وأخيرا تحتفل تونس بميلاد عمل فني ضخم موجه للطفل وتكون الرائدة في الوطن العربي بعمل يحاكي تجارب عالمية كنا لا نراها إلا في السينما الأمريكية؛ مغامرة أقدم عليها فريق من الانتاج التونسي منهم المنتج الشاب مجدي الحسيني ومجمع القوبنطيني و منتجون ومستشهرون تونسيون راهنوا على حلم لفنان نحبه جميعا ولا نختلف في احترام تجربته النجم أحمد الأندلسي الذي يعود بعد وعكة صحية مرهقة ليسعد الأطفال والعائلات الباحثة عن انتاجات للطفل تخاطب خياله وتعطيه حقه من منتوجاتنا الفنية بعد أن كان شبه مغيب في كل ما تقدمه الشاشات، ليكون بهذا الفيلم فاعلا وبطلا، فقد فاجئنا أحمد بٱبنته التي أبهرت أهل الفن بآداءها حتى خلتها شخصيا ممثلة محترفة بحضورها وأريحية تقديمها للشخصية (عليسة) ومنها فاح عبق تاريخ تونس ليعانق جمال جغرافيتنا وروعة المناظر الطبيعية لبلادنا.
أبدع المخرج الشاب محمد خليل البحري في نقلها للمشاهد العربي ليسوق للسياحة التونسية ولمواقع تاريخية وداخلية لم يتفطن عديد المخرجين لها لاستثمارها في أعمالهم وغلب على الأحداث ايقاع تشويقي رائع لولا بعض المشاهد التي ازعجت بعض الأطفال لحدة عمق آداءها وتصويرها رغم أنها ضرورية للإثارة الدرامية وهو ما كان يمكن إختزال مدتها الزمنية أكثر حتى لا يكون تأثيرها سلبيا على الطفل خصوصاً وأنه الجمهور المستهدف ،وقد لفت انتباهي الحضور المميز للكبيرة نجوى ميلاد بتجربتها المسرحية العميقة أما عن وحيدة الدريدي فسأكتفي بأنها بإطلالة لثوان قدمت درسا في التمثيل وهنا يظهر الممثل الكبير في الدور الصغير ..لحظات خطفت أبصار الحاضرين وعانقت الروعة ..
وقد كان الحضور الكوميدي لكل من طارق بعلوش لطفي بندقةوزياد الجوادي و محسن بولعراس وصابر سيزار ورمزي هل تعلم مؤثرا في اضفاء جمالية على الفيلم ككل، و كسر روتين الإيقاع لتكون المشاهد متناغمة ومشوقة حد الابهار ..
إن التجاوب الذي كان بين الأطفال في هذا الفيلم فاق المنتظر رغم اختلاف تجاربهم ولم يبد للمشاهد أن بعضهم يمثل للمرة الأولى وساعدت بعض المؤثرات التي أحسن المخرج توظيفها على جعل العمل يرتقي للعالمية خصوصاً بالموسيقى التصويرية للرائع حمزة بوشناق ..
الفيلم فرصة لمن يبحث عن متعة رائعة لطفله ، حتما ستسعد الطفولة التونسية خلال هذه العطلة بهذا العمل وأنا شبه متأكد أنه سيحصد عديد الجوائز إذ أن من راهن على مثل هذه المشاريع حاول أن يجعله عملا بلا نقائص ..
فيلم "خاتم عليسة" خطوبة تاريخ بلادنا للجغرافيا التي لا تجدها في غير هذه الرقعة الصغيرة مساحتها و العظيمة بتاريخها والساحرة بطبيعتها ..
هنيئا لنا بمولود سينما الطفل "خاتم عليسة"في أنتظار أ ن ينسج منتجون آخرون على نفس المنوال وننتج للطفل، وندفع بأعمالنا الفنية إلى الأمام لتنافس في سوق الوطن العربي ولما لا في العالم فنحن لنا من الطاقات والمبدعين ما يجعلنا نتميز ونصل القمة..فقط إذا آمنا بذواتنا وٱقتنعنا بأننا قادرون ...
هذا طبعا ،في أنتظار أن تستفيق وزارة الثقافة من سباتها وتدعم من يستحق ...كي لا نستحق
