فرص الدول العتيدة
لكن في المقابل تخشى أوساط عدة من أن تنهار تلك المنطقة إن انسحبت الولايات المتحدة، وتركت قوة قد يستغل "داعش" وجودها للعودة، خاصة أنه حذرت أوساط دولية عدة مؤخراً من أن التنظيم بدأ إعادة تشكيل قواته في بعض المناطق في سوريا والعراق، فضلاً عن خلق فراغ على غرار ما حدث بعد أن غادر الجنود الأمريكيون العراق عام 2011.
ويتفق معظم خبراء السياسة الخارجية الأمريكية على أنه من المحتمل أن تملأ روسيا أو "داعش" هذا الفراغ، هذا فضلاً عن أن إيران ستكون قادرة على تأمين طريقها البري من دمشق إلى طهران؛ ممَّا يضمن لها المزيد من النفوذ.
وكان ترامب استنكر سياسة دول الخليج العربية في سوريا، وأعرب عن استيائه من عدم التدخّل الكافي لضمان استقرار البلاد.
وأفادت شبكة "CNN" الأمريكية، في تقرير نشرته في 5 أبريل 2018، عن امتعاض ترامب من حجم الأموال الأمريكية التي تُنفق في المنطقة ولا تعود بالمنفعة على الولايات المتحدة، حسب تعبيره.
وتساءل ترامب، بحسب مصادر مطّلعة على سير الاجتماع، عن سبب عدم تدخّل دول أخرى في المنطقة، لا سيما البلدان الغنيّة في الخليج العربي، في هذه الأزمة.
لكن من هي الدول "العتيدة" التي ستتطوع لشغل مكان واشنطن، خاصة أن معظم الجيوش العربية إما أن إمكاناتها لا تسمح أو أنها منشغلة بحروبها الخاصة؟
فالقوات السعودية لا تزال تقاتل في اليمن وتواجه خسائر يومية، فضلاً عن أن القوات الإماراتية تقتصر في تحركاتها الخارجية على العمليات الخاصة، وتعرضت أيضاً لخسائر فادحة باليمن، وحين نجحت العام الماضي في عملية عسكرية فقد كانت إلى جانب أمريكا ضد تنظيم القاعدة في اليمن، وقتل حينها 40 مقاتلاً من قادة التنظيم.
كما أن القوات القطرية منشغلة بحماية حدودها البرية من أي غدر قد يحدث من دول الحصار، التي خسرت التخطيط مع قطر في حل أزمات المنطقة، بل إنها أشعلت أزمة كادت تتحول إلى حرب لولا تدخل الوساطة الكويتية والأمريكية.
وعلى نفس المنوال تسير القوات الأردنية حيث لا ترغب عمّان بمغادرة الحدود الشمالية لحماية الجيب الحدودي مع سوريا، وأيضاً تقتصر جميع عملياتها في الخارج على أداء دور القوات الخاصة، كما جرى حينما تدخلت في البحرين عام 2011 لحماية المنشآت الحكومية هناك، خلال الاحتجاجات الشعبية التي هزت المملكة، ومشاركتها في العام 2016 إلى جانب فرنسا والجزائر والإمارات في عملية عسكرية خاصة قادتها باريس ضد "الجهاديين" في مالي.
ويبقى المرشح الأبرز هو القوات المصرية لكونها الأكبر عربياً والأكثر كفاءة، على الرغم من خوضها حرباً ضد "تنظيمات متطرفة" في شبه جزيرة سيناء، هذا في حال تمويل إماراتي - سعودي مشترك لوجود هذه القوة هناك.
أكدت ذلك صحيفة "وول ستريت جورنال" التي قالت إن جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، اتصل بعباس كامل مدير المخابرات المصرية لمناقشة إمكانية مشاركة مصر في جهود استبدال القوات الأمريكية الموجودة في سوريا بقوة عربية.
وسبق أن طرحت دول عربية في العام 2012 مبادرة لإرسال قوات ردع عربية إلى سوريا، نواتها من الجيش المصري. وقد حاز هذا المقترح حينها موافقة خليجية، لكن سوء الأحوال الداخلية المصرية إلى جانب عدم اتخاذ خطوات إقليمية جدية حالا دون ذلك.
ولا بد من الإشارة هنا إلى ترجيح أن تتولى المهمة الدول المشاركة في "القمة السرية"، التي كشف النقاب عنها موقع "ميدل إيست آي" في 19 مارس 2018، حين أظهر أن رجل الأعمال الأمريكي جورج نادر مستشار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، نظمها أواخر 2015 على متن يخت في البحر الأحمر، وجمعت قادة ومسؤولين بارزين في دول عربية، تمحورت حول إدارة تشكيل المنطقة بما يسمح بهيمنة السعودية والإمارات عليها، ومواجهة تركيا وإيران والجماعات الإسلامية.
الموقع نقل عن مصدرين مطلعين أن القمة السرية شارك فيها محمد بن زايد، وولي ولي العهد السعودي آنذاك محمد بن سلمان الذي أصبح ولياً للعهد، وولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن عبد الله الثاني، وبحثوا خطة قدمها نادر لتشكيل تجمع إقليمي بالمنطقة داعم للولايات المتحدة و"إسرائيل" ويضم ليبيا لاحقاً، ليكون بديلاً عن مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية.