اختر لغتك

نار الأسعار تحرق جيوب المصريين وتعيد أغنياء الحرب إلى الواجهة

نار الأسعار تحرق جيوب المصريين وتعيد أغنياء الحرب إلى الواجهة

غياب الرقابة يشجع المضاربين على رفع الأسعار قبل توريد شحنات جديدة.

عاد مصطلح "أغنياء الحرب" ليتردد على ألسنة المصريين بعد أن شهدت الأسواق التجارية ارتفاعا ملحوظا في أسعار العديد من السلع الاستهلاكية والغذائية، بما يتجاوز القمح الذي تستورد القاهرة 80 في المئة منه من روسيا وأوكرانيا.

القاهرة- رغم بعد مصر تماما عن الحرب، إلا أن التدخل العسكري الروسي أدى إلى هستيريا في المضاربة نتيجة عدم اليقين في تدفق السلع مستقبلا، بما انعكس على المواطن البسيط الذي وجد نفسه أمام صعود طال أبسط احتياجاته، وأدى إلى حالة من الغضب وحمّل الحكومة مسؤولية فوضى تعمّ الأسواق.

وتتردد عبارة “أغنياء الحرب” في الأوقات التي شهدت فيها مصر حروبا مع إسرائيل وأوقات الاضطرابات الداخلية، وتكررت مع انتشار فايروس كورونا منذ نحو عامين وتداعياته التي قادت إلى الإغلاق الجزئي والكلي بين دول العالم وداخل الدولة الواحدة.

ويستهدف المصطلح بالأساس التجار والمستوردين الذين يوظفون الأزمات والحروب في زيادة أسعار السلع والخدمات حتى وإن لم تطلهم الأزمة بشكل مباشر.

ولدى شريحة من المواطنين قناعة بأن الزيادات المتسارعة طالت قطاعات جاءت نتيجة الخطاب المتكرر من جانب دوائر حكومية أن العالم سيتعرض لموجات تضخمية سوف تصيب الأسواق المصرية حتما، فنشأ وضع يمهد لإقدام التجار على الزيادة في الأسعار أسوة بتصريحات رسمية سابقة.

ودخل أعضاء حزب الأغلبية (مستقبل وطن) في البرلمان على خط الأزمة التي تصاعدت الاثنين في مصر جراء ارتفاع غير مبرر في أسعار السلع، وبدا هناك مسعى لتفعيل الأدوات الرقابية والقانونية كي لا تصب الأسعار الزيت على النار.

وتقدم عدد من النواب بينهم وكيل لجنة الخطة والموازنة مصطفى سالم بطلبات إحاطة إلى الحكومة حول الارتفاع الحاد وغير المبرر في معظم أسعار السلع الغذائية.

وطالب الحكومة الاثنين بالإجابة على الاستفسارات التي تهم المواطن في هذا الشأن، لأن الزيادات طالت أسعار بعض السلع التي لا يتم استيرادها مثل الأرز والدواجن واللحوم، مع أن مخزون العلف والذرة ظل بالأسعار القديمة، وتساءل عن سبب صمت وزارة التموين وجهاز حماية المستهلك عن الزيادات الجماعية في الأسعار.

ولا تثق إيمان ممدوح، وهي ربة منزل، كثيراً في خطوات الحكومة أو مجلس النواب لتشديد الرقابة على الأسواق، وتعتبر أن ما يحدث يشير إلى غياب الأدوات الرقابية في الأوقات العادية فما بالك بالعصيبة، وما يشغلها هو كيفية تدبير أمور حياتها وفقًا للزيادات الجديدة التي تقود إلى مزيد من العجز على مستوى ميزانية منزلها الشهرية.

وأضافت في تصريح أنه في غضون ساعات قليلة ارتفع سعر بيع الأزر الذي تتم زراعته في الداخل بمقدار أربعة جنيهات للكيلوغرام، ما يؤشر على أن الزيادة قررها بائع الجملة أو التجزئة بشكل جزافي وسريع للاستفادة من الزيادات في أسعار السلع الأخرى.

واعتبرت أن الزيادة في أسعار الخبز السياحي (غير المدعم) بنحو 50 في المئة في الأيام الماضية أفسح المجال أمام ارتفاع أسعار باقي السلع الاستهلاكية بشكل سريع ومتلاحق.

وتكمن أزمة إيمان وغيرها من المصريات في أن تكلفة الوجبة المدرسية اليومية للأبناء ارتفعت بنسبة تصل إلى 20 في المئة، وعليها البحث عن آليات تدبير جديدة تستطيع من خلالها مجاراة حالة الغلاء، في حين أن التوجهات الاقتصادية للحكومة تذهب باتجاه السلع والخدمات وتقليص الدعم الذي تقدمه، ما يعني أنها في معركة لمواجهة جشع التجار بمفردها دون مساندة حكومية على مستوى توفير الدعم وضبط الأسواق.

