نشرت مؤسسة كونراد آديناور بالتعاون مع مركز المسيرين الشبان ومعهد "وان تو وان" والجمعية التونسية للموارد البشرية دراسة بعنوان "رهانات المؤسسة التونسية وتحديات المستقبل"، والتي تسلط الضوء على أبرز القضايا التي تواجه المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس. أُجريت الدراسة على عينة من 1002 مؤسسة، تتراوح أعداد موظفيها بين 6 و199 شخصًا، وتم تنفيذها عبر مكالمات هاتفية في شهري سبتمبر وأكتوبر 2024.
مقالات ذات صلة:
دراسة: 78% من الأطباء المقيمين مستعدون للعودة إلى تونس بشروط
دراسة تربط بين تناول المشروبات الساخنة وزيادة خطر الإصابة بسرطان المريء
الواقع الحالي للمؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس
وفقًا للتصريحات التي أدلى بها يوسف المؤدب، مدير عام معهد "وان تو وان"، فإن الدراسة كشفت عن أن حوالي 20 ألف مؤسسة صغرى ومتوسطة تعمل في تونس، موزعة بشكل غير متوازن عبر مختلف المناطق. 44% من هذه المؤسسات توجد في تونس الكبرى، 13% في الشمال الشرقي، 14% في صفاقس، 18% في الساحل، بينما تتوزع النسبة المتبقية على الشمال والوسط الغربيين والجنوب. كما أظهرت الدراسة أن 35% من المؤسسات توظف بين 6 و9 موظفين، و29% منها توظف بين 10 و19 موظفًا، مما يشير إلى أن 68% من المؤسسات توظف أقل من 20 شخصًا.
ومن المثير للاهتمام أن المؤسسات الصناعية تمثل النسبة الأكبر من المؤسسات الكبرى، حيث تشكل 81% من المؤسسات التي تضم أكثر من 100 موظف.
التحديات الكبرى: التوظيف، الموارد البشرية، والابتكار
أحد أبرز التحديات التي تم الكشف عنها في الدراسة هو الصعوبة التي تواجهها العديد من المؤسسات في توظيف والحفاظ على الموظفين. 50% من المؤسسات الصغرى والمتوسطة تجد صعوبة في الانتداب، بينما 71% منها تعاني من مشاكل في الحفاظ على موظفيها، خاصة في المؤسسات التي تركز على التصدير. وأشار المؤدب إلى أن ثلثي المؤسسات قد وضعت استراتيجيات تهدف إلى تحسين الإنتاجية وتعزيز القدرة على الاحتفاظ بالموظفين، وهو أمر ضروري لضمان استدامة الأعمال في المستقبل.
التمويل: العائق الأكبر أمام النمو
فيما يتعلق بالتمويل، أظهرت الدراسة أنه لم يتم تسجيل أي زيادة ملحوظة في المشاريع الاستثمارية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة في عام 2023. ففي حين استثمرت 30% من هذه المؤسسات في الرقمنة، و25% في أسطول النقل، و23% في البنية التحتية، فإن العديد من المؤسسات لا تزال تواجه تحديات كبيرة في تأمين التمويل.
وفقًا للدراسة، طلبت 28% من المؤسسات التمويل البنكي، إلا أن 38% من هذه الطلبات تم رفضها، بينما تم رفض 42% من طلبات التمويل بشكل عام. وفي المقابل، طلبت 18% من المؤسسات تمويلات من مؤسسة الإيجار المالي، وتمت الموافقة على 73% من هذه الطلبات.
التحديات المستقبلية: ارتفاع نسبة الفائدة المديرية
من جانب آخر، أشار عماد القروي، رئيس مركز المسيرين الشبان، إلى أن ارتفاع نسبة الفائدة المديرية قد شكل عائقًا إضافيًا أمام إقبال المؤسسات الصغرى والمتوسطة على طلب القروض للاستثمار، مما يزيد من تعقيد قدرة هذه المؤسسات على النمو والتوسع.
نظرة مستقبلية: التفاؤل مع الحذر
رغم هذه التحديات، أظهرت الدراسة أن 77% من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس متفائلة بمستقبل أعمالها. 57% من المؤسسات تعتزم إجراء استثمارات جديدة في عام 2025، ما يعكس رغبة قوية في التكيف مع المتغيرات وتطوير نشاطاتها، خاصة في مجالات الرقمنة والبنية التحتية.
وفي الختام، تؤكد هذه الدراسة على ضرورة توفير حلول عملية وملموسة لتسهيل تمويل المؤسسات، مع التركيز على تحسين بيئة العمل وتوفير دعم مستمر للموارد البشرية، لضمان استدامة نمو المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس.