بمناسبة مرور 60 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الجمهورية التونسية وجمهورية الصين الشعبية، قام الرئيس التونسي قيس سعيّد بزيارة دولة إلى بكين، حيث كان في استقباله نظيره الصيني شي جينبينغ، وقد اتفق الجانبان خلال هذه الزيارة على إقامة علاقات شراكة استراتيجية بين البلدين، بهدف دفع العلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب ومستقبل أفضل.
وخلال المحادثات التي دارت في جو ودي وبناء، أكد الرئيسان حرصهما على احترام الخيارات الوطنية للشعبين الصديقين، وحرصهما على إقامة علاقات تعاون تقوم على مبادئ السيادة والمساواة والتضامن والمصلحة المشتركة، كما اتفقا على مواصلة تبادل الدعم في القضايا الجوهرية المتعلقة بمصالح البلدين، حيث جدد الجانب التونسي تأكيده التزامه بسياسة الصين الواحدة، واعترافه بشرعية حكومة جمهورية الصين الشعبية ممثلة شرعية وحيدة للصين، ودعمه لسيادتها على أراضيها، بما في ذلك تايوان وهونغ كونغ وشينجاينغ.
ومن جانب آخر، أعلنت تونس عن ترحيبها بمبادرة الرئيس الصيني شي جينبينغ الخاصة بالتنمية العالمية والأمن العالمي والحضارة العالمية، وانضمامها إلى مجموعة الأصدقاء لمبادرة التنمية العالمية. وتتطلع إلى العمل مع الصين لتعزيز التعاون في مبادرة الحزام والطريق، والاستفادة من المشاريع المشتركة المنجزة في هذا الإطار، كما أعربت عن تقديرها لالتزام الصين بدعم تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، وتثمينها لعلاقات الصداقة والتعاون بين الشعبين. وأكدت عزمها على التعاون في تنفيذ مشاريع استراتيجية في قطاعات الصحة والبنية التحتية والطاقة والنقل والبحث العلمي والفلاحة وغيرها.
وتم خلال اللقاء التشديد على أهمية تبادل الخبرات في مجالات الإدارة والحوكمة، وتعميق التبادل الثقافي والإنساني والبرلماني بين البلدين، بالإضافة إلى توسيع آفاق التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقات المتجددة والتكنولوجيا والتعليم والسياحة، وسيعمل الطرفان على وضع برامج مشتركة للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في الصحة والفلاحة والموارد المائية والاقتصاد الأخضر والرقمي والتصنيع.
وعلى الصعيد المتعدد الأطراف، اتفق الجانبان على إدانة الانتهاكات الصارخة ضد الشعب الفلسطيني، والمطالبة برفع الحصار عن غزة فورًا، ودعم حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة. كما أكدا التزامهما بالدفاع عن السلم والتنمية والعدل والديمقراطية وحقوق الشعوب في اختيار أنظمتها السياسية والاجتماعية، ومعارضة التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ودعا البلدين إلى تعددية أقطاب عالمية أكثر عدلاً وانتظاماً، وعولمة اقتصادية شاملة للجميع، وإلى بناء مجتمع مشترك للبشرية جمعاء.
واتفق الرئيسان كذلك على تعزيز التعاون في مجال مكافحة التغيرات المناخية، وتحقيق التنمية الخضراء، وضمان الأمن الغذائي، وحماية حقوق الأجيال القادمة، مع التشديد على أهمية تبادل الخبرات في الإدارة البيئية، والاستفادة من خبرات الصين في تطوير التقنيات الصديقة للبيئة.
وفي ختام اللقاء، جدد الطرفان التونسي والصيني التزامهما بالتعاون من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة لأجندة 2030، مع الحرص على العدالة الاجتماعية والتضامن.
هذا وقد وصف مراقبون هذه الزيارة بالتاريخية، وأنها تفتح آفاقا جديدة من التعاون المشترك بين البلدين الصديقين، خاصة في ظل الحرص المتبادل على تعميق أواصر الصداقة والشراكة الاستراتيجية.
إيمان مزريقي