الصفحة 2 من 3
النازيون الجدد والنبش في الهوية
يتبنّي النازيون الجدد، وهم يمينيون متطرفون يعتبرون أنفسهم امتدادا للنظام النازي الذي حكم ألمانيا بين 1933 و1945، شعارات الأيديولوجية النازية مثل الصليب المعقوف، ويعتنقون أفكارا معادية للمهاجرين والأشخاص غير المنحدرين من أصل ألماني، ويعادون النظام السياسي الحالي في البلاد.
ولعل قلق السياسيين الألمان من ازدياد هذه الظاهرة يعود إلى فظائع النظام النازي. فقد لقي أكثر من ستة ملايين يهودي حتفهم من قبل النازيين في عمليات منظمة، معظمهم قتلوا في معسكرات الاعتقال.
وأشاد الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير بجورج إلسر، الذي هاجم الزعيم النازي أدولف هتلر، بأنه كان ممثلا بارزا للمقاومة في مواجهة الدكتاتورية النازية.
وقال شتاينماير بمناسبة الذكرى الثمانين على المحاولة الفاشلة لهجوم إلسر على هتلر “جورج إلسر كان شخصا مميزا، وليس مواطنا عاديا”.
وأكد الرئيس الاتحادي “جورج إلسر يعدّ في تاريخ القرن العشرين شخصا عظيما ظل مغمورا في الذاكرة طويلا بشكل أكثر من اللازم”، وأضاف أن ألمانيا مدينه له بالاعتراف والاحترام والشكر.
وقام إلسر بتفجير قنبلة خلال فعالية حضرها هتلر في مدينة ميونيخ، بجنوب البلاد، في الثامن من نوفمبر عام 1939 ونجا الزعيم النازي من الهجوم، حيث كان غادر القاعة قبل وقت قصير من التفجير. وتم إلقاء القبض على إلسر وقتله النازيون قبل نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945. وتم إقامة نصب تذكاري لإلسر أمام مبنى البلدية مباشرة بمسقط رأسه.
وتواجه ألمانيا تزايدا لافتا في عدد جرائم اليمين المتطرّف، ما يؤشر على توسع نطاق فكر عنصري يهدد التعايش المشترك، فيما كشفت أجهزة الاستخبارات البلجيكية مؤخرا أن اليمين المتطرف في أوروبا الغربية بصدد التسلح.
ويمكن مشاهدة فظائع النظام النازي حاضرة في المتاحف الألمانية، والتي تروي تفاصيل أحلك فصل في التاريخ الألماني الحديث. وفي كل مدينة ألمانية كبيرة توجد متاحف تؤرخ للحقبة النازية وآثارها على ألمانيا وأوروبا.
ويسعى العاملون في هذه المتاحف للرد على جميع استفسارات الزوار، التاريخية منها بالذات.
ومن غير المسموح في ألمانيا إظهار أي تقدير للعادات النازية. ترديد التحية النازية، بالقول “سيغ هايل” أو “هايل هتلر” هو أمر غير قانوني في ألمانيا، حسب المادة 86 من القانون الجنائي. ويمكن أن يواجه المذنب السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات إذا ثبتت إدانته.
ودعا رئيس مؤتمر الأساقفة الألمان الكاردينال راينهارد ماركس إلى مزيد من التكاتف المجتمعي في ظل تزايد معاداة السامية حاليا.
وأورد بيان لفعالية مشتركة بين مؤتمر الأساقفة الألمان ومؤتمر الحاخامات الأرثوذكس، قول الكاردينال “لديّ مخاوف كبرى لأنني أعايش مجتمعنا الذي يزداد به وجود متاجر مغلقة ومدوّنات وأيديولوجيات لأشخاص لا يمكن وعظهم، وهم منشغلون بنظريات المؤامرة”.
ونقل البيان عن رئيس المؤتمر المركزي لليهود في ألمانيا جوزيف شوستر قوله إن الهجوم الذي استهدف معبدا يهوديا في مدينة هاله مؤخرا أدى إلى حالة من الخوف.
وأضاف أنه أصبح ممكنا في ألمانيا حاليا صدور تصريحات معادية للسامية لم تكن موجودة قبل بضعة أعوام، وقال شوستر “يعد ذلك إزاحة لخطوط حمراء”.
لكنه أشار إلى أن الإعراب عن التضامن من ناحية أخرى يمنح أملا، وقال “ما نحتاجه قد يكون غير مكلف تماما: نحن بحاجة للشجاعة الأدبية من كل شخص. الشجاعة الأدبية يمكن أن تغيّر بلدنا، حينئذ يكون قد تحقق الكثير”. أعلن رئيس الهيئة الاتحادية لمكافحة الجرائم والتحقيقات الجنائية بألمانيا أن هيئته تصنّف حاليا 34 شخصا من التيار اليميني على أنهم خطيرون أمنيا. وقال هولغر مونش إن هناك 112 شخصا آخرين يعتبرون أشخاصا ذوي صلة، لافتا إلى أن الأعداد ارتفعت؛ حيث كان مصنّفا 24 شخصا فقط كخطيرين أمنيا في عام 2016.
وذكر توماس هالدنبفانغ، رئيس الهيئة الاتحادية لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية بألمانيا) إن هيئته تفترض وجود 12700 يميني متطرف يروجون لنشر العنف في ألمانيا حاليا. وأضاف هالدنبفانغ أنه يكاد يكون من المستحيل إبقاء الجميع تحت النظر على مدار الساعة.
وسجلت جرائم اليمين المتطرف في ألمانيا رقما قياسيا عام 2016، على خلفية موجة اللجوء الكبيرة في 2015، لتبلغ 23 ألفا و555 جريمة.
وفي عام 2017، سُجلت 20 ألفا و520 جريمة لليمين المتطرف، فيما تناقص العدد إلى 19 ألفا و105 جرائم، للعام 2016.
ويشير الخبراء إلى أن العدد الحقيقي لجرائم اليمين المتطرف أكبر بكثير مما هو مسجل في التقارير، بسبب عدم قيام الكثير من الأشخاص بالإبلاغ عن هذا النوع من الحوادث والجرائم.