تكرار أزمة اليونان في تونس هو أكثر ما عبرت عنه المخاوف بشأن الوضع الاقتصادي للبلد الذي يعيش انتقالا ديمقراطيا صعبا. وجاءت التحذيرات من السيناريو اليوناني في الوقت الذي أثار فيه مشروع ميزانية العام القادم جدلا متصاعدا.
تونس - ارتفعت حدة التحذيرات والمخاوف من تكرار أزمة اليونان في تونس، وذلك في الوقت الذي أثار فيه مشروع الموازنة العامة للدولة التونسية للعام القادم جدلا متصاعدا، وسط انتقادات الخبراء الذين لم يترددوا في وصفه بـ“الهزيل والترقيعي”.
وخرجت تلك التحذيرات من دائرة الأحزاب المعارضة، لتضم وزراء في الحكومة الحالية، وذلك في سابقة تعكس حجم الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها البلاد، والتي يُنتظر أن تتعمق أكثر فأكثر خلال عام 2017.
واعتبر إياد الدهماني الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقة مع مجلس النواب، أن المؤشرات المالية لتونس خطيرة، ولفت إلى أن حكومة بلاده “تتخوف من تكرار السيناريو اليوناني في تونس”.
وهذه المرة الأولى التي يُعرب فيها مسؤول حكومي تونسي عن خشيته ومخاوفه من تكرار الأزمة التي جعلت اليونان تقترب من حافة الإفلاس، وذلك رغم إقرار مختلف الأطراف السياسية والاقتصادية والاجتماعية بأن تونس تمر حاليا بأزمة اقتصادية ومالية لم تعرف مثلها من قبل.
وعرفت اليونان في بداية عام 2010 أزمة مالية عصفت باقتصادها وجعلتها تقف على حافة الإفلاس، كما هددت استقرار منطقة اليورو، ما دفع أوروبا في أغسطس من عام 2015 إلى إقرار خطة إنقاذ تضمنت قروضا لمساعدة اليونان على تجنب خطر الإفلاس والتخلف عن تسديد ديونها.
وأرجع الوزير التونسي مخاوفه وتحذيراته في تصريحات إذاعية سابقة، إلى أنه كان من المتوقع أن يكون عجز الموازنة العامة للدولة خلال العام الجاري في حدود 3 مليارات دينار غير أنه ارتفع ليصل حاليا إلى 6 مليارات دينار. وأضاف أن كتلة رواتب القطاع العام أصبحت تستأثر لوحدها بنحو 75 في المئة من مداخيل الدولة، ما يعني انعدام وجود موارد أخرى يمكن توجيهها للتنمية، “الأمر الذي دفع الدولة إلى الاقتراض ليس لتمويل مشاريع التنمية، وإنما لتسديد الديون والفوائض”.
وكشف في هذا السياق أن حجم المديونية الخارجية لتونس “تجاوز نسبة 60 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وبالتالي فإن هذه المسألة تُعتبر خطيرة على دولة دينارها يتهاوى”، على حد تعبيره.
وتأتي هذه التحذيرات فيما تزايدت الانتقادات الموجهة إلى مشروع الموازنة العامة للدولة التونسية لعام 2017، الذي تستعد الحكومة الحالية لعرضه على مجلس نواب الشعب للمصادقة عليه.
ورصدت السلطات التونسية في هذا المشروع زيادة تُقدر بنحو 12.2 في المئة عن موازنة العام الجاري. وتم تحديد حجم الموازنة القادمة بـ32.705 مليار دينار.
وفي هذا السياق، رسم هذا المشروع توقعات لنمو الاقتصاد التونسي بنسبة 2.3 في المئة.
وتخطط الحكومة التونسية لتوجيه 2700 مليون دينار للدعم، إلى جانب رصد 500 مليون دينار لصالح الصناديق الاجتماعية التي تواجه صعوبات مالية كبيرة.
وانتقد وزير المالية الأسبق حسين الديماسي هذا المشروع، في تصريحات إعلامية، الإجراءات المقرر اتخاذها في الموازنة القادمة، قائلا أنها مجرد “ترقيعات لا تفيد ولا تنفع”.
وشدد على أن البلاد تمر حاليا بأزمة خانقة، وأرجع أسبابها إلى ما وصفه بـ“الأخطاء الفادحة” التي ارتكبتها حكومات الترويكا التي اتخذت إجراءات وقرارات أرهقت موازنة الدولة بشكل لا يطاق، مازالت البلاد تعاني تبعاتها إلى اليوم.