اختر لغتك

الغنوشي في قلب المأزق: استدارة "السيستام" وانتفاضة الحرس القديم

الغنوشي في قلب المأزق: استدارة "السيستام" وانتفاضة الحرس القديم

الغنوشي في قلب المأزق: استدارة "السيستام" وانتفاضة الحرس القديم - رسالة تهدئة

رسالة تهدئة
 
من الواضح أن مبادرة الغنوشي لإنهاء المحاكمات في حق قيادات من الدولة في فترة ما قبل الثورة كانت محكومة بعدة مواعيد، لعل أولها مؤتمر نداء تونس المقرر في بداية العام الجديد. ويجري التحضير للمؤتمر على قاعدة مناهضة حركة النهضة واستعادة خطاب الفرز الأيديولوجي الذي سبق انتخابات 2014 وكان له دور أساسي في فوز النداء وتراجع النهضة للمرتبة الثانية، فضلا عن فوز كاسح في الرئاسية للباجي قائد السبسي على حساب محمد المنصف المرزوقي الذي صوت له جمهور النهضة.
 
ويسعى رئيس حركة النهضة إلى إبطاء عملية التحشيد الجديدة والتي وجدت مبرراتها في المحاكمات التي تتم لقيادات ووزراء سابقين بأسلوب تتم قراءته على أنه جزء من مسار انتقامي بوجه ممثلي الدولة العميقة أو من عملوا معها، وارتفع منسوب هذا التحشيد مع بكاء وزير الداخلية السابق أحمد فريعة على التلفزيون مباشرة.
 
رسالة التهدئة التي أرسلها الغنوشي موجّهة إلى دوائر الدولة العميقة التي تعيد ترتيب بيت نداء تونس وقد تضغط لإعادة توحيده لمواجهة تمدد خطاب الكراهية والانتقام، وهو ما يعني الضغط لتصويب الخلاف الثانوي بين حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس التونسي، وبين رئيس الحكومة الذي غامرت النهضة بالتحالف معه في قراءة ربما كانت مستعجلة وتوهم أنه البديل المستقبلي.
 
وجاءت الرسالة المضادة من بيان الديوان السياسي لنداء تونس التي انتقد فيها ما أسماه مسعى حركة النهضة المستمر لوضع يدها على مؤسسات الدولة، داعيا “الطيف الديمقراطي” إلى تشكيل حكومة جديدة دون حركة النهضة، وهو ما يعني، وإن بشكل غير مباشر، أن العرض يشمل الشاهد نفسه والكتلة النيابية الحليفة له في البرلمان إذا قرر التراجع وفك ارتباطه بحركة مصيرها غير معلوم.
 
ويتخوف رئيس حركة النهضة من إعادة التحالف بين المنظومة القديمة ومجموعات يسارية، وخاصة الجبهة الشعبية، وهو تحالف بدت أولى ملامحه في “ظهور وثائق جديدة” تتعلق بالاغتيالات السياسية في فترة حكم النهضة، وهي ورقة ضغط ظهرت مباشرة بعد فك التوافق مع الرئيس قائد السبسي، وفهمت على أنها رسالة شديدة اللهجة إلى الحركة للكف عن اللعب على الحبال.
 
وجاء بيان الديوان السياسي، وهي التسمية القديمة للمكتب السياسي، في تأكيد على ولاء الحزب لهويته البورقيبية وتمايزه عن التنظيم الإسلامي، ليؤكد على أولوية أن تأخذ الحكومة بجدية ما جاء في الوثائق التي كشفت عنها هيئة الدفاع عن السياسيين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، اللذين تم اغتيالهما بين فيفري وجويلية 2013، وأفضت الاحتجاجات التي رافقت عملية الاغتيال إلى الإطاحة بحكومة الإسلاميين وتعويضهما بحكومة وحدة وطنية تجمع مختلف الفعاليات السياسية والنقابية ومن بينها النهضة.
 
