الحكومة الجديدة ستجد نفسها في وضع صعب بسبب تنفيذ قانون موازنة أعدته حكومة الشاهد.
تونس – بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية في تونس، تجد الأحزاب الفائزة بمقاعد في البرلمان نفسها تسابق الزمن للحاق بموعد مناقشة الموازنة المالية لعام 2020 والذي سيكون انطلاقا من 15 نوفمبر القادم.
وعلاوة على هذا المطب الذي دفع بالمراقبين إلى التساؤل عن مردّ تشبّث القائمين على الحكم وعلى روزنامة الانتخابات بأن تكون مواعيد الانتخابات في آخر العام وهو ما لا يتيح للفائزين في الانتخابات مناقشة الموازنة.
ووقعت تونس حاليا في هذا الإشكال، حيث ليس بإمكان البرلمان المنتخب الجديد الخوض في قانون الموازنة، كما أن الحكومة الجديدة ستجد نفسها في وضع صعب بسبب تنفيذ قانون موازنة طرحته الحكومة المتخلّية التي قادها يوسف الشاهد.
ويرى الكثير من الخبراء أن الموازنة العامة لعام 2020 في تونس ستضع الحكومة الجديدة وحزامها السياسي أيضا في مأزق العجز عن الإيفاء بالوعود للناخبين في العام الأول من إدارة الحكم لأن القانون المطروح على البرلمان الآن يتضمن موازنة رهن الاقتراض الخارجي والداخلي.
وتسود توقعات في الأوساط الاقتصادية التونسية، بأن مشروع موازنة العام المقبل 2020، لن يختلف كثيرا عن المشاريع السابقة.
وتبلغ موازنة تونس 2020، بحسب مشروع الموازنة 47.227 مليار دينار (16.747 مليار دولار)، مقابل 40.662 مليار دينار (14.419 مليار دولار) في 2019.
وبحسب مشروع قانون الموازنة، يتوقع تسجيل نسبة نمو في حدود 2.7 بالمئة في كامل 2020، مقابل 1.4 بالمئة متوقعة في 2019.
ويعتبر محمد الصادق جبنون، الاستشاري في الاستثمار، أن “مشروع موازنة الدولة لعام 2020 لا يختلف عن بقية موازنات الدولة للأعوام الماضية، بل قد تكون أكثر حساسية من سابقاتها”.
وفسّر جبنون أن موازنة البلاد منذ 2011، “تقوم على موازنة أساسية وأخرى تكميلية، نظرا لعدم دقّة الفرضيات التي تقوم عليها”. ولفت إلى أنّ “نسبة النمو التي كانت متوقعة للعام الحالي (3.1 بالمئة) لم تعد قائمة، وقد تصبح نسبة سلبية في نهاية السنة”.
وأشار جبنون إلى أن “المداخيل الجبائية التي تم تحصيلها في السنة الماضية، لا يمكن تحصيلها في السنة الحالية، نظرا لنهاية منظومة العفو الجبائي”.
وأضاف أن “سعر صرف الدينار هو الآن تحت تأثير عوامل وقتية، وقد لا تتواصل لبقية السنة، إضافة إلى النفقات الهامة على مستوى الأجور وعجز المؤسسات العمومية”.
وتزيد موازنة 2020، بنحو 2.3 مليار دولار عن موازنة 2019، بينما يبلغ الدين العام وخدمة الدين 7.06 مليار دولار.
وأرجع الخبير الاقتصادي هذه الزيادة في الموازنة، إلى “ارتفاع كتلة الأجور التي وصلت إلى أكثر من 15 بالمئة من الناتج المحلي، والارتفاع غير المبرر في موازنة بعض الوزارات، إلى جانب وجود عديد النفقات التي تم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، على تقليصها، ولكن ذلك لم يحدث (السيارات الإدارية)”.
ويتوقع أن تصل كتلة الأجور إلى 15.2 بالمئة من الناتج المحلي مقابل 15 بالمئة متوقعة في 2019. ولاحظ جبنون “غياب تحفيزات للاستثمار والادخار، وأيضا غياب التشاور مع المنظمات الوطنية الكبرى، التي هي في الواجهة على صعيد الجبهة الاقتصادية والاجتماعية”.
وحسب مشروع موازنة 2020، فإن العجز سيكون في حدود 3 بالمئة في 2020، مقابل 3.5 بالمئة في 2019.
وتقلّص العجز في الميزانية خلال السنوات الأخيرة، من 6.1 بالمئة في 2016 و2017 إلى 4.8 بالمئة في 2018، ويتوقع أن يبلغ 2.4 بالمئة في 2021 و2 بالمئة في 2022.
وكان وزير المالية رضا شلغوم، أعلن في تصريحات صحافية مؤخرا، أن “تونس ستكون في حاجة إلى اقتراض 11.4 مليار دينار (4.02 مليار دولار) في 2020 لتغطية عجز الموازنة.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي للأناضول، إن “جملة القروض المدرجة بالموازنة ستذهب كلها إلى النفقات الجارية وسداد قروض سابقة، أي ليس هناك لا تنمية ولا غير ذلك”.
ولفت الشكندالي “لأول مرة يقع تسجيل نسبة نمو نصف ما قدرته الحكومة (3.1 بالمئة متوقعة في ميزانية 2019، مقابل 1.4 بالمئة متوقعة فعليا)”.
وأضاف أن “نسبة النمو المتوقعة بـ2.7 بالمئة في 2020، ليس لها علاقة بمحتوى الميزانية”، مؤكدا “اليوم وصلنا إلى مرحلة الحلقة المفرغة من التداين (ديون لسداد ديون أخرى)”.
وتوقع مشروع موازنة 2020، أن يتجاوز حجم الدين العمومي التراكمي 94 مليار دينار (33.21 مليار دولار)، أي ما يمثل 74 بالمئة من الناتج المحلي، مقابل 75 بالمئة متوقعة للعام الجاري.
ولفت الشكندالي إلى أن “مشروع الموازنة تضمّن تقليص حجم الدعم على المحروقات، وهو ما يعني زيادات منتظرة في هذه الفاتورة، على الرغم من عدم وجود سبب لرفع الدعم، بحكم أن سعر برميل النفط لم يتجاوز الفرضيات المحددة”. وأضاف “ذلك سيؤدي حتما إلى ارتفاع نسبة التضخم في بداية 2020”.