اختر لغتك

ماذا حملت زيارة أردوغان المفاجئة والسريعة إلى تونس؟

ماذا حملت زيارة أردوغان المفاجئة والسريعة إلى تونس؟

ماذا حملت زيارة أردوغان المفاجئة والسريعة إلى تونس؟

يبدو أن تركيا مستمرة في جهودها بدعم حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً، والتي تواجه هجوماً مستعراً من عدة دول على رأسها الإمارات ومصر وكذلك روسيا وفرنسا لتثبيت تحركات اللواء المتمرد خليفة حفتر الساعية للسيطرة على حكم البلاد.
 
وتسعى أنقرة لإدخال دول جارة لليبيا تحاول أيضاً دعم الحكومة "الشرعية" من أجل إحلال السلام والاستقرار مثل تونس والجزائر، وضرورة وجودهما في أي مؤتمر دولي يبحث سبل إيجاد حل للقضية الليبية.
 
 

زيارة مفاجئة
 
وفي إطار ذلك، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة مفاجئة وسريعة (أقل من يوم واحد) لتونس الأربعاء (25 ديسمبر 2019)، والتقى نظيره التونسي قيس سعيّد.
 
ولم تكن زيارة تونس مجدولة أو معلنة من قبلُ، أي من الجانبين التونسي أو التركي.
 
وضم الوفد التركي وزيرَي الخارجية مولود تشاووش أوغلو، والدفاع خلوصي آكار، بالإضافة إلى رئيس جهاز الاستخبارات حقان فيدان، ورئيس دائرة الاتصال في الرئاسة فخر الدين ألطون، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالن.
 
وتمحورت الزيارة، بحسب ما كُشف عنه لوسائل الإعلام، حول الأحداث الجارية في ليبيا، وآخر التطورات الميدانية والعسكرية وما يخص ترسيم الحدود المائية بالبحر الأبيض المتوسط بين أنقرة وطرابلس، بالإضافة إلى الوضع الداخلي التونسي وسبل دعمه.  
 
وأعرب أردوغان في مؤتمر صحفي مع سعيّد، من قصر قرطاج بالعاصمة تونس، عن ثقته بأنه ستكون لتونس إسهامات قيمة وبنّاءة في جهود تحقيق الاستقرار بليبيا، مبيناً أن التطورات السلبية في ليبيا لا تؤثر فيها فقط، ودول الجوار -على رأسها تونس- منزعجة جداً من ذلك.
 
ولفت إلى أنه بحث مع الجانب التونسي الخطوات التي يمكن أن يقدمها والتعاون الذي يمكن القيام به لضمان وقف إطلاق النار في ليبيا والعودة للعملية السياسية.
 
وأوضح: "أنا على ثقة بأنه ستكون لتونس إسهامات قيّمة للغاية وبنّاءة في جهود تحقيق الاستقرار بليبيا".
 
وفيما يخص إرسال تركيا قوات عسكرية إلى ليبيا، قال أردوغان: "حتى اليوم لم نذهب إلى أي مكان دون دعوة، وإذا تلقينا دعوة من ليبيا بالطبع فسنقيّمها".
 
وعن مذكرة التفاهم الموقعة بين تركيا وليبيا، أكد الرئيس التركي أنه ليست لليونان أي كلمة نافذة في هذا الخصوص.
 
وأشار إلى أن بلاده مررت مذكرة التفاهم مع ليبيا من البرلمان، وأن المرحلة المقبلة ستتواصل في اتجاه تفعيلها، مؤكداً أن تركيا تتخذ خطواتها مع حكومة فايز السراج المعترف بها دولياً في ليبيا، وأن حفتر لا يتمتع بالاعتراف الدولي.
 
وأضاف: إنه "يتعين علينا ألا نسمح بسحق أشقائنا الليبيين تحت وطأة حفتر وأمثاله"، لافتاً إلى وجود 5 آلاف (مرتزق) من السودان وألفين من روسيا من شركة "فاغنر" في ليبيا، متسائلاً: "بأي صفة دخلوها؟ وما عملهم هناك؟ وما ارتباطاتهم؟".
 
وكانت صحيفة "الغادريان" البريطانية كشفت يوم الثلاثاء (24 ديسمبر)، أن مئات من المرتزقة السودانيين انضموا في الفترة الأخيرة إلى قوات خليفة حفتر التي تهاجم قوات حكومة الوفاق في العاصمة طرابلس.
 
