الطبوبي يرفض مشاركة اتحاد الشغل في مشاورات تكوين الائتلاف الحاكم الذي تقوده حركة النهضة الإسلامية.
تجري المشاورات المتعلقة بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة في ظل تشتت برلماني واختلافات سياسية عميقة بين الأحزاب تخص تركيبة الائتلاف الحاكم أربكت حركة النهضة الإسلامية التي حلت في المرتبة الأولى في انتخابات البرلمان مما اضطرها إلى الاستنجاد بالاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمات مهنية أخرى لإخراجها من مأزق سياسي يعطّل تركيز حكومة جديدة في ظل تباعد مقترحاتها عن توجهات الأحزاب الراغبة في مشاركتها في الحكم.
تونس – اصطدمت حركة النهضة الإسلامية المكلفة دستوريا بتشكيل حكومة تونسية جديدة، باعتبارها الحزب الفائز في البرلمان، بشروط الأحزاب السياسية التي تتفاوض معها بخصوص تركيبة الحكومة الجديدة في ظل تمسكها بتعيين رئيس حكومة من أحد قيادييها، وبدأت تستنجد بالمنظمات النقابية والمهنية التونسية التي أدارت حوارا وطنيا عام 2013 لمساعدتها على خلق توافق سياسي يمكنها من تشكيل فريق حكومي في الآجال الدستورية.
وبفوز غير مريح في انتخابات البرلمان، وجدت النهضة نفسها في حالة ضعف سياسي في مشاورات تشكيل ائتلاف حاكم جديد.
وتتخوف حركة النهضة من سيناريو سياسي قد ينتهي بإعادة إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في حال فشلها في خلق توافق سياسي يخص تشكيلة الائتلاف الحاكم.
وفيما تتمسك الحركة بتعيين شخصية من داخلها لترأس الحكومة، تعارض الأحزاب السياسية المشمولة بمفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة فكرة ترؤّس النهضة للفريق الحكومي الجديد، ويطرح بعضها تعيين شخصية سياسية مستقلة.
وطرح حزب التيار الديمقراطي الذي تحصل على 22 مقعدا في انتخابات البرلمان شروطا على حركة النهضة لمشاركتها الحكم وتتمثل في تعيين رئيس حكومة مستقل ومنحه وزارتي العدل والداخلية، فيما اقترحت حركة الشعب تعيين السياسي القومي الصافي سعيد رئيسا للحكومة الجديدة.
وأجرى رئيس الحركة راشد الغنوشي اتصالات أولية مع أحزاب التيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس، وائتلاف الكرامة، والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
وقال رئيس مجلس شورى حركة النهضة، عبدالكريم الهاروني، إن الحركة أجرت اتصالات مع مجموعة من المنظمات الوطنية، التي لها دور في إنجاح التجربة الديمقراطية التونسية، وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية)، باعتباره شريكًا أساسيًا للنهضة وشريكًا في إدارة الشأن الوطني، إضافة إلى اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة الأعراف)، واتحاد الفلاحين، والمجتمع المدني.
وشدّد على أن “النهضة” لا تريد انتخابات سابقة لأوانها (مبكرة)، لكنها لا تخشاها (في حال فشل عملية تشكيل الحكومة).
وشكلت حركة النهضة لجنة تفاوض تتكون من أعضاء من مجلس الشورى ومن المكتب التنفيذي للحركة يترأسها راشد الغنوشي الذي سيقود المفاوضات.
في المقابل ينأى الاتحاد العام التونسي للشغل بنفسه عن التجاذبات السياسية المتعلقة بالتوافق على تكوين تركيبة الفريق الحكومي الجديد ويعتبر نفسه غير مخوّل للمشاركة في مسار المشاورات.
وقال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نورالدين الطبوبي، إن الاتحاد لن يشارك في أي مشاورات أو مفاوضات تخص تكوين الحكومة الجديدة.
وشدد الطبوبي على أن الأحزاب السياسية الفائزة في انتخابات البرلمان هي المطالبة دستوريا وسياسيا بتشكيل حكومة جديدة.
وتعتبر حركة النهضة الإسلامية مكلفة بمقتضى الدستور بتشكيل حكومة جديدة في ظرف شهر من تاريخ الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات التشريعية.
وينص الدستور التونسي على أن رئيس الجمهورية يكلف في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، مرشح الحزب المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدّد (التكليف) مرة واحدة، وعند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.
وإذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما.
وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية يوم 10 أكتوبر الماضي وتم الطعن فيها لدى القضاء الإداري.
ويتوقع أن تعلن هيئة الانتخابات عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية يوم 13 نوفمبر القادم وذلك بعد استيفاء المحكمة الإدارية النظر في 101 طعن في النتائج الأولية لانتخابات البرلمان.
من جانبه قال رئيس اتحاد الفلاحة التونسي، عبدالمجيد الزار لـ”العرب” إن الاتحاد يرحب بفكرة إجراء حوار وطني لخلق توافق سياسي بشأن تشكيل الائتلاف الحاكم ويدعمها من باب المشاركة في أية مشاورات وطنية تخص الحكومة الجديدة.
ورجّح الزار أن النهضة تسعى إلى إجراء حوار وطني في صورة فشلها في إقناع الأحزاب السياسية المهتمة بالحكم بخياراتها وتوجهاتها المتعلقة بتركيبة الحكومة القادمة.
واعتبر الزار أن تشكيل الحكومة الجديدة يندرج ضمن اهتمامات اتحاد الفلاحة بالشأن الوطني ويهم المنظمات المدنية النقابية والمهنية التي يهمّها كثيرا معرفة خيارات الحكومة الجديدة وتوجهاتها الاقتصادية وخاصة برامج الحقائب الوزارية ذات الاختصاص الاقتصادي والمالي.
وتستوجب المرحلة السياسية الحالية في تونس، وفق عبدالمجيد الزار، تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية تتم فيها مراعاة الجانب الدستوري وهو التمثيلية الأغلبية للحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية.
واعتبر الزار “أن تونس ما زالت في مرحلة سياسية تتطلب توافقات سياسية كثيرة”.
بسام حمدي
صحافي تونسي