حين تتلاشى الجدران بين الفن والحياة، وحين يتحوّل الجسد إلى نصّ مفتوح، ينبض بالحركة والرمز والإيحاء، يولد معرض "Narration Immersive" (سرد غامر) في فضاء El Teatro – Aire libre، كصرخة فنية تقتحم الحواس وتعيد تعريف فعل التلقي ذاته.
يُفتتح المعرض يوم الثلاثاء 27 ماي 2025 على الساعة 18:00، ويستمر حتى 9 جوان 2025، جامعًا أسماءً فنية من مشارب مختلفة، توحّدها الرغبة في خوض تجربة جمالية تنكأ الأعماق قبل أن تُرضي البصر.
"ما يُفكَّر فيه بوضوح يُقال بوضوح، والجسد حين يُفصح يتكلّم بسلاسة"...
هكذا ينطلق المشروع، لا من أطروحة نظرية، بل من سؤال وجوديّ:
هل يمكن للجسد أن يسرد؟ أن يشهد؟ أن يُحدث أثرًا يتجاوز حدود اللغة؟
■ فلسفة الجسد... والفن بوصفه طقسًا للتجلي
المعرض، بتنسيق الفنان محمود شلبي، لا يقدّم أعمالًا معلّقة على الحيطان فحسب، بل يقدّم فضاءً متحوّلًا، زمنيًا ومكانيًا، حيث تُصبح الحركة لغة، والسكوت صرخة، والانسياب تشظّيًا متمردًا على الشكل التقليدي.
إنه عرض فلسفي بامتياز، يُراهن على ما يُعرف في علم الجمال بـ"الجمالية الغامرة"، حيث لا يكون المتلقي مُشاهدًا سلبيًا، بل عنصرًا فاعلًا في نسج السرد.
الفنّ هنا يتحوّل إلى جسد حيّ، ينبض بذاكرة فردية وجمعية، حيث يصبح الجلد صفحة، والنبض إيقاعًا، والصمت خطابًا.
■ شعرية الأجساد... وانهيار المسافة بين الداخل والخارج
المشاركون – إيمان بصرور، كوثر جرداق، ألفة جمعة، شوقي الأحمر، سلمى مبارك، سلمى الماجري، سهيل ناشي، إيناس زيلي – لا يقدّمون أعمالًا معزولة، بل قصائد جسدية تتحرّك داخل الفضاء، ترتجف، تصرخ، تُهمس، وتبعثر أسئلتنا الكبرى عن الهوية، الذاكرة، والمصير.
همسهم، صراخهم، حركتهم... ليست استعراضًا، بل طقسًا رمزيًا لمواجهة العُري الإنساني في زمن يزداد صمتًا وانغلاقًا.
■ المشاركون... أجساد تتكلم
ثمانية فنانين من مشارب فنية وتجريبية مختلفة، يجتمعون في تجربة جماعية نادرة، حيث يصبح الجسد هو النصّ، والحركة هي اللغة. هم إيمان بالسرور، كوثر جرداق، ألفة جمعة، شوقي الأحمر، سلمى مبارك، سلمى الماجري، سهيل ناشي، وإيناس زيلي — لا يتقاطعون في الشكل، بل في رغبتهم في تفجير المألوف، وطرح أسئلة وجودية من خلال تعبير جسدي خالص.
في هذا المعرض، لا تجد لوحات معلقة ولا منحوتات ساكنة، بل أجسادًا تنبض بالحكاية، تؤدي، تصمت، تهتز، وتجرّك معها نحو أعماق لا تقال بالكلمات. كل مشارك/ة يحمل همّه الشخصي، ويتعامل مع الجسد كأداة للحفر في الذاكرة، أو كصرخة فلسفية تبحث عن المعنى داخل فوضى الحاضر.
✴ هل نحن شهود على عرض فني؟ أم مشاركون في طقس تفكيك الذات؟
"سرد غامر" ليس معرضًا يُزار ثم يُنسى، بل جرحٌ جمالي مفتوح، يُرافقنا حتى بعد مغادرة الفضاء.
إنه تذكير مؤلم، وربما مبهج، بأن ما لا يُقال يمكن أن يُجسَّد، وأن الجسد هو آخر قلاع الحقيقة حين تخذلنا الكلمات.