رفرفت راية فرنسا مجددًا فوق سفارتها المغلقة منذ 12 عامًا في العاصمة السورية دمشق، إيذانًا بمرحلة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بين باريس وسوريا. جاء هذا الحدث بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وفي ظل لقاءات دبلوماسية فرنسية مع مسؤولين من الفريق الانتقالي السوري.
مقالات ذات صلة:
الرئاسة السورية تكشف تفاصيل خروج بشار الأسد من دمشق: بيان يوضح حقائق اللحظات الأخيرة
سقوط الأسد: صدمة إقليمية ودولية وتغيرات استراتيجية في المنطقة
بعد سقوط نظام الأسد: دول أوروبية تعلق طلبات لجوء السوريين وتحث على العودة
العودة إلى دمشق: خطوة سياسية بحذر
أكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان رسمي أن فريقًا من دبلوماسييها اجتمع اليوم الثلاثاء مع مسؤول من السلطات الانتقالية الجديدة في سوريا. وشدد البيان على أن اللقاء حمل رسالة واضحة:
"فرنسا تدعم انتقالًا سياسيًا سلميًا يمثل كل مكونات المجتمع السوري، استنادًا إلى مبادئ ثورة 2011."
كما أشار البيان إلى أن باريس ملتزمة بقضايا الأمن الجماعي، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وضمان التخلص الآمن من مخزونات الأسلحة الكيماوية التي كانت بحوزة نظام الأسد.
إعادة فتح السفارة: رمزية وخطوات حذرة
زار الدبلوماسيون الفرنسيون السفارة الفرنسية في دمشق، المغلقة منذ عام 2012، للتحضير لإعادة وجودهم الدبلوماسي، وذلك بناءً على الظروف الأمنية والسياسية في المرحلة المقبلة. هذه الخطوة تحمل دلالات رمزية تشير إلى عودة فرنسا إلى المشهد السوري بعد سنوات من الغياب، لكنها تأتي بحذر شديد في ظل دراسة الوضع الجديد على الأرض.
تحديات التعامل مع المعارضة والانتقال السياسي
مع سقوط نظام الأسد، تواجه فرنسا تحديات عدة، أبرزها تقييم مدى إمكانية العمل مع المعارضة السورية، بما في ذلك جماعات مثل هيئة تحرير الشام. وأكد دبلوماسيون فرنسيون أنهم ينتظرون وضوح الرؤية بشأن كيفية تعامل المعارضة مع عملية الانتقال السياسي قبل اتخاذ قرارات مصيرية، مثل رفع العقوبات أو تقديم دعم مالي لإعادة إعمار سوريا.
دعم المجتمع المدني والطوائف المتنوعة
التقى الوفد الفرنسي أيضًا بممثلين عن المجتمع المدني السوري لبحث تقديم الدعم النفسي والطبي للمعتقلين المفرج عنهم من سجون النظام السابق، إضافةً إلى مناقشة قضايا تخص مختلف الطوائف السورية. هذه اللقاءات تهدف إلى تعزيز الثقة بين فرنسا والمجتمع السوري في هذه المرحلة الحرجة.
عودة تدريجية أم تحول كامل؟
بين ترحيب باريس بسقوط الأسد ودعوتها لانتقال سياسي يمثل جميع السوريين، تبدو خطوات فرنسا محسوبة بدقة. وفي الوقت الذي تدعم فيه القوات الكردية والمعارضة العلمانية، تبقى التساؤلات قائمة حول كيفية تعاملها مع المشهد الجديد الذي يتسم بالتعقيد.
رسالة فرنسا: دعم مبادئ الثورة والسعي نحو استقرار شامل
يعكس رفع العلم الفرنسي في دمشق رغبة باريس في لعب دور محوري في مستقبل سوريا، لكن ذلك لن يخلو من التحديات. وبين الطموحات الدبلوماسية والتحديات الميدانية، يظل الأمل في تحقيق انتقال سياسي يمثل طموحات الشعب السوري.
هل ستكون فرنسا قادرة على صياغة علاقة جديدة تعكس التوازن بين مبادئها ومصالحها الاستراتيجية؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.