تعيش تونس على وقع تصاعد ظاهرة التسوّل، التي لم تعد مجرد حالات فردية، بل باتت تأخذ أبعادًا أكثر تعقيدًا، وسط تورّط شبكات منظمة في استغلال الأطفال والنساء والأجانب، ما يجعلها إشكالية أمنية واجتماعية خطيرة.
مقالات ذات صلة:
التسول في تونس: أزمة اجتماعية تتجاوز الفقر إلى استغلال إنساني
القبض على 446 متهمًا بعمليات الاتجار بالبشر والتسوّل: مكافحة جرائم استغلال البشر
إحصائيات مقلقة: الأطفال في قلب الاستغلال
كشف المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للأمن الوطني، العميد عماد مماشة، أنه تم إيقاف 209 أطفال متورطين في التسوّل، إلى جانب 6 أجانب، وهو ما يعكس حجم المشكلة ومدى تغلغل الاستغلال المنظّم في هذه الظاهرة.
كما أوضح أن عدد المتهمين في قضايا الاتجار بالبشر شهد ارتفاعًا حادًا، من 57 متهما في السنوات السابقة إلى 107 متهما خلال سنة 2024، وهو ما يشير إلى تفاقم الظاهرة وتحوّلها إلى جريمة منظمة تهدّد النسيج الاجتماعي.
تسوّل أم مهنة؟
رئيس الجمعية الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان، رضا كرويدة، قدّم مقاربة أخرى، حيث أشار إلى أن نسبة الفقر في تونس لا تتعدى 15% وفق الدراسات الحديثة، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان التسوّل يُمارس بدافع الحاجة، أم أنه أصبح مهنة مدرّة للدخل عبر مجموعات منظمة.
نساء حوامل وأطفال أفارقة في الشوارع
من النقاط المقلقة التي أشار إليها كرويدة، تزايد أعداد المتسوّلين الأفارقة في المدن التونسية، وخاصة النساء الحوامل والأطفال، ما يفتح الباب أمام احتمالات وجود شبكات إجرامية تستغل الأوضاع الاقتصادية والهجرة غير النظامية للاستفادة من هذه الفئات.
مقاربة أمنية أم اجتماعية؟
على الرغم من المجهودات الأمنية المكثّفة لمكافحة التسوّل، فإن هذه المقاربة ليست كافية وحدها، إذ تحتاج تونس إلى استراتيجية شاملة تشمل:
✅ دعم الفئات الهشة عبر برامج اجتماعية فعالة.
✅ تعزيز القوانين الرادعة ضد شبكات الاتجار بالبشر.
✅ تحسيس المجتمع بخطورة استغلال الأطفال في التسوّل.
التسوّل.. ظاهرة اجتماعية أم جريمة منظمة؟
مع تنامي أعداد المتسوّلين وانخراط الأطفال والأجانب في الظاهرة، بات من الضروري إعادة النظر في كيفية التعاطي معها، حتى لا تصبح مجرّد سلوك عابر، بل ملفًا يعكس إخلالات اجتماعية وأمنية عميقة تحتاج إلى حلول حقيقية.
هل حان الوقت للقضاء على التسوّل، أم أنه سيظل جزءًا من المشهد العام؟