اختر لغتك

القارة السمراء تأبى أن تغير عاداتها

القارة السمراء تأبى أن تغير عاداتها

القارة السمراء تأبى أن تغير عاداتها

أزمات تحكيمية وتنظيمية شوهت صورة أمم أفريقيا.

عاشت الجولة الأولى من مرحلة المجموعات لبطولة كأس الأمم الأفريقية المقامة في الكاميرون حاليا وتستمر حتى السادس من فبراير المقبل على وقع أزمات طغت على الجوانب الفنية للمباريات. وأثارت هذه الأزمات علامات الاستفهام حول الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “الكاف”، خصوصا أن الانتقادات ستوجه بشكل واضح إلى الكاميروني صامويل إيتو رئيس اتحاد الكرة في بلاده والذي أصر على إقامة البطولة رغم رفض السويسري جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي “فيفا”، حيث كان يفضل تأجيلها. وشهدت البطولة أزمات ترتبط بالكاف والاتحاد الكاميروني بشكل مباشر.

ياوندي- انطلقت كأس أمم أفريقيا 2021 بعد فترة طويلة من الشد والجذب وشكوك حول قدرة الكاميرون على استضافتها، فضلا عن تحفظ الأندية الأوروبية على موعدها الذي يأتي في منتصف الموسم الكروي.

وكان النجم السابق صامويل إيتو رئيس الاتحاد الكاميروني لكرة القدم أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن حق القارة في إقامة بطولتها الخاصة بالمنتخبات، متحديا كل من طالب بتأجيلها أو إلغائها، لكن يبدو أن بلاده خذلته بتنظيم مخيب للآمال.

وتأبى البطولات الأفريقية أن تغير عادتها؛ فرغم أن كأس الأمم الأفريقية المقامة حاليا في الكاميرون اختتمت أولى جولاتها، فإنها وقعت في أخطاء تنظيمية بالجملة وفضيحة تحكيمية كبيرة.

وشهدت هذه الجولة كارثة تحكيمية كان بطلها الزامبي جاني سيكازوي الذي أدار مباراة تونس ومالي، إذ قرر بشكل مفاجئ إنهاء المباراة في الدقيقة الـ85، قبل أن يقرر استكمال اللقاء بعد اعتراض الطاقم الفني لمنتخب تونس بقيادة المدرب منذر الكبير.

وكرر سيكازوي الأمر ذاته مجددا بعد أن أنهى المباراة قبل نهاية الوقت الأصلي بـ10 ثوان، معلنا فوز مالي بهدف نظيف من دون أن يعلن عن الوقت المحتسب بدلا من الضائع (قُدر بـ7 دقائق)، رغم توقف اللقاء لعدة دقائق لمراجعة تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار).

حادثة أثارت انتقادات عديدة، خصوصا من التونسيين الذين كانوا منهزمين بهدف واحد ويمنون النفس بتعديل النتيجة في الدقائق المتبقية، خصوصا لكونهم يلعبون بتفوق عددي إثر طرد اللاعب المالي البلال توري في الدقيقة الـ87 من عمر المباراة.

وتعليقا على ما وقع قال نجم كرة القدم التونسي طارق ذياب “لم يكن حكم المباراة بكامل مداركه العقلية. يبدو أنهم غيروه وانتدبوا الحكم الرابع، لأن الظاهر بأنه (تناول الكحول)، وما حدث اليوم كان مهزلة بكل معنى الكلمة”.

ومضيفا بأن “حكم المباراة كانت لديه مشكلة، وكان من المفترض أن ينبهه جميع مساعديه، لأنه لم يحتسب 8 دقائق وقت بدل من الضائع لم يحتسبها، وقتل المباراة بإطلاق صافرته بشكل متكرر، ولا تنقصنا في أفريقيا مثل هذه المشاكل”.

