تعيش الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي التي يترأسها هيكل دخيل واحدة من أعقد وأخطر أزماتها منذ تسلّمها مقاليد التسيير، بعد أن راجت مساء الأحد 18 ماي 2025 أنباء مؤكدة عن تقديم عدد من أعضائها استقالاتهم في خطوة جماعية غير مسبوقة.
لكن ما وراء هذه "الاستقالة الجماعية"؟ هل هي نتيجة طبيعية لتردي نتائج الفريق أم أن الخلل أعمق وأخطر؟
مصادر مطّلعة أكدت أنّ الأسباب تتجاوز بكثير ما هو رياضي، فرغم أن الفريق اكتفى بالمركز الرابع في الترتيب النهائي وخرج مبكرًا من مسابقة كأس تونس، إلا أن الشرخ الحقيقي حصل في كواليس الهيئة، وتحديدًا في ما بات يعرف بـ أزمة الثقة بين رئيس الهيئة هيكل دخيل والمستثمر الأمريكي فيرجي شامبرز.
شامبرز الذي ضخّ أموالًا طائلة في حسابات الإفريقي، بات - وفق مصادر مقربة - غير راضٍ على طريقة التصرّف فيها، خصوصًا بعد اكتشافه أرقامًا متضاربة بخصوص حجم ديون النادي، إضافة إلى تصرفات مالية لم تكن محل اتفاق. هذه الشكوك غذّاها تسريب مكالمات هاتفية لأعضاء من الهيئة إلى الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما كشف هشاشة العلاقة الداخلية ووجود صراعات شخصية ومؤسساتية باتت تهدد كيان النادي.
وفي ظل هذه العاصفة، تتعالى أصوات من الجماهير ووجوه من العائلة الموسّعة للنادي تطالب بعودة السيد كمال إيدير إلى رئاسة النادي، باعتباره شخصية قادرة على جمع الشمل، وواحدة من القلائل الذين يحظون بالثقة داخل دوائر القرار الكروي، ويتمتعون بتاريخ نظيف في التسيير.
وبين ضغوط الجماهير، وغضب المستثمر، واهتزاز القيادة، عاش أعضاء الهيئة ضغطًا غير مسبوق، دفعهم إلى اتخاذ قرار الانسحاب الجماعي، كنوع من الهروب من المسؤولية أو رفض التورط في مشهد يزداد تعفّنا، حسب تعبير أحدهم.
في العمق، ما حدث ليس مجرّد استقالة جماعية، بل هو إعلان فشل لتجربة تسييرية لم تستطع بناء الثقة لا داخليًا ولا خارجيًا، وتهدد اليوم بإعادة النادي إلى نقطة الصفر.
الأسئلة الآن:
من يتحمّل المسؤولية السياسية والمالية والأخلاقية لما يحدث؟
وهل سيكون هناك تدخل من الجامعة التونسية لكرة القدم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
والأهم: هل يستجيب كمال إيدير لنداء الإنقاذ في اللحظة الأخيرة؟