اختر لغتك

تخليق أحد الأسلاف: جمجمة أريحا

أسرار جمجمة أريحا: إعادة بناء ملامح رجل يبلغ من العمر 9500 عاما

مجموعة من العلماء تتمكن من تحديد مواصفات جمجمة أريحا، وهي إحدى أهم القطع الأثرية في المتحف البريطاني


تمكن الباحثون من تحديد مواصفات جمجمة أريحا، وهي إحدى أهم القطع الأثرية في المتحف البريطاني عبر استخدام الهندسة العكسية، وكشف العلماء عن وجه الرجل الذي زينت بقاياه وبجلت منذ 9500 عام تقريبا.

وقال الدكتور الكسندرا فليتشر، وريموند وبيفرلي ساكلر أمناء منطقة الشرق الأدنى القديم في المتحف البريطاني بتصريح لـ i24NEWS "جمجمة أريحا يرجع تاريخها إلى العصر الحجري ما قبل 10 - 11 ألف سنة، أي حوالي قبل الألف الثامن قبل الميلاد. في العصر البرونزي الأوسط، وتحديدا في النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد".

وأضافا في معرض حديثهما أن مدينة أريحا "كانت غير اعتيادية من ناحية امدادات المياه، والينابيع الموثقة في المنطقة، ما مكن الناس أن يعيشوا هناك بشكل دائم".

وقال فليتشر "في مناطق أخرى معظم الناس لا يزالون يعيشون حياة البادية من صيد للحيوانات وجمع النباتات البرية لتناول الطعام". وأضاف "كانت أريحا على الارجح واحدة من أكبر المستعمرات البشرية في المنطقة ان لم يكن في الشرق الأوسط". وتابع "يمكن بالتالي القول إن أريحا أقدم مكان مأهول بشكل دائم على وجه الأرض".

وأريحا هي مدينة تاريخية قديمة تقع في الضفة الغربية بالقرب من نهر الأردن وعند شمال البحر الميت، والتي يعود تاريخها إلى 10,000 سنة قبل الميلاد. وهي أقدم المدن في التاريخ، وتعتبر أخفض منطقة في العالم، وتعرف أيضا باسم مدينة القمر.

تعد جمجمة أريحا أقدم تمثال في مجموعة المتحف البريطاني. وحتى وقت قريب، كان التمثال الأكثر غموضا، إذ كان عبارة عن جمجمة مبتورة مغطاة بالجص البالي، كما تحتوي تجاويف العينين على أصداف بحرية بسيطة، لتبدو الجمجمة تحدق بلا عيون أثناء عرضها.

أعاد المتخصصون، بفضل التصوير الرقمي والطباعة ثلاثية الأبعاد وتقنيات الطب الشرعي في إعادة التشكيل، وجهَ صاحب جمجمة أريحا، ليتضح أنها كانت لرجل في حوالي الأربعينيات من عمره، وله أنف مكسور.

تعد جمجمة أريحا واحدة بين سبع جماجم من العصر الحجري الحديث، تمت تغطيتها بالجص وتزيينها، تلك الجماجم اكتشفتها عالمة الآثار كاثلين كينيون عام 1953 في موقع تل السلطان بالقرب من مدينة أريحا. ونشر هذا الاكتشاف، وما أحدثه من ضجة أثرية جلبت لكينيون شهرة عالمية لأول مرة في مجلة ناشيونال جيوغرافيك في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي.

كتبت كينيون، وهي تصف لقراء مجلة ناشيونال جيوغرافيك لحظة اكتشاف الجمجمة الأولى "أدركنا ونحن تغمرنا لذة الاكتشاف أننا ننظر لهيئة رجل عاش ومات منذ أكثر من 7000 عام". وأضافت "لم يفكر أي عالم آثار حسبما كتبت حتى في وجود مثل هذه التحفة الفنية".

على الرغم من تفاوت تفاصيل الجماجم السبع، جميعها تم حشوها في الأصل بالتراب لدعم عظام الوجه الحساسة، قبل أن يستخدم الجص الرطب في خلق ملامح الوجه الفردية، مثل الأذن والخدود والأنوف. وركبت أصداف بحرية صغيرة مكان العينين، وحملت بعض الجماجم آثار طلاء.

منذ اكتشاف كينيون، اكتشفت أكثر من 50 جمجمة مزخرفة شبيهة لتلك الجماجم في مواقع العصر الحجري الحديث من الشرق الأوسط إلى وسط تركيا. رغم أن الباحثين يتفقون بشكل عام على أن هذه الجماجم تمثل شكلا مبكرا من أشكال عبادة الأسلاف، إلا أنهم لم يعرفوا إلا القليل جدا عن الأشخاص الذين اختيروا ليخلدوا في الجص منذ آلاف السنين.

كما فحصت جماجم جصية أخرى من العصر الحجري القديم رقميا، ولكن بقايا الهيكل العظمي الموجودة داخل جمجمة أريحا في المتحف البريطاني كانت الأولى التي تطبع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، ويعاد بناؤها بتقنيات الطب الشرعي.

