مفاوضات غوغل تأتي في وقت تتعرّض فيه الشركة إلى ضغوط للالتزام بقرار أوروبي حول "الحقوق المجاورة".
سان فرانسيسكو - دخلت شركة غوغل في مفاوضات للتوصّل إلى اتفاقات ترخيص مع ناشري الصحف للحدّ من الانتقادات التي تتهمها بتحقيق أرباح من خلال الأخبار على محرّك البحث الخاص بها، وفق ما أفادت به مصادر مطلعة على الملف.
ولا تزال المفاوضات بين محرّك البحث ومؤسّسات إعلامية في بدايتها، علما أن الناشرين المعنيين هم في معظمهم في فرنسا ودول أوروبية أخرى، وفقا للمصادر نفسها.
وستشكّل أي عملية دفع لقاء الحصول على المعلومات بمثابة تحوّل كبير بالنسبة إلى الشركة العملاقة التي تعرّضت لنقد كبير من وسائل الإعلام خلال السنوات الماضية بسبب نشر المحتوى في نتائج البحث وكسب إيرادات الإعلانات المرتبطة بها من دون إقامة أي اعتبار لناشر المحتوى الأساسي.
وأشارت غوغل إلى أنها تبحث عن طرق جديدة لمساعدة الناشرين.
وقال نائب رئيس غوغل ريتشارد غنغراس في بيان “نريد مساعدة الناس لإيجاد صحافة نوعية، وهو أمر مهم لبناء ديمقراطية مطلعة، ويساعد على دعم الإعلام بطريقة مستدامة”.
وتابع “نولي هذا الموضوع أهمية كبيرة، ونحن نناقش مع شركائنا ونبحث عن وسائل جديدة لتوسيع تعاوننا مع الناشرين”. ولطالما رفضت غوغل دفع أي مستحقات لقاء نشرها روابط المقالات التي تظهر في نتائج البحث على محرّكها، وهي لم تغيّر موقفها من هذا الأمر، وفق ما أفادت به مصادر مطلعة.
وتقول الشركة الأميركية إنها توفّر المزيد من الزيارات لمواقع الأخبار، وتساعد الناشرين على كسب إيرادات من الإعلانات.
ويعمل عملاق البحث مع الناشرين من خلال برنامج “غوغل نيوز إنيشياتف” على تحفيز جمهور زائري مواقع وسائل الإعلام والمشتركين فيها.
وردّا على انتقادات مماثلة، أطلقت شركة فيسبوك في أكتوبر الماضي صفحة إخبارية مخصّصة للصحافة “النوعية” بهدف دعم الصحافة ووقف تدفّق المعلومات الخاطئة والمضلّلة.
وأشار رئيس الشركة مارك زوكربيرغ إلى أن بعض وسائل الإعلام الشريكة ستحصل على إيرادات من هذه العملية، لكن من دون تحديد نسبتها وشكلها.
وتأتي المفاوضات التي أطلقتها غوغل في وقت تتعرّض فيه الشركة لضغوط للالتزام بقرار أوروبي حول “الحقوق المجاورة” التي تشبه حقوق النشر، لصالح الناشرين ووكالات الأنباء.
وأكّدت غوغل العام الماضي أنها لن تدفع لوسائل الإعلام الأوروبية لقاء استخدامها مقالاتهم وصورهم وفيديوهاتهم في فرنسا، وهو البلد الأول الذي صادق على القرار الأوروبي الجديد، ما قد يفتح الباب أمام اتخاذ إجراءات قانونية ضدّ عملاق التكنولوجيا.
وتقدّم عدد من المؤسّسات الإعلامية، بشكاوى ضدّ غوغل بالاستناد إلى القانون الذي أقرّته باريس والذي ينشئ “حقا مجاورا” لحقوق المؤلف يستفيد منه ناشرو الصحف والمجلات ووكالات الأنباء لدى “سلطة المنافسة”، وهي هيئة إدارية مستقلة في فرنسا تنظر في المخالفات بقطاع التنافس ولها حق فرض العقوبات، ويفترض أن تصدر قرارها في مارس المقبل.
والقانون الذي ظل لفترة طويلة موضع جدل بين عمالقة التكنولوجيا والحكومات الأوروبية يهدف إلى مساعدة وسائل الإعلام على الحصول على عائدات ماليّة من المواد التي يتم نشرها على المنصّات الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي وذلك بهدف تعويض الانهيار في إيراداتها من الإعلانات التقليدية، في وقت يستحوذ فيه عمالقة المواقع الرقمية، مثل فيسبوك وغوغل، على حصّة الأسد من عائدات الإعلانات عبر الإنترنت.
وبموجب هذه القواعد، سيتعيّن على محرّري الصحافة المقيمين في أوروبا أن يقرّروا، بشكل فردي، ما إذا كانت أجزاء من موادهم الإخبارية (نصوص ومقاطع فيديو…) والمسمّاة بـ“مقتطفات”، أو الصور الصغيرة الأخرى وتسمّى أيضا بـ“الصور المصغّرة” ستستمرّ في الظهور بجوار روابط تنقل المتصفحين الموجودين في فرنسا إلى مواقعهم.
يذكر أن شركة غوغل جنت 4.7 مليار دولار عام 2018 باعتمادها على الأخبار كمصدر لاستقطاب المستخدمين بفضل المحتوى الذي يقدمه ناشرو الأخبار، وتستثمره المنصة دون الدفع للناشرين، بحسب ما أكدته دراسة حديثة لـ”تحالف وسائل الإعلام”.
وكشفت دراسة نشرتها المنصة الإلكترونية لتحالف وسائل الإعلام، أن الأخبار تتراوح نسبتها بين 16 و40 في المئة من نتائج بحث محرّك غوغل، حيث توصلت بعد جمع تحليلات خبراء من شركة كيستون استراتيجي للاستشارات الاقتصادية والاستراتيجية، إلى نظرة عامة نوعية عن استخدام شركة غوغل للمحتوى الإخباري المتوفر على الشبكة.
كما شملت تحليلا لنسبة هذا المحتوى في نتائج بحث غوغل وخدمة أخباره، لتقدّر الإيرادات التي تتحصل عليها الشركة من هذا المجال.
وقال ديفيد شافيرن المدير التنفيذي لتحالف وسائل الإعلام “يحتاج ناشرو الأخبار إلى مواصلة الاستثمار في الصحافة ذات الجودة الجيدة، ولن يمكنهم ذلك إذا أخذت المنصات ما تريده دون أن تدفع في المقابل. نريد أن تكون المعلومات مجانية، لكن يحتاج الصحافيون إلى تقاضي أجورهم”.