وذكرت الصحيفة نقلاً عن قادة لمجموعات مسلحة سودانية ناشطة في ليبيا، قولهم إنهم استقبلوا أعداداً جديدة من المقاتلين لدعم قوات حفتر، وإن عدد المرتزقة السودانيين الذين يقاتلون في ليبيا وصل إلى ثلاثة آلاف.
 
ولفت أحد قادة المرتزقة السودانيين إلى أنهم أسهموا بشكل كبير في سيطرة قوات حفتر على حقول النفط.
 
من جانبه، قال الرئيس التونسي: إن "الآفاق واسعة للتعاون بين تونس وتركيا، في إطار تحقيق التوازن في كل المجالات"، مشيراً إلى أنه تم التطرق خلال المحادثات إلى المبادرة التي أطلقتها تونس مؤخراً حول ليبيا.
 
وأضاف: إن "مذكرة ترسيم الحدود بين ليبيا وتركيا لا تتعلق بحدود تونس، وإنها مسألة تخص البلدين".
 
وأشار سعيّد إلى أنه بحث مع الرئيس أردوغان العلاقات الثنائية بين البلدين، وجرى التركيز على تطوير التعاون في المجالات كافة في إطار التوازن.
 
 

مبادرة تونسية
 
وتتصل تونس مع ليبيا بحدود برية طويلة، ويوجد عليها منفذان بريان جنوبي تونس: منفذ "رأس جدير" في مدينة بنقردان بمحافظة مدنين، ومعبر "ذهيبة وازن" بمدينة ذهيبة في محافظة تطاوين، وما يقابلهما من منافذ بليبيا.
 
ولذلك تهتم السلطات التونسية بوجود استقرار دائم في ليبيا؛ لمنع عمليات التهريب والهجرة وتسلل أي مسلحين، بالإضافة إلى أن هدوء الأوضاع يؤدي إلى نشاط اقتصادي كبير مؤثر على تونس من ناحية إعادة الإعمار وتقليص نسبة البطالة ونشاط حركة المعابر التجارية.
 
وتجد تركيا في مشاركة تونس فرصة لدعم الحل السياسي في ليبيا بما يضمن وقف إطلاق النار، حيث سبق أن صرح أردوغان بأنه أبلغ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن من الضروري مشاركة تونس والجزائر وقطر في مؤتمر برلين الخاص بليبيا، والمزمع تنظيمه في بداية عام 2020.
 
ويوم الاثنين (23 ديسمبر 2019)، اجتمع الرئيس سعيّد بممثلي المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية؛ لبحث إمكانية إطلاق مبادرة لحل الأزمة في الجارة ليبيا.
 
وقال سعيّد: "نجتمع اليوم ليس بحثاً عن الشرعية ولا لاستبدال شرعية بأخرى، بل هناك الشرعية الدولية"، بحسب بيان للرئاسة التونسية عن الاجتماع الذي عُقد بقصر قرطاج الرئاسي.
 
وشدد على أن "حل الأزمة الليبية لا يمكن أن يكون إلا من خلال الليبيين أنفسهم.. حتى تستعيد ليبيا عافيتها وأمنها وتبني مستقبلاً جديداً.. لا يمكن أن يؤسَّس على أنقاض الماضي".
 
وزاد قائلاً: إن "الشعب الليبي يرفض أن يكون تحت وصاية أي كان، ونتمنى أن نخرج بمبادرة يمكن أن تدعم الشرعية".
 
وقالت الرئاسة التونسية: إن هذا الاجتماع يلتئم "على أثر تفويض لرئيس الدولة (سعيّد) من المجلس الأعلى (الليبي) للتدخل العاجل لحقن الدماء ولمّ الشمل بين أبناء الوطن الواحد"، وفق البيان.
 
وتابعت: إن هذا التفويض يأتي "لما لمسه أعضاء المجلس لدى رئيس الجمهورية قيس سعيّد من مؤازرة للشعب الليبي في محنته، ووقوفه على مسافة واحدة من كل الأطراف، وحرصه على إيجاد حل للأزمة الليبية بعيداً عن التدخلات الخارجية وعن لغة السلاح".
 