ويقول العارفون بشؤون الحركة إن دعوة الغنوشي إلى العفو العام، وما يتبعها من نتيجة مباشرة بتهميش هيئة الحقيقة والكرامة، ستدفع إلى تغيير نوعي داخل التنظيم يقود إلى توسيع الهوة بين فريقين قياديين لكل منهما جمهوره وداعموه.
 
الفريق الأول، وهو الحرس القديم، أقوى عددا وأضعف مبادرة، ويضم وجوها بارزة تتقن التصعيد وتظهر للأنصار التمسك بهوية الجماعة وتراثها في مواجهة السلطة سواء في فترة الرئيس المؤسس الحبيب بورقيبة أو خلفه بن علي. ورغم دفاع هذه المجموعة عن انخراط الحركة في العمل السياسي والمشاركة في الحكم، لكنها لم تغادر بعد مربع الفرقة الناجية، الوصية على الثورة والراغبة في استعادة هيمنة الخط الدعوي على سلوك الحركة، وخاصة خلق حاجز مع المنظومة القديمة لإظهار التمايز عنها.
 
عارض هذا الفريق التوافق الذي تم بين الحركة والرئيس التونسي، والتوافق الذي يراوح مكانه مع حركة مشروع تونس بزعامة القيادي اليساري السابق في الجامعة. وهناك ميل بين جمهور هذا الفريق وقياداته إلى عقد تحالفات شبيهة بتحالفات حكومة الترويكا (2012-2013).
 
ولا شك أن “فتوى” الغنوشي باستصدار عفو عام سيفرغ عمل هيئة الحقيقة والكرامة من محتواها، ما يعني أن الحركة قررت أن تتخلى عن إرثها في المظلومية الذي كانت تغذي به ترابط الجماعة ووحدتها وكانت توظفه في حملاتها الانتخابية، وخاصة في تبرير خطواتها للانفتاح والتوافق وتغيير هوية الحركة من جماعة إخوانية غارقة في القيمة والتاريخ إلى جماعة براغماتية تلوّن مواقفها حسب الحاجة والضغط.
 
ورغم أن عمل هيئة الحقيقة والكرامة لم يتجاوز مجرد توثيق الاعترافات، وهو أقرب لوقوف المريض أمام طبيب نفسي منه إلى إعادة تقويم مرحلة سابقة، حيث صارت الهيئة تمتلك ملفا ضخما لمعاناة آلاف السجناء، لكنها بدلا من أن تفاوض لتمكينهم من تعويضات أو حلول بديلة لتجاوز أوضاع حرجة في الصحة أو العمل الهامشي، حوّلت وجهة المعركة لمقارعة المنظومة القديمة في أجهزتها العليا، وصار ملف العدالة الانتقالية معركة سياسية وشخصية للهيئة ورئيستها سهام بن سدرين.
 
 

آخر الأخبار

المعهد الوطني للرصد الجوي يحذر من خلايا رعدية وأمطار محلية في الجنوب الشرقي والمرتفعات الغربية

المعهد الوطني للرصد الجوي يحذر من خلايا رعدية وأمطار محلية في الجنوب الشرقي والمرتفعات الغربية

منظمة الدفاع عن المستهلك ترفض زيادة تسعيرة عداد التاكسي 

منظمة الدفاع عن المستهلك ترفض زيادة تسعيرة عداد التاكسي 

منتخب تونس يستعد لمواجهة غامبيا في المغرب ضمن تصفيات أمم أفريقيا 2025

منتخب تونس يستعد لمواجهة غامبيا في المغرب ضمن تصفيات أمم أفريقيا 2025

وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية يقود جهود إزالة العقبات لتعزيز الاستثمار والتنمية

وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية يقود جهود إزالة العقبات لتعزيز الاستثمار والتنمية

الكينغ محمد منير يعاني من أزمة صحية: سفر عاجل إلى ألمانيا للعلاج والمتابعة

الكينغ محمد منير يعاني من أزمة صحية: سفر عاجل إلى ألمانيا للعلاج والمتابعة

Please publish modules in offcanvas position.