الصفحة 2 من 3
أنشطة إرهابية متعددة
ضمّ التقرير الصادر بعنوان “جغرافيا الدم.. النشاط الإرهابي في ليبيا 2018″، ثلاثة أقسام رئيسية. الأول اهتم بالإرهاب المحلّي، وركّز الثاني على نشاط تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وعالج الثالث ما يوصف الآن بحرب تركيا على ليبيا، واتخذت مسارات سرية في البداية، لكنها تحوّلت إلى حرب مُعلنة ومفتوحة، بعد أن سلك تعاونها مع الإرهابيين طريقا لا يخجل من تقديم المعدّات والبشر علنا، ولم يعبأ بتحذيرات بعض القوى الفاعلة.
اقتصر التقرير على معالجة الأحداث والتطوّرات ما قبل العام 2018، ووجد أن خارطة النشطات الإرهابية في ليبيا في ذلك العام أقلّ دموية من الأعوام السابقة، لكنّه لم يرصد التصاعد الجديد في العنف والذي شهده العام الجاري، بعد شروع الجيش الليبي في تحرير طرابلس من قبضة الإرهابيين وصدّ هجماتهم التي طالت قطاعات واسعة من المدنيين، وما يتلقاه هؤلاء من تدفقات للأسلحة، فضلا عن استقبال الآلاف من الإرهابيين القادمين من سوريا وبلدان أخرى، بترتيبات متقنة من الحكومة التركية.
حوى التقرير جزءا حيويا عن السفن التي سيرتها تركيا إلى بعض شواطئ ليبيا، ورصد باستفاضة تحركات ومناورات أنقرة السياسية والعسكرية لضمان نجاح نقل مشروع الجهاديين إلى شمال أفريقيا عبر أراضي السودان، قبل عزل الرئيس عمر حسن البشير، الذي مثّل خسارة إستراتيجية لتركيا وحركتها في منطقة شمال وشرق أفريقيا والبحر الأحمر، ورغبتها في الهيمنة على مقاليد مناطق عدّة.
وأرخى تحوّل ليبيا إلى ساحة لاستقبال الإرهابيين بظلاله على الأجندة السياسية التي تتبنّاها الأمم المتحدة، وأحرجها منذ فترة تجذّر الدور الذي يقومون به، وأفضى إلى تعثّرها لعقد الملتقى الوطني الجامع في أبريل الماضي، بل وأقلق تعاون مبعوثها مع جماعات مؤدلجة دوائر إقليمية كثيرة، خشيت من فرض العصابات المسلحة لنفوذها على البلاد.
لقيت العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ارتياحا كبيرا، وحصلت على تأييد من قوى دولية كبرى، لأنها تعدّ المدخل الذي يمكن أن يقصف ظهر المراكز الحيوية للإرهابيين، والتي أصبحت تزعج بعض الدول الأوروبية الواقعة في شمال المتوسط، فضلا عن الولايات المتحدة التي ضاعفت من تحرّكاتها لتقويض الميليشيات في ليبيا، ومنحت الضوء الأخضر للجيش الوطني لمواصلة عملياته لتجفيف منابع الإرهابيين.