تحلّ اليوم، الأحد 6 أفريل 2025، الذكرى الخامسة والعشرون لرحيل الزعيم الحبيب بورقيبة، مهندس الاستقلال ومؤسس الجمهورية التونسية، الذي غادر الحياة يوم 6 أفريل 2000، لكنه لم يغادر وجدان التونسيين الذين ما زالوا يحتفظون بإرثه السياسي والاجتماعي.
مقالات ذات صلة:
تحية الرئيس قيس سعيد لذكرى بورقيبة: دعم فلسطين ورفض العمالة
أزمة تضرب شارع الحبيب بورقيبة: تجار ومطاعم سياحية في مواجهة "عقوبات غير مبررة" تهدد قطاعاً حيوياً!
مسيرة تضامن في قلب تونس ومن شارع الحبيب بورقيبة نصرة لفلسطين وللقضية العادلة
وبهذه المناسبة، تحوّل رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى ولاية المنستير، مسقط رأس الزعيم، لإحياء ذكرى رحيله، في مشهد يعكس استمرار الحضور الرمزي لبورقيبة في المشهد السياسي التونسي، رغم مرور ربع قرن على وفاته.
بورقيبة.. صانع الدولة التونسية الحديثة
وُلد الحبيب بورقيبة يوم 3 أوت 1903، وكان أصغر إخوته الثمانية. نشأ في بيئة متواضعة لكنه سعى منذ صغره إلى طلب العلم، فتلقى تعليمه بالمعهد الصادقي ثم معهد كارنو، قبل أن يشد الرحال إلى باريس حيث درس القانون والعلوم السياسية.
لم يكن مجرد رجل سياسة، بل كان مفكراً ورجل دولة، استطاع بذكائه الاستراتيجي أن يقود تونس إلى الاستقلال بعد سنوات من النضال ضد الاستعمار الفرنسي، ليصبح في 25 جويلية 1957 أول رئيس للجمهورية بعد إلغاء النظام الملكي.
إصلاحات جذرية صنعت مجد تونس
لم يكن بورقيبة زعيماً سياسياً فحسب، بل كان مُصلحاً اجتماعياً أدرك أن بناء الدولة الحديثة يستوجب تغييرات جوهرية، فكان وراء مجلة الأحوال الشخصية عام 1956، التي منعت تعدد الزوجات ووضعت أسساً قانونية جديدة لحماية المرأة، في خطوة جريئة جعلت تونس نموذجًا إصلاحيًا في العالم العربي.
كما قاد إصلاحات عميقة في التعليم والصحة والبنية التحتية، وحقق السيادة الوطنية الكاملة بإتمام جلاء الاستعمار العسكري الفرنسي عام 1963.
من السلطة إلى العزلة.. ثم الخلود في الذاكرة
ظل بورقيبة ممسكًا بمقاليد الحكم حتى 7 نوفمبر 1987، عندما أطاح به زين العابدين بن علي فيما عُرف بـ"التغيير المبارك". ومنذ ذلك الحين، عاش في عزلة بمدينة المنستير حتى وفاته في 6 أفريل 2000، ليوارى الثرى في الضريح الذي يحمل اسمه.
ورغم مرور 25 سنة على وفاته، لا يزال بورقيبة شخصية جدلية ومؤثرة، يتباين التونسيون في تقييم إرثه بين من يعتبره باني الدولة الحديثة، ومن يرى أن سلطته المطلقة كانت سببًا في إخفاقات سياسية لاحقة.
إحياء الذكرى.. واستمرار الجدل
زيارة الرئيس قيس سعيّد اليوم إلى ضريح بورقيبة لم تكن مجرد حدث بروتوكولي، بل رسالة سياسية تعكس حجم تأثير الرجل الذي ما زال يُلهم السياسات التونسية حتى اليوم. فهل ستظل روح بورقيبة تهيمن على مستقبل تونس، أم أن البلاد بحاجة إلى زعيم جديد يُحدث القطيعة مع الماضي؟
مهما كانت الإجابة، يظل الحبيب بورقيبة اسماً محفورًا في تاريخ تونس، وزعيماً تتناقله الأجيال كرمز للسيادة والحداثة.