انطلقت في تونس اليوم أولى جلسات المجلس الوطني للجهات والأقاليم، الغرفة البرلمانية الثانية، وسط جدل محتدم حول صلاحياته وعلاقته بمجلس نواب الشعب، ويأتي هذا المجلس كأحد ثمار دستور 2022، حاملاً معه آمالاً بتحقيق التوازن في التنمية بين مختلف جهات وأقاليم البلاد، وتعزيز الديمقراطية المحلية، إلا أن غياب قانون واضح ينظم العلاقة بين الغرفتين البرلمانيتين يثير تساؤلات حول مدى فعالية هذا المجلس الجديد وقدرته على أداء مهامه.
يتكون مجلس الجهات والأقاليم من 77 عضواً يمثلون مختلف المحافظات والأقاليم، ويتمتع بصلاحيات رقابية وتشريعية تتعلق بميزانية الدولة، مخططات التنمية، ومراقبة أداء الحكومة، ويعتبر البعض هذا المجلس خطوة هامة نحو تحقيق العدالة الترابية وتمكين الجهات من المشاركة في صنع القرار، بينما يرى آخرون أنه قد يؤدي إلى تداخل في الصلاحيات وتضارب في الاختصاصات مع مجلس نواب الشعب.
هذا ويعبر بعض النواب عن قلقهم من غياب قانون ينظم العلاقة بين المجلسين، مما يجعل مهام كل منهما ضبابية، ويطالبون بإصدار قانون يحدد بوضوح صلاحيات كل غرفة برلمانية، ويضمن عدم التضارب في الاختصاصات، وفي المقابل يرى خبراء في الحوكمة المحلية أن الدستور يحدد الخطوط العريضة لصلاحيات مجلس الجهات والأقاليم، وأن بإمكان الغرفتين تنظيم علاقتهما بشكل ذاتي قبل العطلة البرلمانية.
و لكن يبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن مجلس الجهات والأقاليم من تحقيق الأهداف المرجوة منه في ظل الجدل الدائر حول صلاحياته؟ هل سيساهم في تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق التوازن الإقليمي، أم سيتحول إلى ساحة جديدة للصراع السياسي؟ الإجابة على هذه التساؤلات ستتضح مع مرور الوقت، ومدى قدرة المجلس على تجاوز التحديات وتحقيق التوافق بين مختلف الأطراف.
يبقى الأمل معقودا على أن يكون هذا المجلس إضافة حقيقية للمنشومة التشريعية، وأن يساهم في بناء تونس جديدة قائمة على العدالة والتنمية المستدامة.
ايمان مزريقي