اختر لغتك

إرساء المحكمة الدستورية أصبح ضرورة ملحة لضمان استقرار تونس 

إرساء المحكمة الدستورية أصبح ضرورة ملحة لضمان استقرار تونس 

إرساء المحكمة الدستورية أصبح ضرورة ملحة لضمان استقرار تونس 

تعتبر المحكمة الدستورية هيئة قضائية مستقلة، تم إقرارها بموجب دستور 2014، وقد استمر هذا النص في الدستور الحالي (دستور 2022) ليثبت مكانتها كأداة أساسية لضمان احترام الدستور وحماية الحقوق والحريات العامة في البلاد، ورغم أهمية هذه المؤسسة القانونية، فإنها لم تشكل بعد، مما أدى إلى غياب دورها الحيوي في مراقبة دستورية القوانين وممارسة مهامها، وهو ما أصبح جلياً خلال الأزمة السياسية التي شهدتها تونس في 2021.

مقالات ذات صلة:

تضامن قوي مع مديرة مدرسة 2 مارس بعد تعرضها لاعتداءات جسدية وهرسلة في محكمة تونس 2

إفراج محكمة "Agrigento" الإيطالية عن 3 صيادين تونسيين بعد عامين من السجن

محكمة تونس: حكم غيابي بالسجن والغرامة على رئيس سابق للنادي الإفريقي

في ظل الدستور الجديد الذي تم إقراره في 25 جويلية 2022، تنص المادة 125 على أن المحكمة الدستورية هي هيئة قضائية مستقلة تتألف من تسعة أعضاء، يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية وفق آلية تنص عليها المادة، يتوزع الأعضاء على ثلاثة أطراف، حيث يشغل ثلثهم الأول أقدم رؤساء الدوائر في محكمة التعقيب، بينما يشغل ثلثهم الثاني أقدم رؤساء الدوائر التعقيبية أو الاستشارية في المحكمة الإدارية، وأخيرا، يتولى ثلثهم الثالث أقدم أعضاء محكمة المحاسبات؛ وتحدد المادة 127 مهام المحكمة، التي تتضمن مراقبة دستورية القوانين بناءً على طلب رئيس الجمهورية أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نواب الشعب أو نصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، كما تنص المادة 109 على أنه في حال شغور منصب رئيس الجمهورية، يتولى رئيس المحكمة الدستورية مهام رئاسة الدولة بشكل مؤقت، ما يضفي على دور المحكمة أهمية استثنائية في ضمان استقرار البلاد.

ورغم أن المحكمة الدستورية تعد إحدى الركائز الأساسية لضمان تطبيق الدستور وحماية الحقوق السياسية والاجتماعية للمواطنين، إلا أن إحداثها تأخر كثيرا، وهذا التأخير ليس مجرد مسألة قانونية أو إجرائية بل يتجاوز ذلك ليكون بمثابة اختبار حقيقي لمدى جدية تطبيق دولة القانون في تونس، ففي وقت حاسم كانت الحاجة إلى المحكمة الدستورية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، خاصة مع اندلاع الأزمة السياسية التي غاب خلالها الدور الرقابي والتوجيهي لهذه المحكمة، وهو ما فتح المجال لتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

وفي ظل هذا الواقع، تبرز أهمية إحداث المحكمة الدستورية في أسرع وقت ممكن، ليس فقط لتكريس مبدأ الفصل بين السلطات، بل أيضا لضمان توفير الاستقرار السياسي والاجتماعي، فقد أصبح من الضروري أن تتوافر هذه الهيئة المستقلة، ليس كأداة قانونية فحسب، بل كضمانة حقيقية لحقوق المواطن التونسي في إطار دستوري متين يعزز الاستقرار المؤسساتي.

من جانب آخر، لا يمكن تجاهل التأثيرات السلبية لهذا التأخير، الذي ترك آثارا ملموسة على سير عمل مؤسسات الدولة، بل امتد ليشمل النظام السياسي بشكل عام، حيث شكل غياب المحكمة الدستورية فوضى قانونية أدت إلى تباين في تفسير النصوص الدستورية والقانونية، ما عمق من أزمة الثقة بين المواطنين والدولة.

ولعل أبرز الحلول للتغلب على هذا الوضع هو الإسراع في إرساء المحكمة الدستورية، وتفعيل آليات تشكيلها كما نص عليها الدستور الجديد، ويتطلب هذا أيضا إعادة النظر في بعض الإجراءات القانونية والهيكلية التي قد تعيق تشكيل المحكمة، مع ضمان مبدأ الشفافية في اختيار الأعضاء وفق معايير الكفاءة والنزاهة.

إذا كان الدستور الجديد قد وضع الأسس القانونية اللازمة، فإن التحدي الأكبر يكمن في ترجمة هذه الأسس إلى واقع عملي وفعال، فالأساس لا يكمن في النصوص القانونية بحد ذاتها، بل في الإرادة السياسية والقدرة على تطبيق هذه النصوص بما يحقق مصلحة البلاد والمواطنين في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ويتطلب هذا كما ذكرنا، الإسراع في إحداث المحكمة الدستورية وتوفير البيئة القانونية والسياسية المناسبة لتفعيل دورها.

لذا فإن إرساء المحكمة الدستورية في تونس يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز دولة القانون وحماية الحقوق والحريات العامة، وتوفير الاستقرار السياسي الذي تحتاجه البلاد لتجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة؛ وفي هذا السياق، يمكن القول أن الاسراع في إحداث المحكمة الدستورية في عام 2024  ومع دخول 2025 سيكون خطوة محورية نحو إرساء دعائم دولة حديثة، قائمة على سيادة القانون ومبادئ العدالة والمساواة.

آخر الأخبار

في رسالته بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين: الأمين العام للأمم المتحدة يدعو لحماية المهاجرين

في رسالته بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين: الأمين العام للأمم المتحدة يدعو لحماية المهاجرين

رسميًا: دربي العاصمة دون حضور جمهور النادي الإفريقي

رسميًا: دربي العاصمة دون حضور جمهور النادي الإفريقي

ملتقى احتفالية الرواية التونسية بتوزر: إحياء السرد وفتح آفاق جديدة

ملتقى احتفالية الرواية التونسية بتوزر: إحياء السرد وفتح آفاق جديدة

الجامعة التونسية لكرة القدم تنبه أندية الرابطة الأولى بضرورة تسوية ديونها

الجامعة التونسية لكرة القدم تنبه أندية الرابطة الأولى بضرورة تسوية ديونها

انطلاق عروض فيلم "موفاسا: الأسد الملك" في قاعات السينما التونسية

انطلاق عروض فيلم "موفاسا: الأسد الملك" في قاعات السينما التونسية

Please publish modules in offcanvas position.