عند الغالبية الساحقة من الناس، اليهود هم بنو إسرائيل. وخذ كمثال على هذا ما جاء عند كاتب معاصر: «اليهود هم بنو إسرائيل» (السيد سابق، «اليهود في القرآن»، الفتح للإعلام العربي، القاهرة، 1994، ص 5). وكما نرى، فالكاتب يقدم حكمه كمسلّمة ليس هناك شكّ أو جدال بشأنها. غير أن القرآن لا يتفق مع هذه المسلّمة. فهو يفرق بشكل عام، وبقدر لا بأس به من الوضوح، بين اليهود وبني إسرائيل. أي أنه لا يعتبرهما كياناً واحداً، بل كيانين مختلفين. أما آياته التي تعرض لليهود، فتختصّ عموماً بعلاقتهم بالإسلام والمسلمين في يثرب. لذا فهي آيات جدال وصراعات وحروب وتهادنات بينهم وبين الإسلام، يكون المشركون أو النصارى أحياناً طرفاً ثالثاً فيها. من أجل هذا، فهي تتحدث عن أشياء واقعية ملموسة. أما الآيات التي تعرض لبني إسرائيل، فليس فيها احتكاكات ولا جدالات. ذلك أن بني إسرائيل قوم غابرون بالنسبة إلى القرآن والإسلام. بذا، فهي آيات لا تتحدث عن أمور راهنة، بل تتحدث عن أمور دينية قديمة جداً، وعبر القصص، وبهدف أخذ العبرة. وحين تعرض الآيات لجدالات تخصّ بني إسرائيل، فهي جدالات بين بني إسرائيل وبين الله، أو بينهم وبين رسله. هو يأمرهم فيخالفون، فيوقع عليهم عقابه. هو يفضّلهم على العالمين لكنهم ينسون ذلك، فيلومهم ويوبخهم.