في السادس من أكتوبر، تتجه أنظار التونسيين والعالم إلى صناديق الاقتراع في انتخابات رئاسية حاسمة قد تشكل منعطفا مهما في تاريخ البلاد، وفي وسط هذه الأجواء، يبرز اسم الرئيس الحالي قيس سعيد كمرشح ذو حضوظ قوية، مستندا إلى شعبيته المستمرة منذ توليه الرئاسة في 2019.
يوم تحسيسي ناجح حول الشركات الأهلية بحي الخضراء
قيس سعيد، الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدستوري، دخل المعترك السياسي من بوابة الأكاديميا ليصبح رمزا للإصلاح والنزاهة في أعين العديد من التونسيين، فخلال فترة رئاسته، تميز سعيد بخطاباته الحادة ضد الفساد ودعوته المتكررة إلى إعادة هيكلة النظام السياسي بما يخدم مصلحة الشعب.
ولعل من ابرز و أهم العوامل التى تعزز حضوظه نذكر اولا، الشعبية الجماهيرية التى يتخلى بها فبرغم الانتقادات التي وجهت إليه من بعض الأطراف، يتمتع قيس سعيد بشعبية كبيرة، خاصة بين الشباب والطبقات الفقيرة التي ترى فيه رمزا للتغيير والإصلاح.
ثانيا مكافحته الفساد، اذ جعل من مكافحة الفساد محورا رئيسيًا في برنامجه السياسي، وهو ما يلقى قبولا واسعا في ظل استياء الناس من الفساد المستشري في الإدارات والمؤسسات.
ثالثا الاستقلالية و عدم انتمائه لأي حزب سياسي مما عزز صورته كقائد مستقل، بعيد عن المصالح الحزبية الضيقة والتجاذبات السياسية.
عملية تسليم السلطة في هولندا: روته يغادر على دراجة هوائية
و لا تخلو هذه الحضور من عدة تحديات تواجهها، ومنها مواجهة الفساد، اذ يسعى جاهدا الى تحرير البلاد من براثن الفاسدين و الانتهازينن و من البيروقراطية و التنكيل بالشعب التونسي ، اذ يحارب اولا الفساد المؤسسي، و مما لا شك فيه بأن الفساد في تونس متجذر في المؤسسات الحكومية والإدارية، مما يجعل مكافحته تحديا كبيرا، وقد تمكن خلال فترة رئاسته من اتخاذ عدة إجراءات لمكافحة الفساد، منها إقالة عدد من المسؤولين المتورطين وتفعيل دور الهيئات الرقابية.
ثانيا، الفساد السياسي، ونقصد بذلك خاصة الأحزاب السياسية التى تعتبر جزءا كبيرا من المشكلة، حيث تتورط بعضها في صفقات مشبوهة وممارسات غير قانونية، و يسعى جاهدا إلى تقليص نفوذ هذه الأحزاب من خلال تعزيز دور القضاء المستقل وتفعيل القوانين الرادعة.
ماكرون يثير الجدل قبيل الانتخابات بتغييرات إدارية كبيرة
هذا و تواجه جميع الأحزاب السياسية التقليدية تراجعا في شعبيتها، نتيجة عدم قدرتها على تقديم حلول ناجعة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وفي المقابل، تظهر أحزاب جديدة وشخصيات مستقلة تسعى لاستغلال هذا الفراغ، لكن التحدي الأكبر يبقى في كيفية تقديم برامج واقعية ومقنعة للناخبين.
و يبقي الأمل متجدد نحو السير خطوة خطوة لبناء ديمقراطية حقيقية تلبي متطلبات الشعب المقهور، ومن ذلك نذكر اولا، الإصلاحات الدستورية 25 جويلية 2022، فمنذ توليه الرئاسة، دعا قيس سعيد إلى إجراء تعديلات دستورية تهدف إلى تعزيز الديمقراطية المباشرة وتقليص دور الأحزاب في الحكم، برغم اعتقاد البعض بان النظام السياسي الحالي، المبني على التوازن بين السلطات، يحتاج إلى إعادة نظر لتحقيق فعالية أكبر واستجابة أفضل لمطالب الشعب.
فيرجي شامبرز ينفي صلته بشركة الرعاية ويعلن دعمه الفردي للنادي الإفريقي
ثانيا، تعزيز دور الشباب، اذ يؤمن سعيد بأن الشباب هم عماد المستقبل، ولهذا يسعى إلى إشراكهم بشكل أكبر في الحياة السياسية من خلال برامج تعليمية وتدريبية تهدف إلى تأهيلهم للقيادة.
ختاما، الانتخابات الرئاسية في تونس في السادس من أكتوبر تشكل لحظة حاسمة في مسار البلاد نحو تحقيق الديمقراطية الحقيقية، مع حضوظ قوية للرئيس الحالي قيس سعيد، يبقى التحدي الأكبر في كيفية تحقيق وعوده بمكافحة الفساد وإصلاح النظام السياسي، في ظل هذه الظروف، يبقى الأمل معقودا على وعي الناخبين وإرادتهم في اختيار من يمثلهم بأمانة ويسعى لتحقيق طموحاتهم المشروعة.
إيمان مزريقي