إثارة الجدل

لم تكن مباراة تونس ومالي الأولى التي تثير الجدل للحكم سيكازوي في مسيرته، فقد تم إيقافه من قبل بعد مباراة في دوري أبطال أفريقيا. وتعود الحادثة لمباراة نصف النهائي في دوري الأبطال 2018 التي جمعت الترجي بأول أغسطس الأنغولي، حيث تعرض سيكازوي لموجة من الانتقادات بسبب طريقة إدارته للقاء، وفي النهاية تم إيقافه للاشتباه في الفساد.

وقد يتعرض سيكازوي للإيقاف من قبل الاتحاد الأفريقي من جديد بعد ما فعله في مباراة تونس ومالي في كأس الأمم الأفريقية، خاصة أن الكاف أسند المباراة للحكم الرابع عند قراره استكمالها.

وكانت البداية في ظهور اسم سيكازوي للكرة المصرية عندما ألغى مباراة الأهلي والقطن الكاميروني في نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا عام 2013 بسبب هطول الأمطار وتمت إعادتها في اليوم التالي.

كما تغاضي الحكم عن احتساب ضربة جزاء لصالح منتخب مصر بعد عرقلة لمحمد صلاح مهاجم الفراعنة أثناء مواجهة نيجيريا في تصفيات أمم أفريقيا المؤهلة لبطولة 2017.

وتسبب في حالة من الغضب داخل جماهير الكرة المصرية بسبب قراراته في مباراة مصر والكاميرون بنهائي كأس أمم أفريقيا 2017 والتي فاز بها الأسود بهدف وحيد.

ويبرز اسم الحكم الزامبي بشدة في تاريخ الكرة الأفريقية بسبب ارتباطه بأزمة مباراة نهائي دوري أبطال أفريقيا في عام 2019 بين فريقي الترجي التونسي والوداد البيضاوي المغربي. وكان سيكازوي قد تواجد حكما لتقنية الفار والتي تسبتب في مشكلة كبيرة بسبب مطالبة لاعبي الوداد المغربي باحتساب هدف تم إلغاءه ولم تستكمل المباراة واحتسب اللقاء بفوز الترجي وقتها.

وتعد الذكرى الأخيرة للحكم مع الكرة المصرية عندما تولى إدارة مباراة الأهلي أمام صن داونز في إياب ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا الأخيرة بجنوب أفريقيا وانتهت بالتعادل بين الفريقين 1 – 1.

وقال بوشعيب لحرش الحكم الدولي المغربي السابق إنه فوجئ بالخطأ الذي ارتكبه الحكم جاني سيكازوي في مباراة تونس ومالي، بعد إعلانه نهاية المباراة في مناسبتين قبل الوقت القانوني المطلوب. وأضاف لحرش في تصريح صحافي “أعرف أن الحكم سيكازوي جيد، وسبق أن قاد مباريات في محافل دولية ككأس العالم، لكنه ارتبك في هذه المباراة في مناسبتين على مستوى توقيت نهاية المواجهة”.

وتابع “أعتقد أن ساعته لم تكن مضبوطة، وهنا حصل الإشكال لعدم ضبط الوقت، بداية مشكلة الوقت ظهرت عندما تواصل مع الحكم الرابع بشأن الوقت بدل الضائع”. وأوضح بوشعيب “كان على الحكم الرابع أن ينبه سيكازوي بأن الوقت مبكر للإعلان على الوقت بدل الضائع”.

وختم “الحكم طلب للمرة الثانية من اللاعبين العودة للملعب لاستكمال المباراة، لكن المنتخب التونسي لم يعد، هنا القانون يؤكد أن اللاعبين ورغم أنهم عادوا لغرف الملابس، إلا أنهم مازالوا تحت سلطة الحكم سيكازوي الذي في رأيي قد وضع اللجنة التنظيمية في حرج”.

ويوما بعد آخر ومباراة تلو أخرى تهوي قوى بطولة كأس الأمم الأفريقية المصنفة كثالث أفضل وأقوى البطولات في العالم، بتوالي الأحداث السلبية في النسخة الحالية الكاميرون 2021، على كافة الأصعدة التنظيمية وتلاحقها بوتيرة تشيع الخجل بين كل من ينتمي للقارة السمراء.

