ﺿﻴﻔﻲ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﺍﻟﺼﺮﺍﺣﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺻﺤﻓﻲ ﺗﻮﻧﺴﻲ، ﻣﻨﺘﺞ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺎﻻﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺃﺻﻴﻞ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﻑ، ﻭ ﻣﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ في ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ، ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ في محاوراته ﻭﻧﻘﺪ ﺍوضاع البلاد ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ نقدية ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻭﻃﺮﺡ ﺍﻓﻜﺎﺭﻩ ﺍﻟﺒﻨﺎءﺓ ﻭﺍﻟﺤﺎﻟﻤﺔ ﺑﻮﺿﻊ ﺃﻓﻀﻞ في هذا الوطن الحبيب... ﻫﻮ ﺍﻻﺳﺘﺎﺫ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪﻱ، ﺍﺩﻋﻮﻛﻢ ﺃﻋﺰﺍﺋﻲ ﻋﺰﻳﺰﺍﺗﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺃﻃﻮﺍﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ
* الصحفي محمد صالح العبيدي ، مساء الياسمين، ورمضان كريم ...
- مساء النور سليم، ورمضان كريم على التونسيين و كل الأمة الاسلامية، وشكرا على هذه الدعوة.
* أستاذ محمد صالح العبيدي ، راوحت بين الصحافة و السياسة في تكوينك الأكاديمي ، هل يمكن إعتبارك موسوعة الاذاعة الوطنية ؟
- لا، أبدا، نحن في مجال مفتوح على التعلم يوميا، و البحث في المجال السياسي يحتاج الى التواضع امام الاحداث والمكابدة في الغوص بين ثنايا النظريات السياسية... هو جهد يومي يكاد يكون ملتصقا بكل دقائق و تفاصيل حياتنا... وعلى الصحفي ان يحكم على الاحداث وفق قانون النسبية ... و نحن في الاذاعة الوطنية نتحاور فيما بيننا حول مختلف الاحداث حتى نستطيع تقديم قراءة موضوعية للمستمعين.
* أستاذ محمد الصالح العبيدي، لو نتحدث الآن عن البرنامج الاذاعي "البلاد اليوم" الذي تكون فيه معدا وناقدا؟
- برنامج البلاد اليوم، فكرة انطلقت منذ سنة 2015، حقيقة وفر لي مساحة من التواصل مباشرة مع المستمعين، الفريق متكامل في مستوى التجانس الفكري والالتزام بمبدأ الموضوعية في تناول القضايا... و اريد ان اقول انني تعلمت الكثير مهنيا من زملاء على غاية من الحرفية على امثال حنان الفتوحي و محمد بوعود وعواطف الشابي وجيهان علوان و ملاك اليزيد... و هم حقيقة يعود لهم الجهد الاكبر في الاعداد وتحيين الاحداث السياسية وتنظيم اللقاءات مع الفاعلين في المشهد الوطني و قد حقق البرنامج نجاحا باهرا في ظرف ثلاث سنوات فقط بفضل الحرية التامة التي منحها للفريق المشرف الاول على الاذاعة سفيان بن عيسى، و هو زميل صحفي طبع بيننا سلوك المراجعات النقدية و التواضع التام امام المهنة.
لا اخفيك ان العمل على امتداد كامل الاسبوع مرهق، و تقريبا لم اتمتع براحة منذ 2015 و ذلك لكون الاحداث السياسية التي تمر بها البلاد متسارعة و على غاية من الاهمية...
* الصحفي محمد صالح العبيدي ، ألم يحن الوقت بعد ، لتكون معدا و مقدما لبرامج سياسية على قنواتنا الفضائية ؟
- اوافقك الراي سليم، حانت الفرصة، و لن أخفيك سرا لاقول لك انه ربما اكون في تجربة تلفزية في الموسم القادم... هناك مفاوضات جارية الان حول صيغة العمل و منهجيته، و يبقى فقط الانتظار الى حين تتبلور الفكرة حتى اعلنها للعموم ...
* وماذا عن الصحافة المكتوبة ؟
- ستظل عشقي الاول لأنني اعتبرها نقطة البداية الاساسية في تجربتي، خاصة و اني كتبت في اكثر من 14 صحيفة داخل الوطن و خارجها... و علاقتي بالحرف هي علاقة وجدانية تتجاوز كليشيات المهنة... صدق من قال ان الكتابة وسيلة لانقاذ الروح من هذه العتمة التي نعيشها...
