لا يخفي النقابيون التونسيون خشيتهم من محاولات حركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي اختراق منظمتهم النقابية، الاتحاد العام التونسي للشغل، وذلك عشية اقتراب موعد عقد المؤتمر الثالث والعشرين للاتحاد الذي ستجرى أعماله أيام 22 و23 و24 و25 جانفي الجاري بتونس العاصمة.
تونس - اعتبر قاسم عفية، الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالعلاقات الدولية والهجرة، أن حركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي، فشلت في “افتكاك” منظمته النقابية، ولكنه حذر من استمرار محاولاتها الهادفة إلى اختراق الاتحاد العام التونسي للشغل من الداخل.
ومع اقتراب موعد المؤتمر الثالث والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، المقرر عقده أيام 22 و23 و24 و25 جانفي الجاري بتونس العاصمة، صعد قاسم عفية من انتقاداته واتهاماته لحركة النهضة الإسلامية التي تخفي سعيها لمحاولة “احتواء” أو “اختراق”، أو “تدجين” هذه المنظمة النقابية التي تعتبر واحدة من أهم المنظمات الوطنية في البلاد.
ولم يستبعد في تصريحات نشرت، الخميس، سعي بعض الأطراف السياسية والأحزاب إلى محاولة فرض بعض الأسماء الموالية لها في تشكيلة المكتب التنفيذي الجديد للاتحاد العام التونسي للشغل التي ستنبثق عن المؤتمر العام الثالث والعشرين المرتقب بعد يومين.
وقال “من الوارد جدا أن تسعى الأحزاب إلى التدخل في شأن الاتحاد العام التونسي للشغل، وهذا أمر خبرناه منذ زمن بعيد، لكن المشكلة الكبيرة هو ما حصل يوم 5 ديسمبر من العام 2012، والاعتداء على الاتحاد وعلى عدد من قيادته، وقد ثبت بالأدلة والبراهين تورط عدد من النقابيين التابعين لحركة النهضة، ومع ذلك لم تتم محاسبتهم”.
وبلغة حملت الكثير من علامات التحذير، اعتبر قاسم عفية في تصريحاته، أن هذا “التساهل من شأنه فتح الباب على مصراعيه أمام حركة النهضة لتتحكم في جزء من الاتحاد العام التونسي للشغل”.
ولم يكتف بذلك، وإنما ذهب إلى حد التحذير من أن ذلك من شأنه تمكين حركة النهضة الإسلامية من “اختراق المنظمة النقابية من الداخل بعد أن فشلت في افتكاكها بالعنف”، وذلك في إشارة إلى الاعتداءات التي تعرض لها الاتحاد العام التونسي للشغل خلال فترة حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة الإسلامية.
ويرى مراقبون أن ما ورد على لسان قاسم عفية يعكس حالة السجال النقابي الدائر عشية المؤتمر الثالث والعشرين للاتحاد، كما يؤكد أن حركة النهضة الإسلامية ليست في وارد التخلي عن محاولتها اختراق هذه المنظمة النقابية التي استعصت عليها، وتصدت لها خلال السنوات الماضية.
وبدأت تلك المحاولات في العام 2012، وتكثفت في العام 2013، عندما عمدت حركة النهضة الإسلامية إلى تأسيس منظمة نقابية جديدة تحت اسم “المنظمة التونسية للشغل”، وذلك في إطار سعيها إلى إضعاف الاتحاد العام التونسي للشغل، ومحاولة كسر تمثيله للعمال في البلاد.
وقد استغلت حركة النهضة قوانين قامت بتمريرها تتعلق بالسماح بالتعددية النقابية، لتأسيس هذه المنظمة النقابية الجديدة من خلال تجميع البعض من النقابيين الذين شكلوا في وقت سابق ما وصف بـ”جبهة تصحيح المسار النقابي”، حيث انسلخوا عن الاتحاد العام التونسي للشغل، والإعلان عن “المنظمة التونسية للشغل” في 26 أوت 2013.
وكان لافتا في ذلك الوقت، حضور عضوين من المجلس الوطني التأسيسي عن حركة النهضة الإسلامية، في المؤتمر الصحافي الذي تم خلاله الإعلان الرسمي عن تأسيس هذه المنظمة النقابية برئاسة محمد لسعد عبيد.
غير أن هذه المنظمة النقابية ذات المرجعية الإسلامية لم تنجح في مهمتها، أي إضعاف الاتحاد العام التونسي للشغل، ومع ذلك لم تتوقف حركة النهضة الإسلامية عن محاولاتها اختراق هذا الاتحاد رغم الحديث عن إمكانية حصولها على عضوية المكتب التنفيذي الجديد للاتحاد العام التونسي عبر أحد المرشحين للمؤتمر المرتقب، ينظر إليه على أنه من أنصارها.
ولعله، لهذا السبب بالذات، لم يتردد قاسم عفية في التحذير من خرق القوانين الداخلية للاتحاد العام التونسي للشغل، قائلا إن ذلك “قد يؤدي إلى تصدّع بيت الاتحاد”، وذلك في إشارة إلى تزايد الحديث عن أهمية التوافق خلال المؤتمر المرتقب الذي سيتم خلاله انتخاب 13 عضوا للمكتب التنفيذي الوطني، و5 أعضاء للجنة الوطنية للنظام الداخلي، و5 أعضاء للجنة الوطنية للمراقبة المالية.
وبحسب بوعلي المباركي، الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، ورئيس لجنة الإعداد للمؤتمر الـ23 للاتحاد، فإن أكثر من 550 نقابيا سيشاركون في هذا المؤتمر الذي ستجري أعماله تحت شعار”الولاء لتونس والوفاء للشهداء والإخلاص للعمال”.
وأكد أن الهيئة المشرفة على تنظيم هذا المؤتمر قررت عدم توجيه الدعوة للرئاسات الثلاث، أي الرئيس الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، ورئيس البرلمان محمد الناصر، لحضور الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، وذلك “حتى تحافظ المنظمة على استقلاليتها وعلاقتها المتوازنة مع الجميع ووقوفها على نفس المسافة من كل القوى”.
وفيما ترى الأوساط السياسية التونسية أن مؤتمرات الاتحاد العام التونسي للشغل وخاصة عملية انتخاب قيادته المركزية، عادة ما تخضع لمبدأ الوفاق الذي تصنعه التوازنات داخل هذه المنظمة النقابية، أشار بوعلي المباركي إلى أن الحديث عن قائمة توافقية تضم بعض الأسماء من المكتب التنفيذي الحالي، يبقى من بين الخيارات المطروحة لكن الكلمة الفصل ستكون للمؤتمرين.