ووسط ما كنا نأمل بمشاهدة بطولة قوية على المستوى الفني بين كبار أفريقيا، إذ بنا نفاجأ بخروج الأمور عن السيطرة كليا من جانب اللجنة المنظمة للبطولة، ويتحمل المسؤولية هنا الاتحاد الأفريقي والجانب الكاميروني بقيادة الأسطورة صامويل إيتو الذي تحدى الجميع وصمم على إقامة البطولة في موعدها رغم الصعوبات التي حذر منها الفيفا، وعلى الأخص مسؤوليها الأفارقة مثل هاني أبوريدة والمغربي فوزي لقجع اللذين اتهما من جانب روجيه ميلا النجم الكاميروني الشهير بالعمل ضد القارة السمراء.

أزمة سلبية

إذا تحدثت عن السلبيات في بطولة أمم أفريقيا الكاميرون 2021 فحدث ولا حرج.. افتح القوس واتركه مفتوحا. ما من يوم في البطولة إلا ونجد أزمة سلبية تطفو على السطح وتخطف الأنظار.. وكان لمنتخب مصر نصيب منها في مباراته أمام نيجيريا التي خسرها هدف دون رد، وما شاهدناه من عدم صلاحية الكرات لدرجة استبدالها 3 مرات خلال أول 22 دقيقة من عمر المباراة، في مشهد يؤكد أن كاف يبرم تعاقدات مع شركات تهدر حقوق منتخبات القارة وتضر بمصالحها.

وزاد سوء الإعداد التنظيمي فجاجة في مباراة موريتانيا وغامبيا التي شهدت أخطاء في عزف النشيد الوطني للمنتخبين، واضطرار اللاعبين إلى ترديد النشيد الوطني دون تسجيل موسيقى كالمعتاد في مثل هذه المحافل الدولية، وفي نفس المباراة حدث عطل فني في تطبيق تقنية الفيديو “VAR”.

وفى موقف مؤسف آخر اضطر المنتخب الجزائري لنقل لاعبيه في ميكروباصات على دفعات إلى مقر إقامتهم عقب نهاية تدريباتهم ولم يجدوا الحافلة المخصصة لهم. ولم يشأ يوم الجمعة أن يمر هادئا على المنظمين في الكاميرون، وانتهى بشكل عاصف عندما أعلنت الحكومة الكاميرونية عن وجود في تهديد إرهابي في مدينة ليمبي المتواجدة فيها منتخبات المجموعة السادسة (تونس – مالي – غامبيا – موريتانيا).

ورغم أن البدايات كانت تبشر بكل هذه السلبيات قبل انطلاق البطولة، إلا أن العناد دون استعداد حقيقي من جانب الكاميرونيين يهدد البطولة بالفشل الذريع وسيجعل نسخة 2021 هي الأسوأ في تاريخ كأس الأمم الأفريقية منذ إنشائها عام 1957. حتى إذا نظرت إلى البنية التحتية والمنشآت سنجد الفنادق مقر إقامة البعثات ليست على ما يرام تماما وكلنا شاهدنا فندق منتخب مصر ذا السور الذي لا يتعدى 10 أمتار، جعل من السهل للجماهير تسلقه وتصوير النجم المصري محمد صلاح في خرق للخصوصيات المفترضة للضيوف وتوفير وسائل الراحة لهم.. ولا يخفى ما حدث في فندق إقامة منتخب تونس وظهور حشرات وحيوانات زاحفة في الغرف والحمامات.

كذلك تجد الملاعب التي تستضيف المباريات تقلع أرضيتها مع كل تسديدة للكرة وأيضا ملاعب التدريب تشبه الفناءات المدرسية وليست حتى مراكز الشباب.

وما لا ينسى أو يمكن تجاهله أيضا العامل الأمني، وما حدث للصحافيين الجزائريين من حادث اعتداء وسرقة قرب مقر إقامتهم، لتضطر الجهات المسؤولة هناك إلى زيادة الحماية الأمنية للبعثات المشاركة في البطولة.

