تونس – 14 ماي 2025
اشتعل فتيل أزمة جديدة داخل أسوار النادي الإفريقي بعد الاتهامات النارية التي وجهها المستثمر الأمريكي فيرغي شامبرز لرئاسة النادي، والتي أعقبها برد مصوّر من هيكل دخيل، الرئيس الحالي، في خطوة قلّما يلجأ إليها مسؤولو الفرق التونسية، ما يكشف عن عمق الأزمة التي تضرب واحدًا من أكبر أندية البلاد.
انسحاب المستثمر الأمريكي: المال في مهبّ الريح
أعلن شامبرز، رجل الأعمال الأمريكي الذي سبق أن ضخّ أكثر من 5 ملايين دولار لدعم النادي، انسحابه النهائي من المشروع الاستثماري، متّهمًا رئاسة النادي بـ"غياب الشفافية" و"سوء التصرف في الأموال".
وأكد في بيانه أنّه فوجئ بـ"عجز مالي ضخم يفوق 10 ملايين دينار تونسي (ما يزيد عن 3 ملايين دولار)"، بالإضافة إلى "عدم صرف أجور اللاعبين والموظفين"، وهو ما اعتبره دليلًا على "غياب استراتيجية مالية واضحة وتلاعبًا بأموال المساهمين والداعمين".
دخيل يردّ: نحن أبناء النادي ولسنا سماسرة
في كلمة مصوّرة بثّتها الصفحة الرسمية للنادي، قال هيكل دخيل إنه آثر الصمت طيلة الفترة الماضية حفاظًا على هيبة النادي، لكنه "لم يعد يحتمل حملات التشويه المقصودة وبثّ الفتنة"، مضيفًا:
"تربّينا في هذا النادي على احترام الأسرار الداخلية وعدم تعريضها للشارع أو الإعلام، لكن اليوم أجد نفسي مضطرًا لكشف الحقائق".
الرئيس دعا بكل وضوح رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، ووزارة المالية، وهيئة حكماء النادي، إلى فتح تحقيق رسمي شامل في الحسابات المالية للنادي منذ تولّيه المسؤولية، مع التعهد بنشر النتائج كاملة على العموم.
وأكد دخيل:
"من يملك يدًا نظيفة لا يخاف أحدًا... النادي الإفريقي ليس للبيع ولا للإبتزاز المالي أو الإعلامي".
منعرج خطير: تلاقي القضائي والسياسي والرياضي؟
يتقاطع تصريح هيكل دخيل مع شكاية جزائية سابقة تقدم بها منخرطو النادي ضد الهيئة المديرة، مطالبين بفتح تحقيق مالي مستقل وتعيين خبراء للتدقيق في الحسابات، في وقت تشتد فيه المطالبات بمحاسبة المسؤولين السابقين والحاليين على سوء التصرف والتلاعب بالموازنة.
هذا الوضع، المأزوم أصلًا، دفع بالكثيرين إلى التساؤل:
هل يدخل النادي الإفريقي اليوم مرحلة جديدة من المحاسبة والشفافية، أم أنه على أبواب أزمة تهدّد استقراره الكلي؟
الأنصار بين ناريْن
جمهور النادي، الذي اعتاد الانتصار في المحاكم الرياضية بدل المستطيل الأخضر، يعيش هذه الأيام على وقع انقسام داخلي حاد: بين من يساند رئاسة النادي ويعتبرها "حصنًا ضد طمع المستثمرين الأجانب"، ومن يرى أن رفض التدقيق وتأجيل الجلسات العامة "غطاءٌ للتهرب من المحاسبة".
كلمة أخيرة: الإفريقي في مفترق طرق
وسط هذه الأزمة المتعددة الأبعاد – رياضية، مالية، قانونية وحتى سياسية – يقف النادي الإفريقي اليوم على مفترق طرق حاسم: إما إعادة بناء الثقة من خلال الشفافية الكاملة والتدقيق والمساءلة، أو الدخول في نفق مظلم من التراشق الإعلامي والقضايا والاتهامات التي قد تعصف بما تبقى من استقراره.