المحكمة العسكرية تقضي بسجن النائب المجمّد ياسين العياري عشرة أشهر غيابيا بعد أيام من إصدارها حكما بسجن سيف الدين مخلوف لمدة سنة.
تونس - قضت محكمة عسكرية تونسية غيابيا بالسجن 10 أشهر على النائب بالبرلمان المجمد عن حركة "أمل وعمل" ياسين العياري، لإدانته بـ"المس من كرامة الجيش وفعل أمر موحش ضد رئيس البلاد"، كما أصدرت حكما بسجن النائب المجمد سيف الدين مخلوف بسنة مع تأجيل التنفيذ.
وتعتبر أوساط سياسية أن إصدار أحكام قضائية ضد المقربين من حركة النهضة أن القضاء بدأ يستفيد من قرار الرئيس قيس سعيد رفع الحصانة عن نواب البرلمان، لتوجيه تهم إلى عدد منهم كانت رفعت في حقهم دعاوى قضائية منها ما تعلق بملفات فساد ومنها ما تعلق بقضايا تجريح ضد شخصيات بارزة من بينها الرئيس سعيد.
وخضع القضاء في تونس لضغوط كثيرة في السنوات الأخيرة، ويريد أن يثبت أنه قادر على النهوض بمسؤولياته ضد أي جهة مهما كان وزنها طالما وجد مناخا سياسيا داعما لاستقلاليته، وهو أمر متوفر الآن في ظل تصريحات سعيد التي تحث على مقاومة الفساد بقوة، وفي ظل الدعم الشعبي القوي لأي إجراء ضد الأحزاب والكتل السياسية التي كان لها دور في الأزمة الحادة التي تعيشها البلاد.
وقالت حركة "أمل وعمل" (قائمة مستقلة) في بيان مساء الجمعة، إن "القضاء العسكري أصدر حكما غيابيا بالسجن لمدة 10 أشهر في حق النائب بالبرلمان (المجمدة اختصاصاته) ياسين العياري".
وأضافت أن الحكم جاء "لتهم تتعلق بالقيام بفعل موحش ضد رئيس الجمهورية ونسبة أمور غير حقيقية لموظف عمومي، والمس من معنويات الجيش".
وبررت الحركة "تغيب العياري عن جلسة المحاكمة بتواجده حاليا بالخارج"، معتبرة أن "القضاء العسكري غير مختص في محاكمة المدنيين" .
ولفتت الحركة في البيان إلى "رصدها تدهورا مخيفا للحقوق والحريات بعد انقلاب سعيّد على الدستور وشروعه في هدم الدولة".
ويقول الرئيس سعيد إنه سيحافظ على الحقوق والحريات التي اكتُسبت في ثورة 2011 التي جلبت الديمقراطية لتونس، وسيطرح دستورا جديدا للاستفتاء هذا الصيف تتبعه انتخابات برلمانية جديدة في ديسمبر.
وكان العياري قد وجه سابقا انتقادات متكررة للرئيس التونسي واتهمه بتنفيذ انقلاب، بعد أن أقال سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي رئيس الحكومة هشام المشيشي وجمّد عمل البرلمان وتولّى السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وبدوره، قال عضو هيئة الدفاع عن العياري مالك بن عمر، إن "الحكم صدر غيابيا، عن المحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس، على خلفية نشره تدوينات ناقدة وواصفة لما جرى في الخامس والعشرين من يوليو بالانقلاب".
وأوضح بن عمر أن "ما تضمنته تدوينة العياري وصف لأمر واقع نظرا لوجود دبابات مرابطة بالبرلمان". وأشار إلى أن "الحكم ابتدائي غيابي وقابل للطعن".
وفي الثلاثين من يوليو الماضي، أوقفت قوات الأمن العياري وأودع السجن على أساس حكم قضائي عسكري لمدة شهرين، ليتم الإفراج عنه في سبتمبر 2021.
وأوقف العياري تنفيذا لقرار قضائي صدر نهاية 2018 بسجنه شهرين لنشره تدوينة عبر حسابه على فيسبوك انتقد فيها الجيش.
وحسب القضاء العسكري جاء الاتهام بسبب "المشاركة في تحطيم معنويات الجيش والإضرار بالدفاع والمس من كرامة الجيش الوطني".
ويعد العياري (40 عاما) أحد المقربين من حركة النهضة الإسلامية التي سبق أن أدانت إحالته على القضاء العسكري معتبرة أنه "إجراء غير دستوري وغير قانوني".
ويأتي قرار المحكمة العسكرية بتونس بعد أيام من إصدارها حكما بسجن النائب المجمّد سيف الدين مخلوف بتهمة التطاول على القضاء والمس بمعنويات الجيش، والحكم مدة عام واحد مع التأجيل.
وكانت الدائرة الجناحية بالمحكمة العسكرية خصصت جلسة الخميس، للاستماع إلى مرافعات دفاع المتهم قبل أن تحجز ملف القضية للتصريح بالحكم إثر الجلسة.
وقام مخلوف بتهديد مساعد وكيل الجمهورية العسكري خلال محادثة جرت بينهما، حيث تهجّم في مقر المحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس على أحد القضاة العسكريين.
وفي سبتمبر الماضي، أصدر القضاء التونسي قرارا بسجنه في قضية اقتحام مطار قرطاج.
وواجه مخلوف كذلك، قضية أواخر 2019 حكم على إثرها بعام و8 أشهر من أجل الإساءة للغير عبر الشبكات العمومية للاتصال ونسبة أمور غير قانونية لموظف عمومي، حيث رفعت القضية من قبل وكيل الجمهورية السابق بسيدي بوزيد، وقد اعترض مخلوف على الحكم الغيابي.
وكان مخلوف قد توجه في مارس 2019 نحو وكيل الجمهورية المتعهد بما يعرف بملف المدرسة القرآنية بسيدي بوزيد بعبارات تهديد.
ويأتي القرار بعد إصدار قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية بتونس، أمرا بسجن البرلماني الإخواني المجمدة عضويته نضال سعودي، لمحاولته اقتحام مطار قرطاج الدولي.
وكان سعودي النائب عن ائتلاف الكرامة تهجم في الخامس عشر من مارس الماضي، رفقة نواب من حزبه من بينهم مخلوف، على أفراد الأمن بمطار تونس قرطاج، من أجل السماح لامرأة تونسية متورطة في قضايا إرهابية وممنوعة من السفر، بالهروب خارج البلاد.
