اختر لغتك

الأمن السيبرني وبناء السلام

الأمن السيبرني وبناء السلام

في ظل التحولات الرقمية المتسارعة لم يعد الفضاء السيبرني مجرد بيئة تقنية محايدة، بل أصبح فضاء ديناميكيا تتقاطع فيه المصالح الاستراتيجية وتتجاذبه إشكاليات الأمن والخصوصية وحرية التعبير، وقد أضحى الشباب في قلب هذه المعادلة، إما كضحايا للاستقطاب الأيديولوجي والجريمة الإلكترونية، أو كفاعلين محتملين في عمليات الاختراق والهجمات السيبرنية، وانطلاقا من هذا الواقع جاء الملتقى الوطني حول "بناء السلام والأمن السيبرني"، الذي نظمه المرصد الوطني للشباب بالشراكة مع الإدارة العامة للشباب بوزارة الشباب والرياضة، كإطار للتعمق في المخاطر الرقمية واستكشاف سبل تمكين الشباب من مواجهة تهديداتها المتزايدة.

مقالات ذات صلة:

مع عطلة الشتاء... خبراء السلامة السيبرنية يحذرون من مخاطر الإدمان الإلكتروني

تحذير هام من الوكالة الوطنية للسلامة السيبرنية: احذروا من حملات التصيد الإلكتروني

التوقّي من المخاطر السيبرنية: يوم جهوي مفتوح في بن عروس

لا يقتصر الأمن السيبرني على الجانب التقني فحسب، بل يتعداه ليشكل معضلة اجتماعية وقانونية وسياسية تفرض مقاربة متعددة الأبعاد، فالجرائم الإلكترونية بما فيها الاختراقات، الاحتيال، التجسس، والتصيد، ليست مجرد انتهاكات رقمية، بل هي امتداد لصراعات أوسع تستغل التكنولوجيا لفرض سلطتها، وهذا ما يجعل الشباب أكثر عرضة للاستغلال، سواء عبر التلاعب بمعلوماتهم الشخصية أو جرهم إلى دوائر التطرف العنيف، مما يستدعي تدخلا واعيا ومتوازنا من قبل الدولة والمجتمع المدني لحماية الفضاء الرقمي دون المساس بالحريات الأساسية.

في هذا السياق، تبرز ضرورة مراجعة الإطار القانوني الذي يحكم العالم الرقمي لضمان استجابة فعالة للتهديدات المستجدة، فالاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الإرهاب (2023-2027) والأمن السيبرني (2020-2025) تعكس توجها نحو تقنين التعامل مع المخاطر الرقمية، لكنها تواجه تحديات تتعلق بمدى قدرتها على مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة وتحقيق التوازن بين مقتضيات الأمن وحماية الحقوق الفردية، وفي ظل انتشار الأخبار الزائفة وعمليات التجسس، والابتزاز الإلكتروني تتأكد الحاجة إلى تشريعات مرنة وديناميكية لا تتحول إلى أداة مراقبة، بل تضمن حماية المستخدمين دون التضييق على حرية التعبير والإبداع الرقمي.

غير أن التصدي لهذه التهديدات لا يمكن أن يقتصر على الأطر القانونية وحدها، بل يستوجب أيضا تعزيز الثقافة الرقمية لدى الشباب، باعتبارهم الفاعل الأكثر تأثرا وتأثيرا في المشهد السيبرني، فمن خلال ترسيخ الوعي الإعلامي والمعلوماتي وتطوير مهارات الحماية الرقمية وفتح فضاءات آمنة للحوار حول القضايا المسكوت عنها يمكن بناء مناعة ذاتية ضد التلاعب السيبرني ونزعات العنف الرقمي، فالمعركة ليست فقط تقنية، بل هي أيضا فكرية وتربوية تتطلب ترسيخ قيم النقد والتحليل كأدوات أساسية في مواجهة حملات التضليل والاستقطاب.

ختاما، إن الرهان اليوم ليس مجرد تطوير آليات الحماية السيبرنية، بل في بناء رؤية شاملة تدمج الأبعاد التقنية والقانونية والاجتماعية ضمن مقاربة متكاملة، تضمن توازنا بين الأمن الرقمي وضمان الحريات الفردية، فالفضاء السيبرني لم يعد مجرد امتداد افتراضي للحياة اليومية، بل تحول إلى ساحة تأثير حقيقية تستوجب سياسات رشيدة تحمي المستخدمين من المخاطر دون أن تتحول إلى وسيلة للرقابة القسرية، وفي هذا الإطار يمثل مشروع الدليل المرجعي لبناء القدرات في مجال الوقاية من التطرف العنيف والتهديدات الرقمية خطوة ضرورية، لكنه يظل بحاجة إلى تكامل الجهود بين الدولة والمجتمع المدني والخبراء لضمان فعاليته واستدامته في مواجهة تحديات العصر الرقمي.

آخر الأخبار

وليد الصالحي يجدد مسيرته الفنية عبر مسلسل "الزعيم" وأغنيته الجديدة "اش جرالي"

وليد الصالحي يجدد مسيرته الفنية عبر مسلسل "الزعيم" وأغنيته الجديدة "اش جرالي"

المرسى: مواطن يتسبب في عزل منطقة عن أخرى بقمرت حروش

المرسى: مواطن يتسبب في عزل منطقة عن أخرى بقمرت حروش

الجامعة التونسية لكرة القدم تعلن عن مجانية الدخول لجماهير منتخب سيدات تونس في مباراة كينيا

الجامعة التونسية لكرة القدم تعلن عن مجانية الدخول لجماهير منتخب سيدات تونس في مباراة كينيا

الجولة 22 من البطولة التونسية: تعيينات حكام أجانب لمباريات القمة

الجولة 22 من البطولة التونسية: تعيينات حكام أجانب لمباريات القمة

النادي الإفريقي: ياسين بوعبيد يعود للمجموعة في مواجهة الاتحاد المنستيري

النادي الإفريقي: ياسين بوعبيد يعود للمجموعة في مواجهة الاتحاد المنستيري

Please publish modules in offcanvas position.