اختر لغتك

السودان يحترق من الداخل: الجيش يقترب من استعادة الخرطوم... والحرب تلامس بورت سودان

السودان يحترق من الداخل: الجيش يقترب من استعادة الخرطوم... والحرب تلامس بورت سودان

في مشهد دموي يتكرر يوميًا منذ أكثر من عامين، يتواصل القتال في السودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي". آخر فصول هذه الحرب المدمّرة سُجّلت، اليوم الثلاثاء 20 ماي 2025، في العاصمة الخرطوم، حيث هزّت انفجارات عنيفة مناطق أم درمان، في ما يبدو أنه مرحلة جديدة من الصراع على قلب السودان.

الجيش يقترب من "تطهير الخرطوم"

في بيان رسمي، أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية، العميد نبيل عبد الله، أن الجيش بات قاب قوسين أو أدنى من استعادة السيطرة الكاملة على ولاية الخرطوم، مؤكدًا استهداف معاقل الدعم السريع في جنوب وغرب أم درمان، بالإضافة إلى استمرار العمليات في منطقة صالحة ومحيطها.

هذا التصعيد يأتي بعد شهور من الجمود في المعارك داخل العاصمة، ويبدو أنه يعكس تحولًا استراتيجيًا للجيش السوداني، الذي أعاد ترتيب صفوفه عبر تعزيزات من المناطق الشرقية والوسطى، خاصة بعد تثبيت الحكومة مقرها في بورت سودان.

معركة العاصمة... لمن الغلبة؟

منذ الأيام الأولى لاشتعال الحرب في أفريل 2023، سيطرت قوات الدعم السريع على أغلب مناطق الخرطوم، بما في ذلك الوزارات والمقار الحيوية. غير أن الجيش أطلق خلال الأشهر الماضية حملة معاكسة شاملة لاستعادة العاصمة، تخللتها معارك عنيفة وموجات قصف جوي ومدفعي، ما حول الخرطوم إلى مدينة أشباح.

ووفق تقارير ميدانية، فإن الجيش تمكن من إحراز تقدم مهم في مناطق رئيسية مثل بحري وشمال أم درمان، مستفيدًا من انشقاقات داخل الدعم السريع وامتعاض شعبي متزايد من ممارساتها، خاصة في الأحياء المدنية.

بورت سودان لم تعد آمنة

في تطوّر مثير للقلق، شهدت مدينة بورت سودان، التي تعد العاصمة الإدارية المؤقتة للسلطة الرسمية، هجمات جوية من قبل الدعم السريع خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما يمثل تحولًا في قواعد الاشتباك. المدينة الساحلية كانت حتى وقت قريب الملاذ الأخير للحكومة ومقر البعثات الدبلوماسية، لكنها باتت اليوم عرضة للهجوم، ما يثير التساؤلات حول قدرة الدولة على تأمين مركزها السياسي واللوجستي.

كارثة إنسانية لا تنتهي

وراء أصوات القذائف وصراع الجنرالات، يدفع الشعب السوداني الثمن الأغلى. فحسب أحدث الإحصائيات الأممية، قُتل عشرات الآلاف منذ اندلاع النزاع، ونزح أكثر من 13 مليون شخص داخليًا وخارجيًا. كما تعرضت البنية التحتية، وخاصة المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء، لدمار شبه كامل.

وفي ظل هذا الانهيار، باتت مناطق شاسعة من السودان خارجة عن السيطرة، وسط تفكك اجتماعي وتنامي نفوذ الجماعات المسلحة والميليشيات المحلية، ما ينذر بتحول الصراع إلى حرب أهلية ممتدة متعددة الأطراف.

أين المجتمع الدولي؟

رغم هول المأساة، لا تزال الاستجابة الدولية خجولة، تتأرجح بين بيانات القلق والمساعدات الرمزية. محاولات الوساطة التي قادتها أطراف إقليمية مثل مصر والسعودية، أو قوى دولية كالولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي، لم تنجح في فرض هدنة دائمة أو دفع الطرفين نحو حل سياسي.

وما يزيد الوضع تعقيدًا هو دخول أطراف خارجية على خط النزاع، في ظل تقارير عن دعم لوجستي وتمويل خارجي لقوات الدعم السريع، مقابل محاولات الجيش السوداني الاستقواء بعلاقاته العسكرية مع دول الجوار.


السودان يقف على حافة التفكك الكامل. معركة الخرطوم التي تُوشك على الحسم لصالح الجيش، لا تعني نهاية الحرب، بل ربما انتقالها إلى مراحل أكثر خطورة، حيث تتوسع جغرافيا القتال ويستمر النزيف. أما بورت سودان، التي ظُنّ أنها آخر الحصون الآمنة، فقد دخلت هي الأخرى دائرة النار.

يبقى الأمل الوحيد في وقف إنساني عاجل يعيد للسودانيين شيئًا من الأمل، قبل أن يتحول البلد إلى رماد على ضفاف النيل.

آخر الأخبار

ائتلاف عربي جديد من أجل "الكتاب الميسّر": معركة من أجل تفعيل اتفاقية مراكش

ائتلاف عربي جديد من أجل "الكتاب الميسّر": معركة من أجل تفعيل اتفاقية مراكش

كمال إيدير على أعتاب رئاسة الإفريقي: توافق واسع وأمل في ولادة جديدة

كمال إيدير على أعتاب رئاسة الإفريقي: توافق واسع وأمل في ولادة جديدة

"الزردة" تعود مجدداً.. ملحمة تونسية تتنفس روح التراث وتتحدى الزمن

"الزردة" تعود مجدداً.. ملحمة تونسية تتنفس روح التراث وتتحدى الزمن

وزير الخارجية الفرنسي يعلن: "باريس عازمة على الاعتراف بدولة فلسطين" في خطوة تاريخية

وزير الخارجية الفرنسي يعلن: "باريس عازمة على الاعتراف بدولة فلسطين" في خطوة تاريخية

نتنياهو يهاجم قادة الغرب: "جائزة كبرى لحماس" و"إسرائيل لن تقبل أقل من النصر الكامل"

نتنياهو يهاجم قادة الغرب: "جائزة كبرى لحماس" و"إسرائيل لن تقبل أقل من النصر الكامل"

Please publish modules in offcanvas position.