اختر لغتك

السوريون في فقر مدقع.. وتحذيرات من كارثة في الأمن الغذائي

أكد تقرير أصدره (المركز السوري لبحوث السياسات) اليوم الثلاثاء، أن أكثر من 93 بالمئة من السوريين يعيشون حالة فقر وحرمان، فيما تسبب الصراع المسلح في كارثة للأمن الغذائي للسوريين، وقدّرت خسائر الاقتصاد السوري بنحو 380 مليار دولار حتى نهاية عام 2017.
 
ونشرت صحيفة (الشرق الأوسط) تفاصيل تقرير (الأمن الغذائي في سورية) الذي أنجزه (المركز السوري لبحوث السياسات) بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، واستهدف دراسة حالة الأمن الغذائي في سورية بعد عام 2011، وأسبابها ونتائجها، وأفاد التقرير أن “الاقتصاد السوري تعرض لخسائر فادحة، تتجاوز 380 مليار بما يعادل سبعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لسورية عام 2010”.
 
وأضاف التقرير: “الأكثر خطورة هو خسارة الاقتصاد لرأس المال البشري، نتيجة الهجرة أو القتل أو الإصابة، كما تدهور دور المؤسسات التي تنظم العلاقات الاقتصادية، لتتمحور حول العنف والإقصاء واستنزاف الموارد والثروات”، مشيرًا إلى أن “أكثر من 93 في المئة منهم في حالة فقر وحرمان، بينهم ما يقارب 60 في المئة يعيشون في حالة فقر مدقع”، مرجعًا أسباب ذلك إلى “مزاوجة السياسات التسلطية واستمرار النزاع وصراع الجهات المسلحة على مصادر الغذاء، إذ استخدم حرمان الناس من الغذاء بشكل منهجي كأداة من أدوات الحرب من قبل القوى المتنازعة”.
 
حاول المركز في تقريره البحثي تحليل الاقتصاد السياسي للأمن الغذائي، قبل وبعد عام 2011 ذلك، حيث يشير إلى أنه “رغم تراجع الصراع المسلح مؤخرًا في بداية العام الجاري، فإن مقومات العنف مستمرة مع تراكم الخسائر البشرية والمادية والمؤسسية وتفاقم الظلم والاحتياجات الإنسانية، وتحولت سورية إلى بلد يعاني سكانه أزمة غذائية حادة، وتم استخدام حرمان الناس من الغذاء بشكل منهجي كأداة من أدوات الحرب”.
 
يقول التقرير: “شكّل النزاع كارثة للأمن الغذائي، حيث تراجع دليل الأمن الغذائي بنحو 40 في المئة بين عامي 2010 و2018، لكن الأكثر تراجعًا كان مكون النفاذ (حصول الأسر على الغذاء) بنحو 46 في المئة، والذي تأثر بحالات الحصار والتهجير القسري والقيود على الانتقال وتراجع القدرة الشرائية”.
 
في ما يتعلق بالواقع الزراعي في سورية، يشير التقرير إلى أنه على الرغم من تراجع حدة القتال، فإن الإنتاج الزراعي “شهد تدهورًا نتيجة الظروف المناخية وتدمير مقومات الإنتاج البشية والمادية، حيث تراجعت العمالة الزراعية إلى نحو النصف، بين عامي 2010 و2018، كما قتل مئات الآلاف من القوة البشرية وتعرض نصف السكان للتهجير القسري”.
 
كذلك يشير التقرير إلى سياسة الحصار التي اتبعها النظام بحق السوريين، من خلال عقوبات جماعية بهدف الإخضاع، ويقول التقرير : “تعرض ما يقارب  2.5 مليون شخص للحصار منذ عام 2015 لغاية عام 2018 ووصلت ذروتها في 2017، حيث خضع نحو 970 ألف شخص للحصار في وقت واحد، في الغوطة الشرقية ودير الزور وحلب والرستن وغيرها، وتضمن الحصار الحرمان من الحصول على الغذاء والمساعدات الإنسانية، وتقييد حركة السكان واستهداف المناطق المحاصرة بمختلف أنواع الأسلحة”.
 
