الحكومة تبعث برسائل إلى الفئات الهشة عبر عدم رفع الدعم عن المواد.
أعلنت الحكومة التونسية الثلاثاء عن ميزانية 2022 وسط توقعات بأن يبلغ العجز نحو 3 مليارات دولار أي ما يُعادل قرابة 6.7 في المئة من الناتج الداخلي الخام، مشيرة إلى أنه لن يتم رفع الدعم عن المواد الأساسية في خطوة تبدو وكأنها تستهدف طمأنة الفئات الهشة في البلاد.
تونس - كشفت الحكومة التونسية الثلاثاء النقاب عن قانون المالية بعد أن كان قد صادق عليه الرئيس قيس سعيّد خلال مجلس وزاري الخميس الماضي.
وحاولت الحكومة من خلال هذا القانون طمأنة الفئات الهشة من خلال رفع طفيف في المنح ونفي عزمها رفع الدعم عن المواد الأساسية، لكن تلك الرسائل قد لا تحقق المطلوب خاصة أن هناك ضغوطا على البلاد لإقرار إجراءات موجعة تضمن القيام بالإصلاحات الاقتصادية المطلوبة من قبل المقرضين الدوليين.
وتوقعت الحكومة التونسية بلوغ عجز أولي قيمته 3 مليارات دولار أي ما يُعادل قرابة 6.7 في المئة من الناتج الداخلي الخام.
وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عُقد الثلاثاء للإعلان عن الأرقام العامة للموازنة بمشاركة وزراء المالية سهام البوغديري نمصيّة، والاقتصاد والتّخطيط سمير سعيّد، والتّجارة وتنمية الصّادرات فضيلة الرابحي.
كما شاركت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة الغنجي، ووزير التشغيل والتكوين المهني متحدث الحكومة نصرالدين النصيبي.
ووفق الأرقام المعلنة للموازنة خلال المؤتمر تبلغ إيرادات الحكومة المتوقعة خلال العام المقبل 38.69 مليار دينار (13.55 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 47.17 مليار دينار (16.54 مليار دولار).
وبذلك يكون العجز المتوقع لموازنة 2022 نحو 8.55 مليار دينار (3 مليارات دولار).
وتتوقع الحكومة التّونسية أن يصل إجمالي النفقات إلى 47 مليارا و166 مليون دينار(16.39 مليار دولار) بزيادة 6.6 في المئة بالمقارنة مع 2021.
وقدرت الميزانية إجمالي الإيرادات العامة بـ38 مليارا و618 مليون دينار (13.46 مليار دولار).
وبحسب وزيرة المالية فإن ميزانية العام 2022 تتطلب اقتراضا خارجيا حدد بـ12 ألفًا و652 مليون دينار (4.42 مليار دولار).
وتظهر أحدث بيانات الدين المستحق على تونس الصادر عن وزارة المالية الاثنين أن إجمالي الدين العام المستحق سجل بحلول نهاية أكتوبر الماضي 102.19 مليار دينار (35.6 مليار دولار).
ويرى محللون اقتصاديون في تونس صعوبة بالغة للتمكن من تعبئة تمويلات خارجية في شكل قروض خاصة في ظل الترقيم السيادي للبلاد.
وقال الخبير الاقتصادي نادر الحداد إنه “لا يمكن اقتراض ولو دولار واحد بالترقيم السيادي الحالي لتونس”.
وتابع الحداد أن “ما تم الكشف عنه أقرب إلى المرسوم منه إلى قانون المالية لأنه لم يحدد أصلا مصدر الأموال الخارجية التي سيتم تعبئتها”.
وأضاف أن “هذا المرسوم لم يتضمن إصلاحات جوهرية يطالب بها المانحون الدوليون خاصة في ما يتعلق بالوظيفة العمومية، لا وجود لنية للتخفيض من الإنفاق في القطاع العام وغيرها من المعطيات”.
وقالت وزيرة المالية في حديثها للصحافيين إن “الميزانية تضمنت حزمة إجراءات اجتماعية أبرزها زيادة المنحة المسندة إلى العائلات الفقيرة وإسناد منحة شهرية لفائدة أبناء العائلات محدودة ومتوسطة الدخل دون 6 سنوات”.
ونفت الحكومة التونسية عزمها رفع الدعم عن المواد الأساسية في محاولة لتبديد مخاوف برزت مؤخرا في هذا الصدد، لكن خبراء اقتصاديين يشددون على أهمية ترشيد هذا الدعم دون إلغائه.
وأكد الحداد أنه ”لا يمكن التخلي نهائيا عن الدعم في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها التونسيون، نسبة الفقر تخطت 20 في المئة لكن من الضروري أن تتجه الحكومة نحو ترشيد هذا الدعم، يجب أن يكون موجها إلى الأشخاص ضعاف الحال، لكن هذا لم يتضمنه مرسوم قانون المالية حيث لم يتم وضع أي آليات لترشيد الدعم”.
ومع ذلك اعتبر الحداد أن قانون المالية تضمن نقطة إيجابية وهي تشديد المراقبة على السيولة النقدية بما يتيح مراقبة التهرب الضريبي وغيره.
وتأتي هذه التطورات في وقت تعيش فيه تونس انتقالا سياسيا منذ الخامس والعشرين من جويلية عندما أعلن الرئيس سعيّد عن جملة من الإجراءات تفعيلا للفصل ثمانين من الدستور الذي ينظم الحالة الاستثنائية حيث جمد أعمال واختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وبدأ العمل بالمراسيم.
وتشير توقعات قانون المالية الأصلي للعام الحالي إلى بلوغ الدين العام مستوى قياسيا يقدر بـ109.23 مليار دينار (37.6 مليار دولار) منها 74.21 مليار دينار (25.5 مليار دولار) دينا خارجيا.
