اختر لغتك

نحو استكمال البناء الدستوري في تونس

نحو استكمال البناء الدستوري في تونس

نحو استكمال البناء الدستوري في تونس

تشهد تونس تحولات دستورية عميقة ألقت بظلالها على منظومة التوازن بين السلطات مما أفرز واقعا قانونيا جديدا تتداخل فيه التأويلات الدستورية مع مقتضيات المرحلة، وفي ظل هذا السياق برزت إشكالية غياب المحكمة الدستورية وتفكيك المجلس الأعلى للقضاء وهو ما أدى إلى إعادة تشكيل العلاقة بين السلطات على نحو استثنائي بات يطرح تساؤلات جوهرية حول آليات ضمان استقلالية القضاء وتفعيل الرقابة الدستورية، ومن هذا المنطلق، يصبح استكمال البناء المؤسسي ضرورة تفرضها طبيعة الدولة القانونية ذاتها إذ لا يمكن الحديث عن استقرار دستوري دون مؤسسات قادرة على ضبط التوازن بين السلط وحماية المبادئ الدستورية من أي تأويل ظرفي.

مقالات ذات صلة:

الحكم المحلي في تونس بين مبادئ الدستور وإشكاليات التطبيق

صدمة سياسية: عبير موسي تواجه تهديدًا بالإعدام و"الدستوري الحر" يندد بتصفية سياسية

الجمعية التونسية للقانون الدستوري تحذّر: المسار الانتخابي في خطر بسبب تجاهل أحكام القضاء

ولعل غياب المحكمة الدستورية قد كشف عن تحديات جوهرية تتجاوز البعد الإجرائي إلى البعد المعياري حيث لم يعد الدستور مجرد نص يحتكم إليه الجميع، بل أصبح خاضعا لاجتهادات متباينة في ظل غياب جهة مختصة بتأويله وفق مقاييس ثابتة، وإزاء هذا الوضع تبرز الحاجة إلى إطار قانوني واضح يمنع أي تضارب في تفسير النصوص الدستورية ويضمن انسجام المنظومة القانونية مع المبادئ الدستورية وهو ما لا يتحقق إلا بإعادة تفعيل المحكمة الدستورية وفق آليات تضمن استقلاليتها ونجاعتها في ضبط المعايير القانونية الناظمة للحياة الدستورية.

وفي سياق متصل، فإن تفكيك المجلس الأعلى للقضاء لم يكن مجرد تعديل هيكلي بل شكل إعادة نظر في طبيعة العلاقة بين السلطة القضائية وبقية السلط مما أفرز واقعا جديدا يستوجب إعادة التفكير في الضمانات المؤسسية الكفيلة بحماية استقلالية القضاء وتعزيز دوره كفاعل رئيسي في تحقيق العدالة، ومن هذا المنطلق فإن إعادة تشكيل هذا المجلس ينبغي أن تنطلق من رؤية إصلاحية شاملة تؤسس لنظام قضائي متوازن قادر على أداء مهامه بكل حياد وفاعلية دون أن يكون عرضة لأي ضغوط قد تؤثر على طبيعة وظيفته كسلطة قائمة بذاتها.

وإذا كان بناء دولة القانون يقتضي وجود محكمة دستورية تضبط قواعد التفسير الدستوري ومجلس أعلى للقضاء يضمن استقلالية القضاة فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب مقاربة متكاملة تعيد الاعتبار للمؤسسات الدستورية في إطار رؤية إصلاحية متوازنة ترتكز على مبادئ الشفافية والاستقلالية والحياد، كما أن إعادة هذه المؤسسات لا ينبغي أن تكون مجرد عملية تقنية تهدف إلى استكمال البناء الدستوري بل يجب أن تؤسس وفق معايير تضمن فاعليتها وتجعلها بمنأى عن أي تجاذبات قد تؤثر على وظيفتها الأصلية.

وعليه، فإن المرحلة الراهنة تقتضي تفكيرا جديا في سبل إعادة هندسة المشهد الدستوري والقضائي بما يضمن إعادة التوازن بين السلط ويوفر أرضية صلبة لدولة القانون وهو ما يستدعي حوارا قانونيا معمقا يشارك فيه الفاعلون القانونيون والمؤسساتيون بهدف وضع رؤية واضحة لمسار الإصلاح، فليس المطلوب فقط إعادة إنشاء المؤسسات الدستورية بل إعادة تعريف أدوارها على نحو يعزز مناعتها المؤسسية ويضمن انسجامها مع مبادئ العدل والفصل بين السلطات، ومن هذا المنطلق يتوجب العمل على صياغة منظومة قانونية متماسكة تضمن فاعلية المؤسسات القضائية والدستورية وتعيد بناء الثقة في النظام القانوني بوصفه الركيزة الأساسية لاستقرار الدولة واستمراريتها.

آخر الأخبار

العفو العام لسجناء النفقة: خطوة نحو تخفيف الأعباء المالية والإجتماعية

العفو العام لسجناء النفقة: خطوة نحو تخفيف الأعباء المالية والإجتماعية

السمنة في تونس: أزمة صحية متزايدة تهدد المستقبل، والخطط الوقائية ضرورية!

السمنة في تونس: أزمة صحية متزايدة تهدد المستقبل، والخطط الوقائية ضرورية!

تحذير من مخاطر قلي المواد الغنية بالنشويات خلال رمضان

تحذير من مخاطر قلي المواد الغنية بالنشويات خلال رمضان

وزير النقل يعلن عن خطة عاجلة لإنقاذ شركة الخطوط التونسية

وزير النقل يعلن عن خطة عاجلة لإنقاذ شركة الخطوط التونسية

الدينار التونسي يتصدر قائمة أقوى العملات الإفريقية لشهر فيفري 2025

الدينار التونسي يتصدر قائمة أقوى العملات الإفريقية لشهر فيفري 2025

Please publish modules in offcanvas position.