* أستاذ، كيف تعلق على العمل الاذاعي المتداول هذه السنوات وهل يرتقي فعلا الى مستوى طموحات المستمعين ؟
* كيف تقيم المادة المقدمة للمستمعين؟ وهل تشاطرني الراي ان هناك ابتذال وسفسطة احيانا؟.
- اوافقك الراي ... في كثير من الاحيان هناك بعض الاذاعات تسقط في الابتذال و التهريج و تسطيح المعلومات... و هو اسلوب يعتقد اصحاب هذه الاذاعات انه الاقرب الى جلب المستمعين، و لكنها حسابات خاطئة لان حسب قناعتي غالبية المستمعين يبحثون عن المضمون الجاد، و لكن بطريقة فيها القدرة على الاقناع و التبسيط، و لا يخفى على احد ان العمل الاذاعي هو علاقة سمعية بالاساس بين الباث والمتلقي ومن اجل هذا وضعت عديد المدارس ولابد للصحفي ان يطلع عليها حتى يستطيع بناء علاقة تواصلية سليمة مع المستمع، لا تعتمد لا على التسطيح و لا ايضا اتباع لغة خشبية صعبة و مقعرة تكون منفرة.
*هل تقدم العمل الصحفي بعد ثورة الكرامة و نهل الاعلاميون من الحرية بما يكفل لهم القدرة على التعبير عن صوت الشعب ؟
- الثورة وفرت مناخ الحرية و الاطار النظري و القانوني... و ما على الصحفي ان يثبت جدارته بهذه الحرية من خلال الانتاج الابداعي و التفنن في نحت مشهد اعلامي يليق بتونس و يليق بتحديات هذه المرحلة.
انا في تقديري الخاص، انه مازلت هناك الكثير من الاشواط حتى يبلغ القطاع الاعلامي درجة النضج القصوى ... اليوم القطاع يشوبه العديد من الاخطار و اهمها المال الفاسد و البيع و الشراء و الاستقطاب السياسي ، بمعنى ان عددا كبيرا من الصحفيين لايعملون وفق المعايير المهنية و انما هم مجرد ادوات في مشاريع سياسية او جزء من لوبيات مالية فاسدة.
في هذا الاطار يصبح الصحفي في بعض الحالات عبء غير اخلاقي على مسار الانتقال الديمقراطي و يصبح احد وجوه الجريمة في حق الوطن و المواطن.
وهو : كيف تعلق على العمل الاذاعي المقدم في هذه السنوات الأخيرة ؟
- العمل الاذاعي في السنوات الاخيرة ، و بعد ان افتك ضمير القطاع الحرية منذ 2011 ، سمح لانشاء فيسفساء اذاعية في كامل تراب الجمهورية ... فيه الجيد و فيه السئ ... و لكن اجمالا هناك عمل تراكمي لجيل جديد من الاعلاميين يحاول التأقلم مع ملتزمات المهنة و ضرورات الانتاج السمعي و البصري...
*كيف تعلق على الكاميرا "شالوم" وكل التجاذبات التي رافقتها قبل العرض و بعدها ؟
هذا المنتوج هو فاقد لكل عناوين الترفيه التي بُنيت عليها الكاميرا الخفية في الماضي... ثم انه منتوج لا ينتمي لاي جنس صحفي ... انا أعتبرها فهلوة اعلامية لا معنى لها، و ليس من حق "التلفزة" ان تلعب دور "السكانار" او الكاشف عن بواطن الناس و احاسيسهم.
ثم ان كاميرا "شالوم" مشكوك في صدقية نواياها و نوايا الفريق العامل فيها، حيث اني أعتقد انها ارادت تبييض بعض الشخصيات و اظهارهم في مظهر النقاوة السياسية و القومية و شخصيات اخرى وضعتها في مجال الخيانة العظمى لقضية الامة الاولى.
و بالتالي جاء القرار القضائي منصفا ضد هذه التفاهة الاعلامية التي أطلت علينا في رمضان 2018 و ذلك بتوقيفها.
* أستاذ، أكيد أنت متابع لما يحدث على الساحة السياسية، كيف تقيم هذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد، وهل من حلول عاجله للخروج عنق الزجاجة؟
وضع البلاد مقلق و مخاض الانتقال الديمقراطي يلقي بضلاله بشكل عنيف على قدرة المواطن الشرائية و على امكانيات العيش الكريم ، و يبقى السؤال المطروح هو مدى قدرة الناس على الصبر على طبقة سياسية مازالت لم تنضج عندها تجربة الحكم.
