انقسام كبير يسود ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين الأولى برئاسة الدبيبة والثانية برئاسة باشاغا.
طرابلس - اندلعت اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة ليل الجمعة السبت في العاصمة الليبية طرابلس (غرب)، وانتهت بعد وساطة من اللواء 444 قتال، فيما يعزو محللون تفاقم الاشتباكات المسلحة في العاصمة الليبية مؤخرا إلى حالة الجمود السياسي.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن المعارك التي استُخدمت فيها أسلحة ثقيلة وخفيفة نشبت في الجبس في جنوب المدينة، على خلفية الفوضى السياسية ووجود حكومتين تتنافسان على السلطة.
واندلعت الاشتباكات بين مجموعات مسلحة موالية لعبدالحميد الدبيبة رئيس الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا، ومجموعات أخرى قريبة من رئيس الحكومة المنافسة فتحي باشاغا الذي استقر مؤقتا في سرت (وسط)، على ما أفادت صحف محلية.
وقبل أسبوعين أدت اشتباكات في طرابلس إلى سقوط 13 قتيلا و30 جريحا. وانتهت أيضا بعد تدخل من اللواء 444 الذي تم تشكيله قبل نحو سنتين تحت إشراف وتدريب تركي.
ويسود ليبيا انقسام كبير مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس جاءت وفق اتفاق سياسي قبل عام ونصف برئاسة الدبيبة الرافض لتسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا عينها مجلس النواب في فبراير الماضي ومنحها الثقة في مارس، وتتخذ من سرت في وسط البلاد مقراً مؤقتاً لها بعد منعها من الدخول إلى طرابلس.
وكلفت حكومة الدبيبة بمهمة أساسية هي تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية كانت مقررة في ديسمبر الماضي. غير أن الخلافات بين الفرقاء السياسيين، لاسيما على القانون الانتخابي، أدت إلى تأجيلها إلى أجل غير مسمى، فيما كان المجتمع الدولي يعلّق عليها آمالا كبيرة لتحقيق الاستقرار في البلاد.
وفي موازاة الاشتباكات المتكررة، شهدت عدة مدن ليبية أوائل يوليو الماضي مظاهرات تطالب برحيل جميع المؤسسات السياسية، وإجراء الانتخابات دون أي تأخير. وتخللت الاحتجاجات أعمال عنف ونهب طالت البرلمان.
وجاءت الاحتجاجات عقب فشل اجتماعات ليبية في جنيف برعاية أممية من أجل التوصل إلى توافق حول القاعدة الدستورية التي ستجرى على أساسها الانتخابات العامة.
ويمكن لأي اشتباكات طويلة بين الفصائل المختلفة في طرابلس أن تتحول إلى صراع أوسع يجتذب قوات من جميع أنحاء ليبيا في مرحلة جديدة من الحرب الأهلية يكون المدنيون أكثر المتضررين منها.
ومع ذلك فإن هناك مؤشرات متزايدة على احتمال وقوع اشتباكات أوسع، مما يعرض للخطر اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه عام 2020 بين الأطراف الرئيسة في الحرب الأهلية.
وقال عمادالدين بادي من مؤسسة المجلس الأطلسي البحثية “لأنه لا يوجد منفذ سياسي للنقاش ولا توجد عملية سياسية فإن ذلك يجعل الاشتباكات أكثر احتمالاً”، مضيفاً أن “حقيقة وجود حكومتين تؤدي إلى تفاقم هذا التوتر”.
وتخضع طرابلس لسيطرة عدد من الكتائب، بعضها يتبع اسميا المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش، وبعضها الآخر يتبع وزير الدفاع، والبعض الثالث تابع لقائد الأركان، أما البعض الرابع فيتبع وزير الداخلية.
وتسيطر كل كتيبة على منطقة، وتضمن حماية هياكل الدولة في هذه المنطقة، سواء منها الحكومية أو البنوك أو المؤسسات، وتحصل على تمويلها من الجهات الرسمية التي تنضوي في إطارها هذه الكتائب، سواء المجلس الرئاسي أو وزارة الدفاع أو قيادة الأركان أو وزارة الداخلية.
وتتصارع هذه الكتائب على مناطق السيطرة والنفوذ في العاصمة، وأحيانا تتحالف مع بعضها البعض لمواجهة خطر داهم مثلما حدث في هجوم قوات خليفة حفتر على طرابلس عام 2019.
وفي حالات أخرى تتأثر بالانقسام السياسي، ما يؤدي إلى اقتتال دام بينها على غرار ما حدث في 2017 بين الكتائب الداعمة لحكومة الوفاق والأخرى الموالية لحكومة الإنقاذ.
وقال مسؤول كبير في الدولة الليبية إن قادة الجماعات المسلحة تمكنوا من تأمين رواتب حكومية لمقاتليهم والحصول على عقود حكومية في مقابل الولاء لشخصيات سياسية على مدى السنوات العشر الماضية.
وجرى دمج معظم الفصائل المسلحة الرئيسة منذ فترة طويلة في قوائم رواتب الدولة بأدوار رسمية تحت إشراف وزارتي الداخلية والدفاع، على الرغم من أنها مسؤولة أمام قادتها الأصليين وليس الحكومة.