حول الوضع المعيشي، يؤكد التقرير استمرار تكاليف المعيشة بالازدياد في ظل تراجع مصادر الدخل وانخفاض الأجور وتراجع فرص العمل، حيث يقول: “انخفضت القدرة الشرائية لليرة السورية، وشكّل وسطي الأجر الحقيقي مايقارب 24 في المئة من الأجر الحقيقي لعام 2010″، كما تراجعت العمالة بشكل حاد، فيما وصل معدل البطالة إلى 52.7 بالمئة عام 2017، واختتم التقرير بالقول: “يتطلب إعادة الأمن الغذائي استثمارًا في تفكيك اقتصاديات العنف وتعزيز رأس المال الاجتماعي وفعالية وتشاركية المؤسسات”.
 
في تعليق على ما ورد في تقرير (المركز السوري للبحوث والسياسات)، يقول مصطفى السيد، الصحافي السوري المختص بالشأن الاقتصادي، في حديث إلى (جيرون): إن “هناك مخاطر كبرى على الأمن الغذائي في سورية، نتيجة اختلال في حركة النقل من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك، كما أدى النقص الكبير في الطاقة وزيادة أسعارها إلى خروج مساحات واسعة من الزراعات المروية من الخدمة، وبالتالي أصبحت سورية تستورد مواد غذائية كانت تصدرها أو كانت مكتفية منها سابقًا”.
 
وأضاف: “كذلك أثّر نقص الطاقة في عمليات حفظ الأغذية وتخزينها، كما أثّرت العقوبات المفروضة على النظام في استيراد المواد الأولية والمواد الحافظة، والمواد الأساسية لتجهيز برادات التخزين، حيث تمتنع كثير من الشركات عن التعامل مع السوق السورية، خوفًا من أن تطالها العقوبات”.
 
أشار السيد إلى أن “الحواجز العسكرية التي نشرها النظام السوري أثرت في مختلف أرجاء البلاد، تأثيرًا سلبيًا، في انسياب السلع، حيث ارتفعت تكلفتها نتيجة الإتاوات التي تفرضها هذه الحواجز، كما أثرت الهجرة في الأمن الغذائي، مسببة نقصًا كبيرًا في العمالة الكفوءة”. وأوضح أن “الاقتصاد السوري حاليًا هو اقتصاد حرب، ونهج النظام للخيار الأمني ونشر الجيش منذ عام 2011 كان يريد من خلاله أن يدفع البلاد نحو الهاوية، وفي الظرف السوري الحالي من الصعب إيجاد تقييم محايد للوضع الاقتصادي، لأن االسلطة الموجودة غير موثوقة”.
 
وكان برنامج الأغذية العالمي (WFP) قد أكد أن أكثر من ستة ملايين ونصف المليون شخص في سورية يعانون انعدام الأمن الغذائي، فيما أكثر من 10 ملايين شخص سوري بحاجة إلى دعم الغذاء  وسبل العيش، فيما أشار (المكتب المركزي للإحصاء) التابع للنظام، العام الماضي، إلى أن 31 بالمئة من السوريين غير أمنيين غذائيًا، فيما يعدّ 45 بالمئة ضمن فئة المعرضين لانعدام الأمن الغذائي.
 
 

آخر الأخبار

استمرار هيئة التسوية: شرط أساسي لاستقرار كرة القدم التونسية وحمايتها من الفوضى!

استمرار هيئة التسوية: شرط أساسي لاستقرار كرة القدم التونسية وحمايتها من الفوضى!

لماذا تكلفة علاج داء الكلب تتجاوز 26 مليون دينار؟ أوجه التقصير وأسباب الأزمة

لماذا تكلفة علاج داء الكلب تتجاوز 26 مليون دينار؟ أوجه التقصير وأسباب الأزمة

إيقاف الإعلامية فجر السعيد بتهمة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي والإضرار بمصالح الدولة

إيقاف الإعلامية فجر السعيد بتهمة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي والإضرار بمصالح الدولة

500 عون في شركة نقل تونس يتقاضون أجورهم رغم عدم مباشرة العمل

500 عون في شركة نقل تونس يتقاضون أجورهم رغم عدم مباشرة العمل

الفيفا يخصم 20% من منحة الجامعة التونسية لكرة القدم بسبب عدم تنفيذ القرارات القضائية

الفيفا يخصم 20% من منحة الجامعة التونسية لكرة القدم بسبب عدم تنفيذ الكاب العام للقرارات القضائية

Please publish modules in offcanvas position.