أكدت مصادر مقربة من رئيس الحكومة الحبيب الصيد، أن هذا الأخير سيقدم استقالته لرئيس الدولة، الباجي قائد السبسي، بمجرد الإعلان عن رئيس الحكومة الجديد، الذي سيكلفه الرئيس السبسي بتشكيل الحكومة المقبلة، التي هي محل مشاورات حول أولوياتها وهيكلتها، بين مؤسسة الرئاسة وعدد من الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية.
ذات المصادر أكدت أن الحبيب الصيد أبدى تجاوبا مع مبادرة الرئيس، كما حرص على عدم إحداث فراغ في إدارة الدولة، من خلال التسرع في تقديم استقالة حكومته، مشيرا إلى أنه (الصيد) يبقى دائما على ذمة الدولة التونسية حتى انتهاء مهامه، وفق تعبير مصدرنا.
رئيس حكومة جديد
اللقاء الدوري المبرمج للليوم الاثنين القادم، بين كل من رئيس الدولة ورئيس الحكومة، سيكون حاسما بعد أن أعلن الرئيس السبسي صراحة عن صعوبة استمرار العمل بينه وبين رئيس الحكومة الحالي، وأشار إلى أن الأمر سيتم في كنف احترام الدستور، ردا على اتهامات وجهت له بأنه بصدد تجاوز أحكام الدستور.
يرشح أن يكون لقاء الاثنين الأخير، حيث علمنا من مصادر مطلعة، أن الرئيس قائد السبسي سيعلن خلال الأسبوع المقبل عن الشخصية التي سيقع تكليفها برئاسة الحكومة، وقد أكد السبسي في أكثر من مناسبة على أن رئيس الحكومة الجديد سيكون معلوما قبل نهاية رمضان.
وهنا علمنا أن السبسي يتجه نحو تكليف شخصية جديدة، وليس رئيس الحكومة الحالي الحبيب الصيد، وهو ما أكدته مصادر رسمية تشرف على إدارة المشاورات والحوارات، حول مباردة الرئيس السبسي الداعية لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
ما يدعم قرار رحيل الحبيب الصيد، هو إقدام سبعة من وزراء حكومته – كلهم ينتمون لحزب نداء تونس - على إصدار بيان عبروا فيه على أن "حكومة الوحدة الوطنية هي السبيل المثلى للخروج بالبلاد من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الصعبة التي تعيشها. ".. كما ندد بيان الوزراء السبعة "ببعض المحاولات الساعية إلى التشويش والتشكيك في نجاح المبادرة الرئاسية.
ما يرجح إقدام الصيد على تقديم استقالته، أنه لا يرغب في الدخول في "لي ذراع" مع الرئاسة، وفق تأكيدات مصادرنا مقربة منه، كما أنه أصبح يدرك جيدا أن حكومته قد فقدت السند السياسي بعد إعلان الرئيس السبسي عن صعوبة التواصل معه، الذي تلاه إقدام سبعة وزراء على تقديم ما يشبه استقالتهم من الحكومة، في إشارة إلى انعدام التضامن مع رئيس الحكومة والانخراط في الدعوات المطالبة برحيله، التي يتزعمها بالأساس حزب "نداء تونس".
النهضة لا تتمسك بالصيد
كما لم تبدِ بقية أحزاب الائتلاف الحاكم الأخرى مساندة فعلية لرئيس الحكومة الحالي، خاصة موقف حركة "النهضة" الإسلامية (الكتلة الأولى في البرلمان)، الذي غلبت عليه المناورة، قصد تحسين شروط التفاوض، للرفع من تمثيلها في الحكومة المقبلة، من خلال حرصها على أن تكون الحكومة القادمة تراعي حجم الأحزاب في البرلمان، وفق ما أكد عليه كل قادة "النهضة".
وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد أكد في مقابلة مع قناة "الزيتونة" (قريبة من النهضة) أن حركة النهضة ستكون حاضرة في تركيبة حكومة الوحدة الوطنية، مشيرا إلى أن مبادرة رئيس الجمهورية فيها مسعى لبعث نفس جديد للعمل الحكومي، كما أن تشخيصها لأداء الحكومة الحالية، هو تشخيص موضوعي، يحتوي على الجانب الإيجابي، ويحتوي أيضا على الجانب السلبي، وبالخصوص في الجانب الاقتصادي.
وأوضح الغنوشي أن هناك أطروحتين قيد النقاش إما تجديد الحكومة وتغيير رئيسها، أو القيام بتحوير وزاري، ولكن الاتجاه الأكثر ترجيحا هو تغيير رئيس الحكومة، والفريق الوزاري.
في ذات السياق، دعا محسن مرزوق المنسق العام لحزب حركة "مشروع تونس"، رئيس الحكومة الحبيب الصيد وبقية أعضائها، إلى الاستقالة في أقرب وقت ممكن، والتحول الى فريق تصريف أعمال، إلى حين تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة، قائلا "أتمنى أن تصدر المبادرة من الحبيب الصيد وأن يعلن استقالته قريبا".
تغيير "سلس وبدون تشويش"
وقال مرزوق، في تصريح السبت لوكالة تونس إفريقيا للأنباء الرسمية، إن موقفه يأتي "على خلفية الغموض الذي أصبح يشوب الحياة السياسية في الفترة الأخيرة، وبروز علامات التوتر بين مؤسستي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة".
في إشارة إلى التصريحات التي جاءت على لسان خالد شوكات الناطق الرسمي باسم الحكومة، الذي أكد فيها أن الحكومة لن تستقيل، واعتبر أن طرح مسألة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية يجب أن تناقش بمجلس نواب الشعب وليس لدى رئاسة الجمهورية .
وأكد على أن دعوة رئيس الحكومة إلى الاستقالة "هي من باب الحفاظ على علاقات الاحترام والتناسق بين مؤسستي رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، فضلا عن الحفاظ على مقام رئيس الحكومة الذي قال إنه "عمل بتفان من أجل إنقاذ البلاد"، مبرزا ضرورة أن يجري تغيير الحكومة "بسلاسة ودون تشويش".
كما تطرق إلى البيان الذي أصدره أمس الجمعة أعضاء الحكومة عن حركة نداء تونس، والذي جددوا فيه مساندتهم المطلقة لما جاء في مبادرة رئيس الجمهورية المتعلقة بتشكيل حكومة وحدة وطنية، لافتاً إلى أن البيان يتناقض ومواقف عدد من الوزراء الذين بدوا، حسب تعبيره، "متشبثين بمواقعهم في صلب الحكومة"، بما يترجم "غياب التضامن الحكومي في الحكومة الحالية"، وهو ما انعكس سلبا على عمل مؤسسات الدولة باعتبارها تعيش "حالة انتظار وجمود"، وفق تقديره.