حكومة إنقاذ وطني دون مشاركة الأحزاب لمدة سنتين”.
 
وقد لا تذهب النهضة إلى هذا الخيار باختيارها، وقد تكون مضطرة في ضوء ضغوط جدية للدفع إلى تسريع تشكيل حكومة عبر عنها الرباعي الراعي للحوار الوطني (ومحوره اتحاد العمال، واتحاد أرباب العمل)، وهي دعوة بمثابة رسالة تحذيرية إلى الغنوشي بأن القوى الاجتماعية الفاعلة لن تسمح بإطالة الصراعات والمحاصصات الحزبية لتشكيل الحكومة فيما البلاد تعيش وضعا اقتصاديا واجتماعيا صعبا لا يمكن أن يتحمل المزيد من التأخير.
 
ولا شك أن الرسالة واضحة وبليغة وتذكر النهضة بمآلات 2012/2013، حيث لعب الاتحاد دورا محوريا في دفع النهضة إلى تسليم الحكم كما ساهم بشكل فعال في انتقال السلطة إلى حكومة مهدي جمعة التي حضرت لانتخابات 2014. وربما يكون موقف الاتحاد أكثر تشددا في ظل وجود أطراف فائزة لا يتوقف بعض ممثليها عن مهاجمته والدعوة إلى فصل السياسي عن النقابي والاكتفاء بدور مطلبي تفاوضي في المجالات القطاعية.
 
كما أن مشاركة اتحاد أرباب العمل في الاجتماع الرباعي (الثلاثاء) وتبني البيان التحذيري يعكسان قلقا من استعادة مناخ الفوضى والتوتر الأمني والاجتماعي والإضرابات خلال فترة حكم الترويكا ما دفع إلى خسارة مئات المستثمرين الذين اضطروا إلى مغادرة البلاد.
 
ودعا الرباعي في بيانه إلى “الإسراع بتشكيل الحكومة نظرا للظرف الدقيق الذي تمر به البلاد خاصة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتحديات الأمنية”.
 
وقد يدفع التسخين لاحتجاجات قادمة تحت عنوان رفض نتائج الانتخابات بسبب الحديث عن “تزوير واسع” ورشى وشراء ذمم بحركة النهضة إلى البحث عن خيار واضح.
 
وبالنتيجة، فإن النهضة في وضع صعب إذا تمسكت بقيادة المشاورات الحكومية، وهو ما يجعلها تلجأ إلى مناورات متعددة لجذب الخصوم إلى التحالف معها، لكن الأقرب إلى الواقع هو اختيار شخصية وطنية محايدة تكون لديها خبرة بتسيير شؤون الدولة وعارفة بالملفات كما تحوز على الحد الأدنى من ثقة الأطراف الاجتماعية الفاعلة.
 
ورغم ما أحاط بالشاهد من ظروف دفعت به إلى خسارة الانتخابات الرئاسية وحصول حزبه “تحيا تونس” على عدد محدود من المقاعد في البرلمان، فإن الشاهد يمكن أن يكون بديلا ولو بشكل مؤقت للخروج من الأزمة ونيل رضا مختلف الفرقاء سواء من الكتل الصاعدة، وعلى رأسها حركة النهضة، أو دوائر الضغط التي تتخوف من تكرار تجربة الترويكا وأخطارها الأمنية والسياسية.
 
 
مختار الدبابي
كاتب وصحافي تونسي
 

آخر الأخبار

تأجيل إضراب نقل المحروقات إلى ديسمبر بعد جلسة صلحية بين الأطراف المعنية

تأجيل إضراب نقل المحروقات إلى ديسمبر بعد جلسة صلحية بين الأطراف المعنية

التفوق التونسي في الألعاب الإفريقية العسكرية: 29 ميدالية تزين حصيلة الوفد الوطني

التفوق التونسي في الألعاب الإفريقية العسكرية: 29 ميدالية تزين حصيلة الوفد الوطني

أزمة النفايات البلاستيكية المستوردة: قطاع الرسكلة في تونس على حافة الانهيار

أزمة النفايات البلاستيكية المستوردة: قطاع الرسكلة في تونس على حافة الانهيار

منى نور الدين تواجه حملة تطرف بسبب دورها في "رقصة سما": عندما يُهاجم الفن بلا وعي

منى نور الدين تواجه حملة تطرف بسبب دورها في "رقصة سما": عندما يُهاجم الفن بلا وعي

قيس سعيّد: الإعلام الوطني جبهة لتحرير تونس وبناء مستقبل الحرية والعدل

قيس سعيّد: الإعلام الوطني جبهة لتحرير تونس وبناء مستقبل الحرية والعدل

Please publish modules in offcanvas position.