 

ماذا تحمل زيارة أردوغان؟
 
وعن زيارة أردوغان المفاجئة لتونس، قال المحلل السياسي التركي حمزة تكين، في حديث مع "الخليج أونلاين"، إن هذه الزيارة بطبيعة الحال أهدافها عديدة، منها تعزيز العلاقات الثنائية بين تركيا وتونس، خصوصاً مع الأهمية الكبيرة التي تحظى بها تونس بالنسبة لأنقرة، خاصة في ظل التطورات المتسارعة فيما يخص ما يجري بشرقي البحر المتوسط.
 
وأضاف "تكين": إن "الهدف الثاني من الزيارة هو التنسيق بين الجانبين التركي والتونسي، فيما يتعلق بالتحركات التركية المقبلة في ليبيا لناحية دعم الشرعية عسكرياً وأمنياً ولوجيستياً وفنياً ضد مليشيات حفتر، وهذه الزيارة ستؤمّن هذا التنسيق الكبير بين أنقرة وتونس، وهو ما سيؤمّن نجاح أي تحرُّك".
 
وشدد على أن "هذه الزيارة ستعود بالفائدة على الحل في ليبيا ضد الانقلابي خليفة حفتر، وهذا يُظهر أن الدعم العسكري من تركيا لحكومة الوفاق بات قاب قوسين أو أدنى".
 
من جانبه، قال الكاتب السياسي التونسي محمد هدية، في حديثه مع "الخليج أونلاين": إن "الزيارة كانت متوقعة لدى عديد من الأوساط، خصوصاً بعد إمضاء تركيا وليبيا للاتفاق العسكري والحدودي (البحري)".
 
وأضاف: إنه "علاوة على الدور التركي المعلن والمرتقب واعتزام أنقرة التدخل بكل ثقلها من أجل إيجاد حل للأزمة الليبية، فإن تونس التي تمثل حدودها البرية مع ليبيا أكثر من 500 كم تبقى طرفاً رئيساً في مواجهة تداعيات كل ما يحدث بالجارة ليبيا"
 
وأشار "هدية" إلى أن "لقاء قيس سعيّد، الأسبوع الماضي، مع ممثلي القبائل والمدن الليبية، وحديثه عن الدور الطبيعي والمنطقي الذي لا بد من أن تلعبه تونس في كل تسوية أو حوار يتعلق بالأزمة الليبية، فهِمهما الرئيس أردوغان بشكل جيد، وسارع للقاء قيس سعيّد قبل أن تنطلق تركيا لتطبيق الاتفاقيات مع ليبيا بشكل فعلي".
 
ويزيد من أهمية هذه الزيارة، بحسب الكاتب التونسي، أن "أردوغان هو أول رئيس دولة يزور تونس بعد انتخاب قيس سعيّد وقبل حتى تشكيل الحكومة التونسية، وإذا علمنا أن أهم الصلاحيات التي يمنحها الدستور التونسي لرئيس الجمهورية هي الشأن الخارجي".
 
وأكد "هدية" أنه لذلك "اقتنص سعيّد فرصة كبيرة لممارسة صلاحياته الدستورية في تسطير السياسة الخارجية لتونس من أوسع الأبواب"، خصوصاً أن هناك بوادر تفيد بانطلاق "معركة" التنافس على الصلاحيات الدستورية بين رؤوس السلطة في تونس: رئاسة البرلمان، ورئاسة الحكومة المرتقبة، ورئاسة الجمهورية.
 
 

آخر الأخبار

اليابان تكتشف رواسب ضخمة من المعادن النادرة في أعماق المحيط الهادئ

اليابان تكتشف رواسب ضخمة من المعادن النادرة في أعماق المحيط الهادئ

كوكب المشتري يتألق في صورة بالأشعة فوق البنفسجية من وكالة ناسا

كوكب المشتري يتألق في صورة بالأشعة فوق البنفسجية من وكالة ناسا

العين والهرم على الدولار الأمريكي: رموز تاريخية أم أسرار خفية؟

العين والهرم على الدولار الأمريكي: رموز تاريخية أم أسرار خفية؟

عملة ترامب الرقمية: صعود استثنائي يثير الجدل في عالم العملات المشفرة

عملة ترامب الرقمية: صعود استثنائي يثير الجدل في عالم العملات المشفرة

ماذا يحدث إذا اختفى الأكسجين من الأرض لمدة 60 ثانية؟

ماذا يحدث إذا اختفى الأكسجين من الأرض لمدة 60 ثانية؟

Please publish modules in offcanvas position.