لجان غير مرخص لها تجمع المال لصيانة المساجد وتنظيفها
الاعتداءات على الاطارات المسجدية تتفاقم والاملاءات تتواصل
يغدقون المال على صيانة المساجد ويتعاملون مع الائمة كانهم ملكا لهم
تونس حياة الغانمي
مازالت مسالة تحييد المساجد والناي بها عن الصراعات والتجاذبات السياسية والفكرية،تشغل عدد كبير من المتابعين للشان الديني في تونس.فظاهرة انزال الايمة عن المنابر مازالت مستمرة رغم اصرار وزارة الشؤون الدينية على انكار وعلى الادعاء بانها احكمت سيطرتها على كل المساجد.كما ان الاعتداءات على الاطارات المسجدية تتفاقم يوما بعد يوم والاملاءات مازالت تطال الخطب.فضلا عن مساوئ الانتدابات غير السوية وعن ضحالة تكوين عدد كبير من الاطارات وعدم درايتهم بكيفية ادارة الشان الديني.
أصحاب مال وجاه يتحكمون في المساجد وفي الايمة ويملون الخطابات الدينية ويشترطون ما يجب ان يقال في الخطب،لجان غير شرعية وغير مرخص لها تجمع المال لصيانة المساجد وتنظيفها وتتصرف فيها وكانها ملكا من املاكها الخاصة وعدة مشاكل اخرى قد تمثلا سببا في تراجع الخطاب الديني وانحرافه وافرازه لعدد من المتشددين والمتطرفين وحتى الارهابيين.
عن كل هذه الامور تحدثنا الى الكاتب العام للنقابة العامة للشؤون الدينية عبد السلام العطوي الذي افادنا ان اصلاح القطاع الديني يتطلب قرارات صارمة وقوانين منظمة وارادة صلبة.
اصحاب المال يتحكمون في المساجد
وفيما يتعلق بمسالة الاعتداءات على الاطارات المسجدية،قال عبد السلام العطوي انها تفاقمت وان القائمون بالاعتداءات ليسوا فقط من المتشددين كما يتم الترويج لذلك،بل ان اصحاب مال وجاه ونفوذ يعتدون على الائمة وعلى الاطارات الدينية بصفة عامة.وقد يحدث الاعتداء احيانا من طرف موظف سامي او اطار او حتى مواطن عادي.وارجع الاسباب الى غياب الاطر القانونية التي من شانها تحديد مهام القائمين على المساجد وواجباتهم مع حمايتهم ضد اي شكل من اشكال التهميش او الاعتداء او غيرها من المسائل.وقال العطوي ان القانون المتعلق بتنظيم المساجد والموجود حاليا صمم منذ عهد بن علي وهو هزيل ولا ينظم الشان الديني بقدر ما يهمشه.
واكد محدثنا ان التجاوزات في المساجد موجودة بكثرة وان اغلب المتدخلين في الخطب هم من السياسيين واصحاب المال وهناك حتى من هم من المجتمع المدني.وعن اصحاب المال ،قال انهم يمولون المساجد وينفقون على صيانتها عشرات الالاف من الدنانير فيخول لهم انه من حقهم التحكم فيما يدور فيها من خطب ودروس ومن حقهم ايضا التحكم في الامام وتوجيهه حسب اهوائهم.وهناك عدد من المساجد لها ميزانيات قارة يرصدها اصحاب المال في الجهات المعنية،في المقابل يشترطون على الامام ان لا يخرج عن الخط وان يقدم الخطب التي يعتبرونها هم مناسبة ونافعة.
اما بالنسبة الى تدخل السياسيين والنافذين في الدولة ،فاكد عبد السلام العطوي انه ليست الاحزاب ذات المرجعية الدينية وحدها التي تتدخل في الشان الديني في المساجد،بل انه توجد احزاب اخرى تنسب الى نفسها انها تقدمية وحداثية ومع ذلك تحشر نفسها في ما يدور في المساجد وتمارس شتى الوسائل لاعفاء امام وتنصيب اخر خدمة لمصالحها سيما وان 2019 على الابواب والانتخابات قد تتاثر نتائجها بما يدور في دور العبادة من خلال اساليب الترهيب والترغيب.كما ان هناك بعض السياسيين والنافذين يمارسون ضغطا على وزارة الشؤون الدينية لتنحية عدد من الائمة فتستجيب الوزارة دون التثبت ودون جمع المؤيدات التي تدينه.وحول هذا الموضوع ،قال كاتب عام نقابة الشؤون الدينية انه يشك في ان الطبقة السياسة مستعدة لتحييد المساجد بل بالعكس فكل من يصل الى الحكم مهما كان انتماءه وتوجهه يتمنى ان تظل المساجد تحت السيطرة لانها قد تتحكم في الانتخابات اذا لم يتم تحييدها خاصة في ظل تهميش الاطارات المسجدية.
