الصفحة 2 من 4
السراج وميليشياته
شن قذاف الدم هجوما على الجبهة التي يقف فيها السراج والجماعات المتطرفة، حيث قال “مَن تربَّوا في أحضان الغرب، وأتوا لكي يُنصَّبوا كحكام، يظلون في نظر الليبيين عملاء وجواسيس، وبالتالي لا احترام لهم، ولا أرضية لهم”.
واتهم المتحدث حكومة المجلس الرئاسي بأنها “بددت 277 مليار دولار، من أموال الشعب الليبي دون أن تبني طوبة، باعت ليبيا واشترت نفسها، فبعثرت مليارات الدولارات يمينا ويسارا، ووقَّعت اتفاقيات لا تملك أن توقع عليها، لأنه لا شرعية لها”.
ومن بين الاتفاقيات التي يشير إليها قذاف الدم، مذكرتا التفاهم اللتان وقعهما السراج مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل نحو شهرين، وتضمنتا ترسيما للحدود البحرية بين البلدين، وتعاونا أمنيا وعسكريا، ما أثار غضب دول مطلة على البحر المتوسط، ودول الاتحاد الأوروبي، وبعض جيران ليبيا.
عقب هذه الاتفاقية تدفق على الأراضي الليبية مرتزقة من جنسيات مختلفة، قدموا من تركيا لمساندة حكومة السراج، كما واصلت أنقرة إرسال العتاد العسكري إلى مدن شمال غرب ليبيا، في محاولة لمنع الجيش الوطني من دخول طرابلس.
وأوضح قذاف الدم في هذا الصدد، أن حكومة السراج فعلت ذلك “في مقابل حمايتها من غضب الشعب الليبي، وجاءت بمرتزقة ليحموها، بعد أن فشل مرتزقة الداخل في حمايتها”.
وأشار إلى أن وجود أطراف تعطي الشرعية لحكومة المجلس الرئاسي دون أن يعتمدها البرلمان، متسائلا “فهل هذه هي الديمقراطية؟ المجتمع الدولي قال لنا إنه أتى إلى ليبيا بالديمقراطية، فليحترم ما أتى به، البرلمان رفض حكومة السراج، مع ذلك تقوم الأطراف الدولية بتوقيع المعاهدات والعقود بمليارات الدولارات مع هذه الحكومة غير الشرعية”.
ووجَّه قذاف الدم في حواره، اللوم الشديد إلى تركيا، ودول غربية أخرى لم يسمّها، بسبب دعم تلك الدول جماعة الإخوان في ليبيا، رغم أن نسبة هذه الجماعة في البلاد لا تتعدى خمسة في المئة بحسب قوله.
ألقى قذاف الدم باللوم على الدول الغربية خاصة تلك المنضوية في حلف شمال الأطلسي (ناتو). فهذا الحلف، كما يقول "تمكَّن من اتخاذ قرار، خلال أسبوعين فقط، بتدمير ليبيا"
كانت جماعة الإخوان الليبية -ومعها تيارات متطرفة أخرى، مثل الجماعة الليبية المقاتلة- تهيمن على القرار في البرلمان السابق المعروف باسم المؤتمر الوطني العام، غير أن الناخبين الليبيين أسقطوا هذه الهيمنة في انتخابات برلمان 2014.
وعاد تحالف الإخوان للظهور من جديد في المشهد السياسي بتوقيع أطراف ليبية برعاية أممية، لاتفاق الصخيرات في ديسمبر 2015، حيث استحدث الاتفاق مجلسا رئاسيا وحكومة وفاق ومجلسا للدولة. والكثير من وجوه هذه المؤسسات الجديدة تنتمي إلى جماعة الإخوان أو الجماعة الليبية المقاتلة.
وشجعت أطراف إقليمية ودولية نحو عشرين من النواب الإسلاميين ممن فازوا في انتخابات 2014، على الانشقاق عن البرلمان الجديد، وعقد جلسات في العاصمة تحت اسم “برلمان طرابلس”.
في الوقت الراهن، يجري التحضير لعقد لقاءات بين فُرقاء ليبيين في جنيف، وأصبحت الأطراف الدولية تتعامل مع الكيانات النيابية المشوهة وغير المنتخبة، التي شكلتها جماعة الإخوان وأنصارها، باعتبارها جسما برلمانيا موازيا للبرلمان.
وشدد قذاف الدم على أن، “الأطراف الدولية التي تسعى لعقد اجتماعات جنيف عن ليبيا تحاول تجميع البرلمان الأساسي، مع برلمان طرابلس الذي شكله الإخوان المسلمون، وحين يجلسون على الطاولة يظهرون كأنهم يمثلون خمسين بالمئة من نسبة السكان”.
وأضاف “هذا ليس إنصافا، وهذه ليست ديمقراطية، وليست عدالة، وإنما إدارة للصراع، من أجل استمرار ليبيا في دوامة من الفوضى”.
كان الكثير من المراقبين، يُعوِّلون على قدرة اتفاق الصخيرات على إنهاء الصراع في ليبيا، وفي الحقيقة تتضمن بنود الاتفاق العديد من النقاط المهمة، منها إخراج الميليشيات من المدن، وسحب الأسلحة منها، وتشكيل حكومة وفاق تحظى بمصادقة البرلمان، لكن أغلبية نصوص الاتفاق لم تطبق، ودخل المجلس الرئاسي للحكومة في صدام مع البرلمان، ومع قوات الجيش الوطني.
وأصبح الليبيون ينظرون إلى اتفاق الصخيرات، بعد نحو أربع سنوات من العمل به، كـ“نقمة وليس نعمة”، واقترن هذا الأمر مع شكوك محلية عميقة في ما تقوم به الأطراف الدولية، خاصة صمت بلدان كبرى عن التحركات التركية التي تغذي الفوضى والخراب في ليبيا.
ولوح قذاف الدم بأن مساعي عقد اجتماعات في جنيف، ربما ينتج عنها اتفاق صخيرات آخر، ويتساءل، إذا كان اتفاق الصخيرات ناجحا، فلماذا يعقدون مؤتمرا جديدا؟