تفرقت رؤوس كينيون الجصية من العصر الحجري الحديث على المتاحف في جميع أنحاء العالم للمزيد من الدراسة، ووصلت جمجمة أريحا الخاصة بالمتحف البريطاني إلى لندن عام 1954. إلا أن المحاولات الأولى لاستجداء المزيد من المعلومات من القطع الأثرية غير العادية، أثبتت عدم جدواها.

فيما محا مرور آلاف السنين كثيرا من التفاصيل المادية من الجص الذي غطى الجمجمة، ولم تتمكن الأشعة السينية العادية من التفريق بين كثافة العظام المماثلة والجص. وكانت النتيجة "فقاعة بيضاء على لوحة الأشعة السينية" حسب وصف ألكساندر فليتشر، أمين معرض ريموند وبيفرلي ساكلر عن الشرق الأقصى القديم، الذي ترأس مشروع إعادة البناء في المتحف البريطاني.

لم تخضع جمجمة أريحا لفحص الأشعة المقطعية الدقيق حتى عام 2009، إذ استطاع العلماء أخيرا تصوير البقايا البشرية الموجودة تحت الجص. الأشعة أظهرت جمجمة شخص بالغ تمت إزالة فكه الأسفل، من المرجح أكثر أنه ذكر. وكان الحاجز الأنفي مكسورا، والأضراس الخلفية كانت مفقودة. كما نُحت ثقب في مؤخرة الجمجمة، لذا من الممكن أنه تم من خلاله تعبئة الجمجمة بالتراب. أظهرت الأشعة حتى بصمة إبهام عمرها 9500 سنة، إذ أغلق شخص ما في النهاية الثقب الذي تمت تعبئته بالطين الناعم.

أنشأ المتحف البريطاني في 2016 نموذجا ثلاثي الأبعاد للجمجمة من بيانات الأشعة المقطعية، وعرفوا الكثير عن رجل العصر الحجري الموجودة بقاياه داخل جمجمة أريحا. بينما تشير الأشعة إلى أن هناك أنفاً مكسوراً، أظهر النموذج ثلاثي الأبعاد، على سبيل المثال، شدة الضرر. قرر فريق فليتشر أن يمضوا قدما فيما هو أبعد من ذلك وينشئوا نموذجا ماديا للجمجمة، مستخدمين طابعة ثلاثية الأبعاد. ثم استخدموا مهارات شركة آر إن دي إس بارتنرشيب، وهي شركة طب شرعي خبيرة في إعادة تركيب الوجوه.

تمكن خبراء الطب الشرعي، باستخدام نموذج قحفة الجمجمة ونموذج فك أسفل لذكر جلب من موقع آخر للعصر الحجري بالقرب من أريحا، من إعادة بناء عضلات الوجه على البقايا المخلقة رقميا الموجودة داخل جمجمة أريحا، كما فعل الناس بتشكيل الخدين والأذنين والشفاه من الجص على العظام البشرية الأساسية منذ أكثر من 9 آلاف عام.

يقول فليتشر، فخور بأن أقدم تمثال شخصي في المتحف البريطاني صار له وجه جديد. ويضيف "إن الأمر كما لو أننا عكسنا العملية التي كانت تحدث في العصر الحجري". ستعرض كل من جمجمة أريحا الأصلية والوجه الذي أعيد بناؤه جنبا إلى جنب في معرض المتحف البريطاني في 19 شباط/فبراير المقبل، تحت عنوان "تخليق أحد الأسلاف: جمجمة أريحا".

 

آخر الأخبار

وزيرة الأسرة تؤدي زيارة عمل إلى سليانة: دعم للمشاريع النسائية ومشاركة في مهرجان وطني للأطفال

وزيرة الأسرة تؤدي زيارة عمل إلى سليانة: دعم للمشاريع النسائية ومشاركة في مهرجان وطني للأطفال

حركة تسويقية متميزة للنادي الإفريقي في دربي العاصمة

حركة تسويقية متميزة للنادي الإفريقي في دربي العاصمة

تشكيلة الفريقين المنتظرة في دربي العاصمة بين الترجي والنادي الإفريقي

تشكيلة الفريقين المنتظرة في دربي العاصمة بين الترجي والنادي الإفريقي

مجموعات "فيراج" الترجي تقاطع دربي العاصمة احتجاجًا على منع الدخلة وحجز معدات التشجيع

مجموعات "فيراج" الترجي تقاطع دربي العاصمة احتجاجًا على منع الدخلة وحجز معدات التشجيع

منع دخول معلقات مسيئة في مباراة الترجي والنادي الإفريقي لتجنب الفتنة بين الجماهير

الأمن يمنع دخول معلقات مسيئة في مباراة الترجي والنادي الإفريقي لتجنب الفتنة بين الجماهير

Please publish modules in offcanvas position.