في مثل هذا اليوم، 10 أكتوبر، يحيي التاريخ ذكرى وفاة علي بن محمد بن غذاهم الماجري، القائد الشجاع لانتفاضة 1864 ضد نظام محمد الصادق باي، والتي تجسدت في صراع مرير من أجل الحرية والكرامة. وُلِد علي بن غذاهم في سنة 1814 بكرّاكة حلق الوادي، وبرز كقائد لثوار من قبيلة ماجر، مُجسّدًا آمال الشعب التونسي في مواجهة الظلم والضرائب الفادحة.
مقالات ذاة صلة:
هواري بومدين: القائد الثوري الذي ارتقى بالجزائر إلى مصاف الدول الحديثة
بوتفليقة: الزعيم الذي حكم الجزائر على كرسيّ متحرّك
جمال عبد الناصر: ذكرى وفاة الزعيم المصري الذي ترك بصمة خالدة في التاريخ
البداية: من الضريبة إلى الانتفاضة
كان السبب الرئيسي لاندلاع الانتفاضة هو مضاعفة الدولة لضريبة المجبى من 36 ريالا إلى 72 ريالا تونسيا، وهو ما أغضب العديد من القبائل التي وجدت نفسها محاصرة بعبء مالي ثقيل. فاندلعت الشرارة في ربيع 1864، حيث تمرّدت قبائل وسط وغرب البلاد وامتدت الانتفاضة إلى مناطق الساحل والجنوب، مُظهرةً تلاحمًا وطنيًا ضد الاستبداد.
أزمة القيادة
ومع ذلك، لم تدم هذه الوحدة طويلاً. بدأت الخلافات تظهر بين القادة، خصوصًا بين علي بن غذاهم وفرج بن دحر الرياحي، مما ساهم في تفكك صفوف الثوار. استغلت بعض القبائل الفوضى لمهاجمة خصومها، مما أضعف موقف الانتفاضة، وسمح لقوات الباي بالتدخل واستعادة السيطرة.
دور الوساطة
استُخدمت الوساطة لتخفيف التوتر، حيث قام الشيخ مصطفى بن عزوز بجمع القادة الثائرين ونجح في إقناع الباي بإعادة تخفيض الضرائب. ورغم ذلك، كانت نوايا الباي مُلتبسة، إذ استغل الوضع لتحقيق مصالحه الشخصية، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع.
نهاية مسار المقاومة
مع تقدم الأحداث، شهدت الانتفاضة تراجعات مستمرة، مما جعل علي بن غذاهم يواجه العديد من التحديات، منها الانقسام الداخلي والتحركات المعادية. في نهاية المطاف، فرّ إلى الجزائر بعد هزيمته، إلا أن الآمال في عودته إلى ساحة النضال لم تتحقق.
القبض والموت في السجن
تسلل علي بن غذاهم إلى تونس في محاولة لاستعادة قواه، ولكن تم القبض عليه بفضل مكيدة محكمة من الباي، وتعرض لمعاملة سيئة في السجن. وقد تم نقله إلى سجن الكرّاكة حيث قضى آخر أيامه في ظروف قاسية. تشير التقارير إلى أنه توفي مسمومًا في 10 أكتوبر 1867، ليُغلق بذلك فصل من فصول النضال ضد الاستبداد، لكنه يبقى رمزًا خالدًا للمقاومة في الذاكرة الجماعية التونسية.
إرث لا يُنسى
ترك علي بن غذاهم بصمة لا تُمحى في تاريخ تونس، فهو القائد الذي واجه قسوة النظام بشجاعة لا تلين. تظل ذكراه حية في قلوب التونسيين، وتُذكّرنا بأهمية الكفاح من أجل العدالة والحرية، وتحدي الظلم مهما كان الثمن.