البرازيل تقدم للعالم حفل افتتاح موسيقى مضاد للاكتئاب الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد عله ينسي أهلها مشاكلهم
قدمت ريو دي جانيرو حفل افتتاح موسيقي "مضاد للاكتئاب" للألعاب الاولمبية الاولى في اميركا الجنوبية التي تمتد حتى 21 اب/اغسطس الجاري، الجمعة على ملعبها الاسطوري ماراكانا.
وبرغم ميزانية الحفل المحدودة في بلاد تضربها ازمات متنوعة، بدت مظاهر الفرح على الجماهير والرياضيين في بلد يعيش اسوأ فترة اقتصادية في 80 عاما ويشهد ارتفاع في معدل الجريمة.
رقم قياسي من 11288 رياضيا (6182 لاعبا و5106 لاعبة) يمثلون 207 دولة وبعثة سيتنافسون لأكثر من أسبوعين على 306 ميداليات ذهبية في 28 رياضة اولمبية.
بدأ الحفل بمعزوفات موسيقية، اولها "اكويلي ابراسو" الشهيرة لجيلبرتو جيل ايقونة الموسيقى البرازيلية، يرافقها تقنيات اضاءة وليزر ورقص، على ارض ملعب مهيب شهدت ابوابه اجراءات امنية مشددة تحت اشراف 10 الاف شرطي.
وانشد المغني البرازيلي باولينيو دا فيولا النشيد الوطني البرازيلي من ارض الملعب وهو يعزف على الغيتار ترافقه فرقة موسيقية.
وعلى بعد 5ر1 كيلومتر من الملعب طوقت الشرطة مظاهرة من 500 شخص نددت بـ"العاب الاقصاء" وبالرئيس الموقت ميشال تامر، وحلقت فوقها مروحية بحسب مراسل فرانس برس. كما احتشد نحو 3 الاف شخص قرب فندق "بالاس اوتيل" المترف على شاطئ كوباكابانا الشهير حيث يقطن عدد من الرياضيين، ورفعوا لافتات كتب عليها "لا للأولمبياد" محتجين على الوضع المعيشي في ظل ارتفاع مستويات البطالة.
وحضر نحو 37 رئيس دولة، بينهم الفرنسي فرانسوا هولاند والارجنتين ماوريسيو ماكري ووزير الخارجية الاميركي دون كيري وامين عام الامم المتحدة بان كي مون، حفل الافتتاح مقابل 80 في العاب بكين 2008 و70 في لندن 2012.
جماهير مغتبطة
"ليكن حفل الافتتاح بلسما لاكتئاب البرازيليين"، هذا هو هدف حفل الافتتاح بالنسبة الى مخرجه البرازيلي فرناندو ميريليش.
اشرف على الحفل ميريليش مخرج افلام "مدينة الله" و"ذا كونستانت غاردنر" و"بلاندنيس"، بمساعدة سنيمائية اخرى من مواطنيه اندروشا وادينغتون ودانيالا توماس ودي روزا ماغاليايس، والاخيرتان اختصاصيتان في تنظيم الكرنفالات التي تم الاستلهام منها كثيرا في هذا الحفل.
ولم يحظ مخرجو حفل الافتتاح بالموازنتين الخياليتين لحفلي افتتاح دورتي الأولمبيادة في لندن 2012 (36 مليون يورو) وفي بكين 2008 (85 مليون يورو)، وقال ميريليش في هذا الصدد: "الزمن الحالي يتطلب خلاف ذلك، تكلفة حفل ريو ستكون اقل 12 مرة من موازنة لندن و20 مرة من موازنة بكين".
وتحول ملعب ماراكانا الأسطوري، الذي غص بأكثر من 60 ألف متفرج (تمت تغطية المنعطف الشمالي منه لضرورات العرض)، حيث استعرض مئات الممثلين نحو 12 مدرسة لرقص السامبا، في ظل انشراح جماهير وتشجيع كثيف على أنغام الموسيقى المحلية، ومشاهد تضمن أحدها دخول عارضة الازياء السابقة، الفاتنة جيزيل بوندشن قطعت خلالها الملعب بأكمله على أنغام اغنية "فتاة من ايبانيما" لتوم جوبيم.
وتميز الحفل بلوحات فنية رائعة، وبرحلة عبر أبرز المراحل المميزة في تاريخ البلاد: الاستعمار البرتغالي، والعبودية، وتحليق رائد الطيران ألبرتو سانتوس دومون على متن طائرته 14 مكرر في أوائل القرن العشرين.
وركز الحفل ايضا على مستقبل الكرة الارضية، مع لوحة حول ظاهرة الاحتباس الحراري تؤكد على الدور الحاسم للبرازيل التي تضم الجزء الاكبر من غابة الامازون.
وبعد انتهاء العرض الفني بدأ طابور الوفود الـ 207 المشاركة بالدخول بدءا من الوفد اليوناني مضيف الالعاب الحديثة الاولى عام 1896.
