الصفحة 4 من 4
مراعاة الظروف
وعلى صعيد الدول العربية، تبحث الوزارات قرارات واردة بقوة لمراعاة ظروف التعلم عن بعد والأعباء التي تحملتها الأسر في العام الماضي عبر متابعة أبنائها في أثناء الحصص الإلكترونية، فأزمة كورونا فرضت على جميع الدول إعادة النظر بشأن التعليم الخاص والرسوم المتحصلة من أولياء أمور الطلبة، بعد احتجاجهم على رفع نسبة الخصومات في العام الدراسي القادم.
وفي لبنان أين يبلغ عدد المدارس الرسميّة (الحكومية) ألفا و235 مدرسة، تضمّ نحو 342 ألفا و304 طلاب، فيما يبلغ عدد المدارس الخاصّة (غير الحكوميّة) ألفا و209 مدارس، تضمّ نحو 558 ألفا و68 طالبا، تقف العائلات اللبنانية حائرة بين خيارين، إما تسجيل أبنائها للعام الدراسي المقبل في المدارس الخاصة، وإما تأمين المستلزمات الحياتية الأساسية، والأخير هو الخيار الأقرب.
وعلى مدى عقود طويلة، شكل التعليم الخاص في لبنان عنصرا أساسيا، خاصة لناحية تميزه ومعاصرته، حتى أنه كان مقصدا من الدول العربية المجاورة.
ويقول محمد شمس الدين الباحث في “الدوليّة للمعلومات”، “إن مدارس خاصّة أغلقت أبوابها، وجرى تسريح 6 آلاف معلم العام الماضي، على وقع الأزمة المتفاقمة التي يشهدها لبنان”.
وحذرت منظّمة “أنقذوا الأطفال” (غير حكومية، مقرها بريطانيا)، في تقرير، من كارثة تربويّة في لبنان. وقالت المنظمة، آنذاك، إن الأطفال اللبنانيين من الفئات الأكثر هشاشة (ماديا) يواجهون خطرا حقيقيّا بالانقطاع نهائيّا عن التعليم، على وقع انهيار اقتصادي في البلاد.
ترى الطويل أن “70 في المئة من الأهل لن يتمكّنوا من تأمين الأقساط المدرسيّة للمدارس الخاصّة، أو شراء الكتب والمستلزمات الدراسية، فضلا عن فقدان الحاجات اللوجستيّة كافّة في المنازل (لا كهرباء ولا إنترنت)”. وتدقّ الطويل ناقوس الخطر حيال تدهور مستوى التعليم، قائلة “إنّنا قادمون على كارثة تطيح بجيل كامل، إذا استمرّ المسؤولون في إهمال القطاع التربوي”.
ويقول رئيس مصلحة التعليم الخاص بوزارة التربية عماد الأشقر إن “كادر الإدارة المختصة في المدارس الرسمية (الحكومية) يعمل على موضوع القدرة الاستيعابية للطلاب، الذين سينتقلون (من التعليم الخاص) إلى التعليم الرسمي (شبه مجاني بنفقات رمزية)”.
وحول القدرة الاستيعابية للمدارس الحكومية، يرد الأشقر بأن “الموضوع جغرافي بامتياز، هناك مناطق قدرتها الاستيعابية كاملة، وأخرى وسط، ومناطق غير قادرة على الاستقبال”.
ويعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، ما فجر منذ 17 أكتوبر 2019، احتجاجات شعبية غير مسبوقة ترفع مطالب سياسية واقتصادية. ويقدر الأشقر أن ينتقل ما بين 100 و150 ألف طالب من مدارس خاصة إلى حكومية، وفق مديرين ومراقبين.
وتقول مديرة مدرسة لبنانية خاصة إن الإقبال على التسجيل، توضح أن “التسجيل حتى الآن صفر في المئة، ونحن بالفعل أمام خطر، ونستنجد بوزارة التربية”.
وترى أن “المدارس الرسمية غير مهيئة لاستيعاب النزوح من التعليم الخاص، على مستويات القدرة الاستيعابية وغياب التجهيزات للتلاميذ ذوي الصعوبات التعلميّة أو أصحاب الإرادات الصلبة، أو للكادر التعليمي”.
تقول مديرة إحدى المدارس الكاثوليكية في العاصمة بيروت إن “الكادر التعليمي وضع سيناريوهات عدة للعام الدراسي الذي يبدأ في سبتمبر”. وكأن اللبناني لا تكفيه الأزمات المعيشية التي أثقلت كاهله، لتأتي أزمة التعليم مهددة مستقبل أولاده.