تونس اليوم هي كالسائر نحو المجهول، كالسائر بلا كشافات في طريق مظلم ... أعتقد ان هناك العديد من المخاطر قد تضرب المسار الديمقراطي برمته لانه لا يمكن ان نبني ديمقراطية وسط مناخ مفتوح على الفقر و سلطة سياسية رهينة المافيات و اللوبيات الفاسدة.
ومن الحلول التي يجب حسب اعتقادي اتباعها هي تغيير النظام السياسي من اجل تحديد هرمية الحكم من جديد ، لانه في هذا الوضع المشتت على مستوى هندسة الحكم لا يمكن ان نرى الا اللاستقرار الحكومي و الاضطرابات الحزبية و الصراعات الزعاماتية.
* هل أنت يساري ، او هناك تقارب مع هذه الفكر؟
انا انتمي الى اليسار فلسفيا، و كنت قريبا في فترة الجامعة من الفصائل الطلابية ذات التوجه اليساري و لكن لم تكن لي اي تجربة حزبية في هذا الصدد وافضل بين قناعاتي الفكرية و ضرورات المهنة، احمل صداقات هامة من كل العائلات السياسية، من اليسار الراديكالي الى الاسلام السياسي... و من الدساترة الى التيارات الليبرالية ..
دائما ما تأتيني ملاحظات من هذا النوع ، تصل حد الاتهامات بالقرب او الميل لليسار... و لكن أؤكد من خلال منبركم ان لي قناعة مفادها انه اذا اصطف الصحفي وراء أهواءه و فضلها على المهنة فانه سيفقد بريق الحرفية و سيفقد ثقة الناس و الفاعلين السياسيين و انا اؤكد انه لا فرق لي في المساحة الاعلامية التي اكون موجودا فيها بين الجبهة الشعبية او حركة النهضة او نداء تونس او غيرها.
* بعيد عن السياسة، اكيد انت تتابع مباريات المنتخب الوطني، ما رايك في مردود النسور و الترتيب العالمي المشرف؟
- تونس تمتلك مجموعة طيبة ويحق لنا نحلم باكثر من الدور الثاني، بامكانها النسج على سينارويات سابقة عرفتها بعض البلدان التي لم تكن لها صيت كبير في كرة القدم، فمثلا سنة 1994 منتخب بلغاريا والسويد وصلا الى النصف النهائي وسنة 2002 منخب تركيا وصل ايضا الى نفس الدور و لهذا لابد ان نتعلق بالحلم و اليقين ان الوصول الى ادوار متقدمة في كاس العالم ليس فقط حكرا على الفرق الكبرى و انما ايضا الفرق الصغرى بامكانها تحقيق نتائج باهرة و خاصة و اننا في المرتبة 14 دوليا.
اريد ايضا ان اقول اني من محبي النادي الافريقي و لا اريد ان افوت هذه الفرصة لكي اتمنى لهذا الفريق العودة الى البطولات الافريقية و تجديد العهد كما كان في بداية التسعينات.
* ماهي اهداف محمد صالح العبيدي من السلطة الرابعة؟
- ليست لي اهداف مادية طبعا، اضافة الى اني اعلم ان الصحافة في تونس لا توفر قدرا هاما من الاموال ولكن تبقى الاهداف المعنوية مهمة جدا خاصة و ان الكثير من الاسماء الذين طبعوا اسماءهم في تاريخ المهنة مثل محمد قلبي و الهادي العبيدي و غيرهم من القامات يمثلون لي "زعامات حبرية" اريد ان اواصل خطهم و احقق مثلهم الاحترام سواء في الحياة او بعد الممات.
انا على يقين رغم صعوبات الحياة ان الصحافة رسالة اجتماعية مهمة، اهدف من خلالها الى الوصول الى قلوب الناس و الى عقولهم ايضا حتى نتمكن جميعا من صناعة الجدل الوطني بناء على خطاب راق و محترم.
* كلمة الختام
- أشكرك سليم، وأشكر منبركم الإعلامي على هذه الاتاحة الرائعة و اتمنى أن تستفيق البلاد من غفوتها و أن تجد طريقها ....كما اتمنى للساحة الإعلامية مزيدا من التعقل بعيدا عن كل ترهات "البوز" و إثارة الفتن...