في اطار مساهمة المجتمع المدني في تأثيث المشهد الثقافي بولاية جندوبة ومن منطلق دوره كفرع جهوي للجمعية التونسية للثقافة الشعبية بالجهة تقدّم هذا الفرع الذي يرأسه الاستاذ منصف كريمي بمشروع ثقافي للدعم ضمن برامج منح التشجيع على الابداع الادبي والفني بوزارة الشؤون الثقافية ومن خلال مشروع بعنوان "مدونة التراث الشعبي بولاية جندوبة" وفي اطار مبادرة تنصهر ضمن البرامج الفنية والتوثيقية البحثية التي تهدف الى ابراز الخصوصيات الثقافية المحلية وخاصة منها المتعلّقة بالذاكرة الجماعية.
ويتمثل المشروع في تسجيل مجموعة من الأقراص الليزرية حول التراث اللامادي بولاية جندوبة من خلال تجميع وتوثيق وتسجيل الشعر الشعبي وانتاجات الفرق الغنائية التراثية بولاية جندوبة بهدف حفظه من الإندثار الذي يتهدده مع تراجع الشعر والموسيقى الشعبية بالمقارنة بأنماط أخرى جديدة من الغناء والموسيقى بالإضافة إلى جعلها متاحة للباحثين والإعلاميين والمهتمين بالتعريف بهذا النوع من التراث الشعبي اللامادي.
ويأتي هذا المشروع في اطار حفظ الموروث اللامادي الأدبي والفني المميّز لولاية جندوبة والتي تكتنز على تراث لا مادي غني خاصة في مجالات الشعر الشعبي والأغنية البدوية والتراث الغنائي والطبوع الموسيقية الشعبية وقد أكدت بعض البحوث المنجزة في هذا الإطار مثلا وجود أنواع من الطبوع الخاصة بجهة جندوبة كالنايلي والعبيدي والطرخاني في آلة القصبة وهي مسميّات فنية مستلهمة من أسماء مناطق موجودة بولاية جندوبة كما حفظت الطرق الصوفيّة الريفيّة كالقادرية بجهة سوق السبت أنواعا من الإيقاعات والطبوع والأناشيد ذات الخصوصيّة المحليّة والمتميّزة عن غيرها من الجهات الأخرى أو التي فيها إضافات مقارنة بغيرها الى جانب ما تكتنز به منطقة بلطة بوعوان من ثراء في مجال الشعر الشعبي وثراء منطقة حمّام بورقيبة بمعتمدية عين دراهم بالغناء البدوي والشعبي المميّز للمرأة الريفية.
وتتمثل أهداف هذا المشروع في الإستجابة إلى طلب الفرق الغنائية التراثية بولاية جندوبة ورغبتها في التعريف بأغانيها والطبوع أو الطروق التي تعتمدها وليست لديها الإمكانيات للقيام بذلك وبما يساعدها على البروز والمحافظة على موروثها الغنائي وإستدامته الى جانب جمع وحفظ التراث الغنائي وتوزيعه على المستوى الجهوي والوطني وتسهيل النفاذ إليه وإستغلاله مع اصدار مخطوط كتابي لمدونة الشعر الشعبي بولاية جندوبة ومساعدة الشعراء الشعبيين من ولاية جندوبة على نشر انتاجاتهم على الطريقة الورقية والسمعية البصرية.
يشار في هذا الصدد إلى أن هذا المشروع هو الأوّل من نوعه فلم يسبق أن تم تسجيل أغان تراثية جهويّة وتوزيعها خصوصا للفرق الفلكلورية كما ان مدونة الشعر الشعبي المكتوبة تعدّ عموما ضعيفة على مستوى النشر بكامل جهات البلاد عموما وبولاية جندوبة خاصة وهو ما يجعل منه مشروعا هادفا وله إنعكاسات إيجابية عديدة ويحمل في داخله عناصر قوّة ستسهم في نجاحه وإستمراره.
وفي الآفاق المستقبلية للمشروع بعث ملتقى "عبد الرحمان الكافي"السنوي للشعر الشعبي بولاية جندوبة وبعث ملتقى للتراث اللامادي التونسي الجزائري اعتبارا لتواجد ولاية جندوبة على الشريط الحدودي الجزائري المتاخم وللخصوصيات المشتركة في مجالي الشعر الشعبي والاغنية البدوية والشعبية الى جانب بعث نواد قارّة وفي الآفاق بكل من دور الثقافة ودور الشباب تكون خاصة بمدونة التراث اللامادي بولاية جندوبة.
وتمتد فترة تنظيم هذا المشروع من شهر ماي إلى آواخر شهر ديسمبر من السنة الحالية حيث سنجز ان حظي بالدعم بكل من دور الثقافة بكل من طبرقة،فرنانة،بني مطير،جندوبة،بلطة بوعوان ووادي مليز ومحيط هذه المؤسسات وبنادي الشباب الريفي بالدخايلية بوادي مليز و نادي الشباب الريفي بفرقصان بغار الدماء ونادي الشباب بالتباينية وسيدي امحمّد بمعتمدية عين دراهم ونادي الشباب الريفي بأولاد مفدّة والقنّة بمعتمدية فرنانة وبدور الشباب بغار الدماء ووادي مليز وبلطة بوعوان و2 مارس بجندوبة الشمالية وجندوبة المدينة وطبرقة وبوسالم حيث سيتم في اطار هذه المبادرة التوثيقية تركيز نواد لمدونة التراث اللامادي ببعض دور الثقافة ودور الشباب بولاية جندوبة وتنظيم تربّصات تكوينية في الوسائل السمعية البصرية لروّاد ومنخرطي نوادي المدونة الشعبية بدور الثقافة ودور الشباب والإعلان عن مناظرة لإختيار مجموعة من الفرق التراثية حسب شروط يتم وضعها للتمييز بين التراثي والجديد وستتم للغرض الإستعانة بباحثين في مجال التراث الموسيقي مع ضبط قائمة الشعراء الشعبيين المغمورين بولاية جندوبة وضبط رزنامة زمنية للتسجيل بالتنسيق مع شركة تسجيل رقمي كما سيتم تجميع القصائد الشعبية الخاصة بالشعراء المغمورين بالجهة الأحياء منهم والأموات والاعلان عن طلب عروض لدور النشر قصد اصدار مدونة مكتوبة للشعر الشعبي لمبدعي ولاية جندوبة ليتم في اختتام المشروع توزيع الإنتاجات المنجزة.
وحفاظا على أهداف المشروع وحقوق الملكية الفكرية سيتم إمّا الإعتماد على إمكانيات الجمعيّة والتمويل المتحصل عليه في إنتاج وتوزيع المحامل المنتجة أو توكيل شركات التسجيل والتوزيع لتقوم بالعمليّة مع مراعاة جانب تحقيق أهداف المشروع أو تفويض حقوق التأليف للمؤسسة الوطنية لحقوق المؤلّفين الراجعة بالاشراف الى وزارة الشؤون الثقافية.
أميرة قارشي