وشهدت الأيام الماضية تأكيدات عديدة من جانب شُعب المستوردين التابعة لجهات حكومية عديدة بأن هناك ارتفاعا في أسعار بعض المواد الخام والغذائية والسلع في البورصات العالمية بسبب تداعيات الحرب، غير أنها أكدت في الوقت ذاته أنها لم ترتفع في السوق المحلية حاليا لعدم استيراد شحنات جديدة بعد.

وحسب البعض من المراقبين ستكون موجة الزيادات الحالية أكثر تأثيراً على الطبقات الاجتماعية المتوسطة وليست الفقيرة لأن الثانية في كل الحالات لن تستطيع مجاراة التطور الحاصل على مستوى الزيادة في أسعار السلع والخدمات منذ سنوات، بينما الطبقة المتوسطة التي سعت جاهدة للتأقلم مع التوجهات الاقتصادية الحكومية سوف تصطدم بزيادات جديدة تُربك خططها.

وتنظر قوى معارضة إلى حالة الاضطراب التي تتعرض لها الأسواق على أنها فرصة مواتية لتأليب المواطنين ضد الحكومة، لأن حراك الشارع دائما ما يكون وقوده الطبقات المتوسطة، لكن تلك الرؤية غير قابلة للتحقق سريعا لأن الزيادات لا تقتصر على مصر، بل تطال الكثير من دول العالم أيضا.

وأكد خبير الاقتصاد السياسي كريم العمدة أن شكاوى المواطنين من الزيادات لن تتوقف، ومن سيتحمل مسؤوليتها هي الحكومة المصرية وليست روسيا التي بدأت شرارة الحرب، ولدى المواطنين الحق في التذمر الراهن، لأنهم أمام زيادات سريعة وحالة قريبة من الانفلات تطغى على تعاملات الأسواق.

وشدد في تصريح أن هناك تقصيرا حكوميا في الرقابة على الأسواق في ظل زيادات حقيقية في أسعار السلع الاستهلاكية لا يمكن تجاهلها، وبالتالي ثمة حاجة إلى سرعة تفعيل الأدوات والآليات والقوانين التي تحد من جشع التجار بحيث تكون الزيادات منطقية، وعلى المواطنين أنفسهم دور في التعامل مع الأزمة الراهنة من خلال إبلاغ جهاز حماية المستهلك عن الزيادات، وهو جهاز حكومي يستهدف ضبط الأسواق والتأكد من جودة السلع والخدمات.

ويبدو أن المشكلة تعود إلى وجود ترهل حكومي وخاصة في الوزارات الخدمية التي من المفترض أن تكون حاضرة بقوة لإحداث حالة من التوازن في الأسواق، فضلا عن غياب الأجهزة المحلية التي كانت تلعب في السابق دورا مهما على مستوى الرقابة على موظفي المحليات والتصدي للفساد والرشاوى التي يتحصل عليها البعض مقابل غض الطرف عن قرارات التجار.
أحمد جمال
صحافي مصري

آخر الأخبار

النادي الإفريقي يستعيد بلال أيت مالك: جاهز للتألق أمام النادي البنزرتي!

النادي الإفريقي يستعيد بلال أيت مالك: جاهز للتألق أمام النادي البنزرتي!

25 ألف مشجع في رادس: السلط الأمنية توافق على دخول جماهير النادي الإفريقي لملاقاة النادي البنزرتي!

25 ألف مشجع في رادس: السلط الأمنية توافق على دخول جماهير النادي الإفريقي لملاقاة النادي البنزرتي!

نبيل لحيمر: النبي إدريس عاش في شط الجريد وقبيلة هوارة أسست قرطاج

النبي إدريس والنبي موسى عليهما السلام عاشا في شط الجريد وقبيلة هوارة أسست قرطاج

المنتدى العربي الأول لشبكات المدارس والنوادي والكراسي العلمية المنتسبة للألكسو: نحو إشراك الطفولة والشباب في مواجهة التغيرات المناخية

المنتدى العربي الأول لشبكات المدارس والنوادي والكراسي العلمية المنتسبة للألكسو: نحو إشراك الطفولة والشباب في مواجهة التغيرات المناخية

وادي مليز: عودة الروح لدار الثقافة واستعادة أمجادها الثقافية

وادي مليز: عودة الروح لدار الثقافة واستعادة أمجادها الثقافية

Please publish modules in offcanvas position.