دعا رئيس الجمعية الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان، رضا كرويدة، إلى تطبيق حازم للقانون، ولا سيما الفصل 171 الذي يتناول مكافحة العصابات المتورطة في استغلال الأطفال، النساء، وكبار السن في التسول. في تصريح له للإذاعة "الوطنية" يوم الخميس 5 ديسمبر 2024، شدد كرويدة على خطورة ظاهرة التسول التي شهدت انتشارًا واسعًا في تونس، مشيرًا إلى تأثيراتها السلبية على صورة البلاد وأمنها الاجتماعي.
مقالات ذات صلة:
الوجه المظلم للتسوّل في تونس: 20 ألف متسول وعصابات الإتجار بالبشر
التسول في تونس: أزمة اجتماعية تتجاوز الفقر إلى استغلال إنساني
لا أحد فوق القانون: رسالة حازمة من رئيس الجمهورية إلى من تسول له نفسه تحقير الوطن
الجانب المظلم لهذه الظاهرة
أكد كرويدة أن ظاهرة التسول لم تعد مجرد مشكلة اجتماعية بل باتت تهدد هيبة الدولة وأمن المجتمع. وأشار إلى أن الدخل اليومي لبعض المتسولين قد يصل إلى 150 دينارًا، وهو رقم يُظهر الاستغلال الكبير لهذه الأنشطة، وخاصة الأطفال. ولفت إلى أن تونس الكبرى وحدها تضم ما بين 4500 و5000 متسول، 60% منهم من النساء، ما يعكس الطابع المنتشر لهذه الظاهرة، والتي أصبحت أكثر تعقيدًا جراء العصابات التي تديرها، وتستغل الأوضاع الاجتماعية الهشة لفئات معينة من المجتمع.
الاستغلال والتهديد المزدوج للأطفال
ما أثار قلق كرويدة بشكل خاص هو استغلال الأطفال في التسول، وهو ما يُعد جريمة مزدوجة. فعلى الرغم من أن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للاستغلال، إلا أن القانون الحالي، وفقًا لتصريحات كرويدة، لا يتسم بالفعالية الكافية لمواجهة هذه العصابات. وأضاف أن هناك حاجة ملحة لمراجعة استراتيجيات التعامل مع هذه الظاهرة، مع التركيز على حماية الأطفال، وعدم الاكتفاء بإشعار الجهات المعنية فقط.
نداء للحكومة والمجتمع المدني
وإزاء هذه الأزمة، طالب رضا كرويدة الوزارات المعنية، مثل وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الأسرة والمرأة، بالتدخل العاجل وتشكيل لجنة مخصصة لمكافحة هذه الظاهرة بشكل ممنهج. ورغم الإشارة إلى الجهود الملموسة التي تبذلها وزارة الداخلية في التصدي لهذه الظاهرة، إلا أن كرويدة شدد على ضرورة تكثيف التعاون والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية لمكافحة هذه الظاهرة. وأكد أن النجاح في هذه المهمة يتطلب تضافر الجهود الحكومية مع المبادرات المجتمعية لتوفير الحماية اللازمة للأطفال والعائلات المتأثرة.
تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة
ظاهرة التسول، خاصة في تونس الكبرى، لا تقتصر تداعياتها على الجانب الأمني فقط، بل تمتد إلى التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الأوسع. فقد أصبحت هذه الظاهرة تمثل مصدر قلق لمجموعة من الأطراف الاجتماعية والسياسية، التي ترى فيها أحد مظاهر الفقر المدقع والبطالة التي تعاني منها فئات واسعة من المجتمع. كما أن استمرار التسول في شكل عصابي يزيد من تعقيد الوضع ويؤثر سلبًا على التوازن الاجتماعي في البلاد.
ضرورة إعادة النظر في السياسات الاجتماعية
يظل حل مشكلة التسول في تونس قضية معقدة، تستدعي التنسيق بين السلطات المعنية والمجتمع المدني. وتعد مكافحة استغلال الأطفال والنساء في التسول من الأولويات التي لا يمكن تأجيلها، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة. سيكون من الضروري أن تترجم التصريحات والتحذيرات إلى إجراءات عملية وفعالة، لضمان حماية الأفراد الأكثر ضعفًا في المجتمع من الاستغلال والانتهاك.