أول قطار صيني محمل بالبضائع يصل لندن، وخفض تكلفة النقل وسرعة الشحن يرجحان كفة القطار على الطائرة والسفينة.
لندن - لجأت الصين إلى إعادة مد طريق الحرير في محاولة لبناء قوة ناعمة صينية لطالما فشلت في صياغتها على مدار صعودها كقوة اقتصادية عالمية منذ ثمانينات القرن الماضي.
وسيوفر طريق الحرير الجديد حضورا صينيا يضاف إلى النفوذ الاقتصادي الذي تتمتع به بكين في أوروبا. كما سيعيد التفكير في تكلفة الشحن التقليدية بالطائرة أو عبر البحار.
وسيعيد طريق السكك الحديدية الجديد إحياء طريق كان يمتد من المراكز التجارية في شمال الصين، وينقسم إلى فرعين شمالي وجنوبي.
وكان الفرع الشمالي يمر عبر شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم في روسيا، وحتى البحر الأسود وبحر مرمرة ودول البلقان، وصولا إلى البندقية في إيطاليا.
أما الفرع الجنوبي فكان يخترق تركستان وخراسان وما كان يعرف ببلاد ما بين النهرين (العراق) وتركيا وسوريا، عبر دمشق إلى مصر وشمال أفريقيا.
وهذا الأسبوع تمكنت الصين من الوصول بالطريق الجديد إلى أبعد نقطة في غرب أوروبا… لندن.
وبعد رحلة استمرت 18 يوما بلغ طولها 12 ألف كم وصل الأربعاء إلى لندن أول قطار بضائع يربط مباشرة الصين بالمملكة المتحدة.
ووصلت القاطرة الملونة بالأصفر والأحمر، والتي تحمل علامة شركة دويتشي باخن الألمانية، إلى باركينغ شرق لندن بعيد الساعة 13:00 ت غ.
وسار القطار ببطء شديد لدى وصوله ليشق يافطة كبيرة كتب عليها “أول قطار بضائع من الصين إلى المملكة المتحدة- يناير 2017” قبل أن ينثر عليه سيل من القصاصات الملونة.
وانطلق القطار في الأول من يناير من مدينة يويو الصناعية جنوب بكين ثم عبر كازاخستان وبيلاروسيا وبولندا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا قبل عبور نفق المانش إلى بريطانيا.
ونقل القطار، الذي امتلأت عرباته بالملابس وسلع استهلاكية أخرى، 34 حاوية وهو عدد يقل كثيرا عن حمولة السفن التي تستطيع نقل ما بين عشرة آلاف وعشرين ألف حاوية.
وضمت الحاويات جوارب وحقائب سفر وحقائب نسائية ومحافظ بتكلفة 4 ملايين جنيه إسترليني. وقطع القطار مسافة أكثر من 7 آلاف ميل، وهو ما يعد أكبر رحلة بالقطار في العالم.
وإذا كان شخص ما في أوروبا يسعى إلى شراء بضاعة وشحنها من الصين فسيكون أمامه خياران فقط: الشحن السريع بالطائرة، أو الانتظار لأكثر من شهر لوصول البضائع المشحونة في حاويات تنقلها السفن.
واليوم بات أمام الجميع خيار ثالث لشحن البضائع بالقطار. وسيوفر القطار الكثير من الوقت، إذ سيكون عدّل توقيت الوصول إلى محطته الأخيرة في بريطانيا أسبوعين فقط.
ويقول محللون اقتصاديون إن خط السكك الحديدية سيكون له تأثير مباشر على تكلفة البضائع، إذ ستقل بشكل كبير أسعار البضائع المشحونة بالقطار عن تلك المشحونة على متن السفن، كنتيجة للفرق الكبير في تكاليف الشحن.
وضمن استراتيجية وضعها الرئيس الصيني شي جين بينغ “حزام واحد، طريق واحد”، بدأت هيئة السكك الحديدية الصينية العامة ربط عدة مدن أوروبية بالصين، من بينها مدريد وهامبورغ. ووصل 1800 قطار إلى أوروبا منذ بدء الخدمة.
وتأتي معظم البضائع الصينية المصدرة إلى أوروبا من مصانع صغيرة ومتوسطة في مدينة يويو، وهي منطقة تشكل القلب الصناعي في محافظة زيجيانغ.