ومن بين الوفود بعثة لفريق اللاجئين تضم سباحين سوريين وبعثة للكويت دخلت تحت العلم الاولمبي في ظل ايقافها دوليا تحت حجة تعارض قوانينها مع الميثاق الاولمبي.
وحيت الجماهير البرازيلية الوفود المشاركة خصوصا البرتغالية، فيما دخلت الارجنتين والاوروغواي على وقع صافرات الاستهجان. ولاقت الوفود الاخرى اهتمامات متفاوتة، وبرز حامل علم تونغا الذي دخل عاريا في جسمه العلوي ومرتديا تنورة. كما دخلت بعثة روسيا التي تأكد الجمعة مشاركة 276 من رياضييها بعد مد وجزر إثر فضيحة تنشط منظم.
باخ يرحب وتامر يفتتح
وبعد كلمة لرئيس اللجنة المنظمة كارلوس نوزمان رحب بها بزائري المدينة، نالت صافرات الاستهجان لدى ذكر الحكومة، قال الالماني توماس باخ رئيس اللجنة الاولمبية الدولية: "هذه لحظة المدينة الرائعة... لقد حققتم في 7 سنوات فقط ما كان تحلم به اجيال سابقة قبلكم. لقد حولتم ريو الجميلة الى مدينة حديثة واصبحت أجمل بفضلكم. اعجابنا أكبر لأنكم تمكنتم من ذلك في وقت صعب في تاريخ البرازيل. لقد امنا بكم دوما... شغفكم بالرياضة وحبكم للحياة مصدر الهام لنا. فلنحتفل سويا بالألعاب الاولمبية في هذا البلد الكبير، البرازيل".
ورحب باخ بفريق اللاجئين: "نعيش في عالم تسيطر عليه الانانية، ويدعي البعض التفوق على الاخرين. هذه اجابتنا الاولمبية: في روح التضامن الاولمبي ومع فائق الاحترام، نرحب بفريق اللاجئين الاولمبي. اعزائي رياضيي فريق اللاجئين: أنتم تبعثون برسالة امل لملايين اللاجئين حول العالم. اضطررتم للسفر من بلادكم بسبب العنف، الجوع، او لأنكم فقط مختلفون. الان ومع موهبتكم الرائعة وروحكم الانسانية تساهمون بشكل كبير في المجتمع".
وأعلن باخ عن جائزة لتكريم شخصيات بارزة تضع الرياضة في خدمة الانسانية، منحها لرئيس اللجنة الاولمبية كيبتشوغ كينو "تكريما لإنجازاته البارزة في مجال التعليم، الثقافة، التنمية والسلام عبر الرياضة، من خلال الروح الاولمبية الحقيقية".
وقال العداء السابق كينو (76 عاما)، حامل ذهبيتي 1500 م في العاب مكسيكو 1968 و3 الاف م موانع في ميونيخ 1972، كلمة تأثر في نهايتها.
وفي ظل غياب ديلما روسيف التي اقصيت عن الرئاسة في البرازيل لاتهامها بالتلاعب بالمال العام، وسلفها ايناسيو لولا دا سيلفا مقاطعين الحفل، افتتح الدورة الـ 31 من الالعاب الرئيس بالوكالة ميشال تامر والنائب السابق لروسيف التي تتهمه بالتخطيط لانقلاب برلماني، وسط صافرات استهجان الجماهير.
وكانت روسيف التي اقصيت عن السلطة موقتا في 12 ايار/مايو بقرار من مجلس الشيوخ بانتظار حكم نهائي بشأن اجراءات اقالتها بتهمة التلاعب بحسابات عامة في نهاية آب/اغسطس، صرحت في مقابلة اذاعية الاثنين انها ترفض ان تكون "في الصف الثاني" في حفل افتتاح الاولمبياد.
كورديرو دا ليما يوقد الشعلة
وبعد قسم اللاعبين الذي تلاه البحار اوسكار شيدت ثم قسم الحكام لمارتينيو نوبري وقسم المدربين لادريانا سانتوس، اوقد بعد فاصل غنائي حماسي العداء السابق فاندرلي كورديرو دا ليما شعلة الالعاب التي ستستمر مضاءة حتى 21 الجاري قبل تسليمها الى طوكيو التي تستضيف نسخة 2020.
وسلم بطل كرة المضرب السابق غوستافو كويرتن عبر بطلة العالم السابقة في كرة المضرب اورتنسيا ماركاري الشعلة الى فاندرلي كورديرو دا ليما حامل برونزية الماراثون في العاب اثينا 2004.
وكان متوقعا ان يوقد الشعلة اسطورة كرة القدم بيليه لكنه اعتذر بسبب حالته الصحية المتردية، وذلك على الرغم من الدعوة التي وجهت له في هذا الصدد.
وقال بيليه (75 عاما) في بيان نشرته وسائل الاعلام قبل ساعات قليلة من انطلاق الحفل: "في الوقت الحالي، لا أتمتع بالظروف الصحية للمشاركة في حفل افتتاح الاولمبياد".