هذا الوضع القائم في الكاميرون يؤكد فعلا أن الدولة مصر في ناحية ثانية. شتان الفارق بين تنظيم مصر كأس الأمم الأفريقية 2019 وما خرجت به البطولة من إبهار عبر تنظيم عالي الجودة وإمكانيات إنشائية فائقة واستضافة 7 نجوم، وبين ما يحدث حاليا في الكاميرون حيث تقام نسخة 2021.. هذا رغم أن التكليف لمصر بتنظيم البطولة جاء قبلها بثلاثة أشهر فقط ولكن دائما تبقى مصر على قدر الحدث وقدر الثقة من الجميع. لا شك أن مثل هذه الأزمات وحدوثها واحتمالية تكرارها أمر يقلل بشكل كبير من القيمة التسويقية والفنية لبطولة كأس الأمم الأفريقية، التي تشهد اعتراضا على إقامتها سواء من إنفانتينو وتحفظا من بعض أندية أوروبا لترك لاعبيها المحترفين للمشاركة مع منتخبات بلادهم.

وتعد هذه المشكلات ذريعة للفيفا وأندية أوروبا لإيجاد مبررات وحجج أقوى في النسخ المقبلة حتى لا تقام البطولة في مواعيدها المحددة أو لا تضم المنتخبات لاعبيها بالكامل أو حتى لا ينضمون مطلقا للمنتخبات.

وتعد المباريات المقبلة من كأس الأمم الأفريقية أشبه بالتحديات الخاصة سواء للكاف أو لدولة الكاميرون، ممثلة في اتحاد الكرة داخل البلاد، إما أن تنتهي هذه الظواهر أو تستمر وتتواصل بشكل أكبر وتزداد حدة الانتقاد والهجوم تجاه كل من يتحمل المسؤولية.

وكانت بطولة كأس الأمم الأفريقية المقامة حاليا في الكاميرون مهددة بالإلغاء أو التأجيل على مدار الأشهر الماضية، وسط شكوك كبيرة حول قدرة البلد المنظم على الاستضافة، ويبدو أن أصحاب هذه الشكوك كانوا على حق. وبصرف النظر عن الفقر الفني والتهديفي في الجولة الأولى من دور المجموعات التي شهدت إحراز 12 هدفا فقط في 12 مباراة، فخلال أيام قليلة تحولت بعض المخاوف الأمنية والتنظيمية إلى حقيقة، إضافة إلى فضيحة تحكيمية ربما لم تشهدها ملاعب كرة القدم من قبل.

الأخطاء و”المهازل” وحتى الحوادث الأمنية في بطولة أمم أفريقيا باتت عرضا مستمرا خلال المسابقة، وفي هذا التقرير نرصد أبرزها.

 

Tags:

آخر الأخبار

أزمة احتكار السلع وارتفاع الأسعار في تونس بين غياب الرقابة الجادة وضرر المواطن

أزمة احتكار السلع وارتفاع الأسعار في تونس بين غياب الرقابة الجادة وضرر المواطن

شيرين اللجمي تخوض تجربة جديدة بأغنيتها المغربية "كي ليوم كي غدا"

شيرين اللجمي تخوض تجربة جديدة بأغنيتها المغربية "كي ليوم كي غدا"

حكم بالسجن 3 سنوات وغرامة 30 ألف جنيه على الفنان سعد الصغير بتهمة حيازة مواد مخدرة

حكم بالسجن 3 سنوات وغرامة 30 ألف جنيه على الفنان سعد الصغير بتهمة حيازة مواد مخدرة

الحكم بالسجن 6 سنوات وغرامة نصف مليون دينار في قضية استيلاء على أموال عمومية

الحكم بالسجن 6 سنوات وغرامة نصف مليون دينار في قضية استيلاء على أموال عمومية

الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري يعبر عن معارضته لتوريد البطاطا ويطالب بمراقبة الجودة

الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري يعبر عن معارضته لتوريد البطاطا ويطالب بمراقبة الجودة

Please publish modules in offcanvas position.