اموال الصيانة والنظافة في المساجد
وفيما يتعلق باموال الصيانة والميزانية التي ترصدها وزارة الشؤون الدينية للصيانة والتنظيف،قال العطوي انها لا تتجاوز المليار ونصف فقط مقسمة على حوالي 6 الاف مسجد اي ما قيمته 300 دينار لكل مسجد والحال انها المبلغ المعقول هو لا يقل عن 20 الف دينار فما فوق.ولهذا يضطر الاطار المسجدي الى التعامل مع اللجان التي تكون عادة خارج الاطار القانوني ،حيث تقوم هذه اللجان بجمع الاموال من اصحاب الجاه والمتنفذين بطريقة غير قانونية لكنها بعلم الدولة التي تبقي على الامر مسكوتا عنه رغم عدم شرعيته.في المقابل تصبح اللجان نفسها باسطة لسيطرتها على المسجد في شعور من اعضائها انهم هم من لهم الفضل على المعلم وهم من قام بالصيانة والتنظيف.وان لم يتدخل اصحاب المال يتدخل اعضاء اللجنة غير الشرعية.اما في عدد من المناطق التي لا تطالها يد رجال الاعمال والنافذين فانك تجد المساجد في حالة مزرية،اوساخ،تشقق للجدران وتعطل لاغلب التجهيزات وما الى ذلك حتى ان وزارة الشؤون الدينية اعطت تعليماتها في مرات سابقة لغلق بعض المساجد الايلة للسقوط .واكد العطوي انه من بين مظاهر التدخلات في الشان الديني من طرف اصحاب النفوذ هو اعفاء عدد كبير قد يفوق 200 امام من الايمة الاكفاء ترضية لنافذين.وشدد على ان الاعفاء والعزل لا يكون بمجرد اتصال او بلاغ بل انه بعد التثبت من المؤيدات والخطا المرتكب الى غير ذلك.وقد تم مؤخرا الاتفاق مع وزارة الشؤون الدينية لتكوين لجنة وطنية تنظر في الاعفاءات وهي اليوم مفعلة ومتكونة من ممثلين عن النقابة العامة للشؤون الدينية ومن ممثلين عن الوزارة .حتى لا يكون الامام ضحية.
وارجع عبد السلام العطوي كل تلك التجاوزات الى غياب ميزانية ترصد للمساجد مشددا على انه من المهم جدا تقنين هذه المسالة وايجاد اطار قانوني وتشريعي لتمويل الشان الديني مع الترويج لصندوق تمويل المعالم الدينية وتقنينه.وتطرق الى مسالة التحيل والتلاعب من طرف البعض الذين يستظهرون ب"بادج "وايصالات لجمع الاموال لبناء مساجد جديدة موضحا ان هناك لجنة تتكون من 5 اشخاص على اقل تقدير تقدم مطلبا لوزارة الشؤون الدينية لترخص لها عبر منحها قرار اكتتاب لجمع المال وتقدم لها وصولات بقيمة المبلغ المتفق عليه يكون عليها طابع القباضة المالية ورقم الترخيص،مع منح بادج باسم القائم بجمع المال وعليه اسمه وصفته ورقم الترخيص ايضا .وتكون قطعة الارض المخصصة لبناء المساجد على ملك الدولة وليست ملك الخواص.واعتبر محدثنا ان ما حصل في فترة ما بعد الثورة من تجاوزات عبر منح عدد من رجال الاعمال لاراضي لبناء مساجد عليها والاكتفاء بعقد هبة هي غير قانونية ولا يمكن القبول بها بتاتا.