في مثل هذا اليوم، 11 أوت 1983، رحل عنّا أحد أعمدة المسرح التونسي، حمدة بن التيجاني، الذي ترك بصمة لا تُنسى في تاريخ الفنّ التونسي. وُلد في 10 ديسمبر 1901، وانطلق في مسيرته الفنية عام 1926 ليصبح أحد أبرز ممثلي المسرح في تونس.
منذ بداياته، لفت حمدة الأنظار بموهبته الفذّة، حيث جسّد دور الوزير ابن خالد في مسرحية "غانية الأندلس" مع جمعية "التقدّم"، لينتقل بعدها إلى جمعية "السعادة" ويبدع في أدوار تاريخية مثل فرعون في "عائدة" ودوق ألبا في "شهداء الوطنية". في كلّ مرة، كان حمدة يعيد تعريف الدور الذي يُسند إليه، ما جعل منه رمزًا للإتقان الفني.
ومع انتقاله إلى فرقة "المستقبل التمثيلي"، برز في أدوار بطولية مثل صلاح الدين الأيوبي، ليواصل رحلته الفنية مع العديد من الفرق المسرحية الأخرى. ولم يكن انضمامه إلى فرقة مدينة تونس إلا تتويجًا لمسيرة حافلة بالنجاحات.
كانت مشاركته في مسرحية "الماريشال" بمثابة نقطة التحوّل في مسيرته، حيث أثبت من خلالها قدرته على تقمص أدوار مركبة ومثيرة للإعجاب. ورغم براعته في التمثيل بالدارجة، كان حمدة يفضل التمثيل بالفصحى، حيث استحوذت أدوار عبد الرحمن الناصر وصلاح الدين وعنترة بن شداد على قلبه.
بفضل مهارته وموهبته، استطاع حمدة بن التيجاني أن يحفر اسمه بأحرف من ذهب في سجلّ المسرح التونسي، ليظلّ في ذاكرة الأجيال رمزًا للإبداع والعطاء. واليوم، ونحن نحيي ذكرى رحيله، نتذكر إسهاماته الكبيرة ونستحضر عبقريته الفنية التي لا تزال تلهم عشاق المسرح في تونس وخارجها.