اختر لغتك

مفهوم جريمة الاتجار بالبشر في القانون

مفهوم جريمة الاتجار بالبشر في القانون - إشكاليات تطبيق القانون أمام المحاكم المصرية

إشكاليات تطبيق القانون أمام المحاكم المصرية 
 
كما سبق وأشرنا في الفقرة السابقة، فإن إثبات جريمة الإتجار بالبشر لا يتحقق إلا بتوافر العناصر الثلاثة سالفة الذكر “مجتمعة“. مما يعني أنه في حال غياب أي من تلك العناصر لا يمكن اعتبار الفعل المجرم “إتجارًا بالبشر” بل يمكن اعتباره جريمة تخضع لأحكام واردة بقوانين جنائية أخرى. وهو أمر في غاية الأهمية حيث يترتب عليه اختلاف العقوبات الموقعة على المُدانين، وذلك بإختلاف الوصف القانوني الذي يتم إصباغه على الجريمة.
 
فعلى سبيل المثال، قانون مكافحة الدعارة[16] ينص على عقوبة الحبس لمدة أقصاها سبع سنوات لجريمة استغلال أحد الأشخاص في البغاء[17]، بينما في ظل أحكام قانون مكافحة الإتجار بالبشر إذا تاجر الجاني بالضحية بهدف الإستغلال الجنسي يعاقب بالحبس لمدة قد تصل إلى خمسة عشر عامًا[18]. وجدير بالذكر، أنه في أحيان أخرى قد يُحاكم الجناة ويُدانون بموجب مواد القانونين معًا. وهو ما ظهر في أحد أحكام محكمة النقض، حيث أُدين الجناة بجريمة الإتجار في البشر وجريمة إدارة مسكن لأعمال الدعارة، بعدما أجبروا واستخدموا عددا من الفتيات على تلك الأعمال مستغلين حالة ضعفهم وحاجتهم، بالإضافة إلى تزويجهم بموجب عقود زواج عرفي لعدد من رجال الخليج أكثر من مرة[19]. لتتوافر بذلك كافة عناصر جريمة الإتجار بالبشر بالإضافة إلى جريمة تسهيل الدعارة أيضًا.
 
كما تجدر الإشارة إلى أنه كان يجب مراعاة تفسير كافة المصطلحات والعبارات التي تضمنها القانون من خلال لائحته التنفيذية[20]. ومحاولة التفرقة بينها وبين المصطلحات الواردة بالقوانين الجنائية الأخرى. وهو الأمر الذي لم يحدث، حيث جاءت اللائحة خالية من أي شروحات لعبارات مثل “الاستغلال الجنسي” أو “العمل القسري” أو “الرق والإستعباد” أو حتى أن توضح ما هو المقصود “بالأعضاء البشرية” التي لا يجوز الإتجار فيها على سبيل الحصر، مما يهدد أن تظلّ تلك النصوص حبرًا على ورق، لسهولة التهرب من إصباغ تلك الأوصاف نظرًا لعدم تعريفها بشكل يقطع الشك عن أي تفسيرات أخرى.
 
وقد ظهرت تلك الإشكالية في أحد أحكام محكمة النقض، بعدما أُدين مجموعة من المتهمين “بالإتجار والتعامل مع أشخاص طبيعيين بقصد استغلالهم في الحصول على دمائهم وبيعها”. وقد ارتكز دفاع المتهمين في هذه القضية على “أن الدم سائل ولا يقطع من الجسم ومن ثم عدم انطباق أحكام القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الإتجار بالبشر”. تبعا لذلك،  ارتأت المحكمة إحالة الموضوع إلى لجنة أشكال ودوافع جريمة الاتجار بالبشر.
 
تعاني معظم الدول من انتشار الظاهرة الإجرامية في الوقت الحالي بشكل كبير وسريع وبأشكال مختلفة، ومنها ظاهرة الاتجار بالبشر، ويقف وراء الزيادة الكبيرة في انتشار هذه الظاهرة بأشكالها وصورها الانحلال الأخلاقي والفساد المالي والإداري الذي ساهم بشكل كبير في زيادة معدلات الفقر والبطالة وتدني المستوى المعيشي للأفراد، والأوضاع السياسية والأمنية المتأزمة التي دفعت بالأفراد إلى ترك بلدانهم واللجوء إلى الدول المجاورة خوفاً على أنفسهم وعائلاتهم….، وفي هذا المبحث سنعرض مجموعة من أشكال وصور الاتجار بالبشر بالإضافة إلى دوافع وأسباب هذه الظاهرة.
 
 

آخر الأخبار

بنزرت تستضيف ملتقى إقليمي حول "مقاربة تشاركية من أجل ريادة المؤسسات الثقافية"

بنزرت تستضيف ملتقى إقليمي حول "مقاربة تشاركية من أجل ريادة المؤسسات الثقافية"

فيروز.. أيقونة الوطن وصوت الأوطان يحتفل بعيدها التسعين وسط أنقاض الوطن

فيروز.. أيقونة الوطن وصوت الأوطان يحتفل بعيدها التسعين وسط أنقاض الوطن

الأيام الترويجية للصناعات التقليدية هو تجسيد لهوية لا تنطفئ

الأيام الترويجية للصناعات التقليدية هو تجسيد لهوية لا تنطفئ

النسخة التاسعة من أسبوع المطبخ الإيطالي حول العالم

النسخة التاسعة من أسبوع المطبخ الإيطالي حول العالم

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

Please publish modules in offcanvas position.