في حدث منتظر طال انتظاره، وتحت إشراف الأستاذ منصف كريمي، كاهية مدير المؤسسات والتظاهرات الثقافية بنيابة عن المندوب الجهوي للشؤون الثقافية بجندوبة، وبحضور الأستاذين محمود النغموشي، رئيس مصلحة الإعلامية والتنظيم، وزياد همامي عن مصلحة التجهيز والبناءات، تم يوم 24 ديسمبر الجاري افتتاح دار الثقافة بوادي مليز رسميًا. وقد تم تسليم المهام للأستاذ كريم عوّادي، مدير المؤسسة، إيذانًا بانطلاق الأنشطة الثقافية في انتظار تدشينها رسميًا بعد أن شهدت عمليات إعادة بناء شاملة منذ 8 يناير 2022.
مقالات ذات صلة:
وادي مليز تحتفل بعيد الشجرة تحت شعار التزام جماعي بالبيئة ومستقبل أخضر
وادي مليز : تظاهرة ثقافية احتفاء بـ"مصيف الكتاب"
وادي مليز: تظاهرة "الوقاية من العنف بالوسط المدرسي"
مرافق حديثة تُواكب التحولات الثقافية
شهدت دار الثقافة بوادي مليز عمليات توسعة طالت مختلف مرافقها، حيث أصبحت تضم جناحًا إداريًا حديثًا، وثلاث قاعات لنوادي الاختصاص، وقاعة متعددة الاختصاصات تتسع لأكثر من 300 شخص. هذا التطوير يعد نقلة نوعية تُعزز قدرة المؤسسة على احتضان فعاليات ثقافية متنوعة تلبي احتياجات المنطقة.
تاريخ ثقافي حافل بالتميز والإبداع
منذ تأسيسها في 28 فبراير 1977، كانت دار الثقافة وادي مليز حاضنة للإبداع والتميز الثقافي. ففي أولى فعالياتها، استضافت فرقة "عاكف المصرية"، واستمرت في استقطاب عمالقة الفكر والفن مثل الدكاترة كمال عمران، ألفة يوسف، والعادل خضر. كما شهدت هذه المؤسسة محطات مميزة مع تعاقب إدارتها من المرحوم الشاعر محمد المدفعي، إلى الأستاذ عبد الكريم بن حمودة، فالأستاذ الطاهر أولاد علي، وصولًا إلى الشاعر والإعلامي منصف كريمي، الذي تميزت إدارته بتطوير الأنشطة وإثراء المشهد الثقافي.
أحداث وفعاليات خالدة
كانت دار الثقافة وادي مليز منصة لتنظيم مهرجانات كبرى، منها مهرجان "السنابل" عام 1992، و"المهرجان الجهوي للموسيقى والفنون الشعبية" عام 1985، و"مهرجان سيدي جاء بالله للتراث" عام 1993. كما نظمت المؤسسة في السنوات الأخيرة سلسلة من الفعاليات الثقافية التي تركت بصمة واضحة، مثل "الملتقى الإقليمي للأدباء الشبان" (2012)، و"الأيام التنشيطية والثقافية للطفل بالوسط الريفي" تحت شعار "أطفال مبدعون من أجل الحياة ودفء الشتاء"، و"ملتقى التراث والإعلام والجمعيات الثقافية"، و"أسبوع الفن" (2015)، و"يوم الإبداع الأدبي التونسي الجزائري" (2016)، وتظاهرات مثل "عطلتي متعتي"، و"أيام الفنون بالوسط الريفي" (2018)، و"مهرجان الورود والفنون" (2019).
انفتاح على المجتمع المحلي والتربوي
تميزت المؤسسة بانفتاحها على الوسط التربوي، حيث استهدفت مدارس ومؤسسات تعليمية ريفية مثل الدخائلية، 20 مارس، حكيم، وهنشير ميرة. كما شملت الأنشطة عروضًا موسيقية ومسرحية ومباريات ثقافية، إضافة إلى ورشات تكوينية للشباب في مجالات المواطنة والقيم الاجتماعية.
إشعاع إعلامي ورقمي
على صعيد الإعلام، حظيت أنشطة دار الثقافة بتغطية واسعة، من بينها مواكبة قناة "الحرة" العراقية لتظاهرة "أطفالنا دفء حياتنا". كما رسّخت المؤسسة مكانتها الرقمية منذ إطلاق صفحتها على "فيسبوك" عام 2015، والتي توفر تقارير إعلامية ومالية وصورًا وأرقامًا، فضلًا عن توثيقها لأنشطة ثقافية منذ عام 1974. ومنذ عام 2021، أطلقت المؤسسة قناتها على "يوتيوب" لتوسيع دائرة إشعاعها.
تطلعات نحو الريادة
مع إدراجها ضمن مشروع "المؤسسة الثقافية الرائدة" الذي تعتزم وزارة الشؤون الثقافية إطلاقه في 2025، تعد عودة دار الثقافة بوادي مليز مكسبًا استراتيجيًا في إطار اللامركزية الثقافية. التحدي الآن يكمن في استثمار هذا التاريخ الثقافي الغني لتطوير الأنشطة الثقافية وتعزيز دورها في تأطير الناشئة وتثمين الإبداع.
دعوة للتجديد والاستدامة
إن عودة الحياة لدار الثقافة بوادي مليز ليست فقط استعادة لمبنى، بل هي استعادة لروح الإبداع والتنوع الثقافي. على المشرفين على هذه المؤسسة البناء على هذا الإرث الغني لضمان مستقبل زاهر للثقافة والإبداع في المنطقة.
أميرة قارشي