في خطوة استراتيجية نحو تعزيز دورها كمركز إقليمي للقطاع الصحي في إفريقيا، جدد وزير الصحة التونسي، مصطفى الفرجاني، اليوم الثلاثاء، دعوته خلال لقاءه مع إيك جيمس، رئيس قسم نقل التكنولوجيا بمؤسسة "براءة اختراع الأدوية" (Medicines Patent Pool)، التي تعمل على توسيع الوصول إلى الأدوية وتعزيز الإنتاج المحلي في البلدان النامية. اللقاء الذي عقد في أبوظبي في إطار فعاليات الدورة الثالثة للمنتدى العالمي للإنتاج المحلي، سلط الضوء على طموح تونس في أن تصبح منصة إقليمية لصناعة اللقاحات، مع التركيز على تلبية احتياجات القارة الإفريقية التي تواجه تحديات صحية معقدة.
مقالات ذات صلة:
جدارية عملاقة في مدينة الكاف: مبادرة فنية بيئية لرفع الوعي بالحفاظ على الطبيعة
قيس سعيّد يكشف تفاصيل مشروع "مدينة الأغالبة الطبية" ويفجر مفاجآت حول محاولات تعطيله!
أزمة العلاج الطبيعي في تونس.. مهنة تحتضر في صمت!
تجاوز صناعة اللقاحات نحو الريادة في الطب الحديث
تسعى تونس، من خلال هذه المبادرة، إلى تحقيق تحول جذري في قطاع الرعاية الصحية، لا سيما في مجال صناعة اللقاحات. وفي هذا السياق، أكد الوزير الفرجاني على ضرورة تجاوز تونس لحدود تصنيع اللقاحات فقط، ليشمل طموحها تطوير نشاطات البيو-إنتاج والعلاج المناعي، وهو ما يشكل ركيزة أساسية في تطوير الطب الحديث. هذا التحول سيساهم في تعزيز قدرة تونس على مواجهة التحديات الصحية المستقبلية، ويضعها في طليعة الدول التي تتمتع بقدرات إنتاجية محلية متطورة.
مقومات النجاح المتاحة في تونس
لطالما كانت تونس من الدول الرائدة في مجال تصنيع اللقاحات، ويعود تاريخها الطويل في هذا المجال إلى عقود من الابتكار والإنتاج المحلي. الفرجاني شدد على أن تونس تملك كل المقومات اللازمة لتحقيق النجاح في هذا المشروع الطموح، بدءًا من الإرادة السياسية القوية، وصولاً إلى الكفاءات البشرية المؤهلة التي تمتلك الخبرات الضرورية لتطوير القطاع الصحي. هذه العوامل، إلى جانب تاريخها في إنتاج اللقاحات، تعزز من قدرة تونس على الاستفادة من الفرص الجديدة في السوق الإفريقية.
الدعم الدولي والتعاون متعدد الأطراف
على الرغم من التحديات الكبيرة التي قد يواجهها هذا المشروع الطموح، إلا أن دعم مؤسسة "براءة اختراع الأدوية" - المدعومة من منظمة الأمم المتحدة - يشكل عنصرًا حاسمًا في نجاحه. هذه المؤسسة عبر ممثلها إيك جيمس، أبدت استعدادها لدعم هذا المشروع الاستراتيجي من خلال إطلاق الدراسات الضرورية لتهيئة بيئة ملائمة للإنتاج المستدام، وهو ما يعد خطوة مهمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الأدوية واللقاحات في تونس، وتحقيق نتائج إيجابية على مستوى القارة الإفريقية.
منتدى أبوظبي: محطة مفصلية لدعم التعاون الدولي في مجال الصحة
المنتدى العالمي للإنتاج المحلي، الذي يُعقد في أبوظبي بمشاركة أكثر من 4000 مسؤول وخبير من مختلف أنحاء العالم، يشكل فرصة ذهبية لتونس لعرض مشروعها الطموح أمام المجتمع الدولي. المنتدى، الذي تنظمه منظمة الصحة العالمية بالشراكة مع مؤسسة الإمارات للدواء، يتناول العديد من المواضيع الهامة، بما في ذلك السياسات الداعمة للتصنيع المحلي، تقنيات الإنتاج الذكي، استراتيجيات التمويل والاستثمار، وبناء شراكات فعالة في القطاع الصحي.
تستفيد تونس من هذه الفرصة لتسويق مشروعها الاستراتيجي وتعزيز علاقاتها مع الشركاء الدوليين في مجال الصحة، حيث سيسهم التعاون مع المؤسسات العالمية في تأمين التمويل اللازم، بالإضافة إلى توفير التكنولوجيا والخبرة الضرورية لتحقيق النجاح المطلوب في مجال صناعة اللقاحات.
التحديات والفرص: الآفاق المستقبلية لتونس
رغم أن المشروع يشكل تحديًا كبيرًا، إلا أن فرص النجاح فيه لا تزال واعدة. تونس، باعتبارها نقطة محورية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، تتمتع بقدرة على التوسع في مجالات البيو-إنتاج والعلاج المناعي، مما يسمح لها بالتقدم بشكل كبير في مجال الطب الحديث. الأفق يبدو مفتوحًا أمام تونس لتكون مركزًا إقليميًا رئيسيًا لتصنيع اللقاحات والعلاجات الطبية، ما يساهم في تحسين الأمن الصحي للقارة الإفريقية.
إن تحقيق هذا الطموح يتطلب التزامًا طويل الأمد واستثمارًا مستدامًا في البنية التحتية والتكنولوجيا، بالإضافة إلى تعاون مستمر بين الحكومة، المؤسسات الدولية، والقطاع الخاص. في ظل التحديات الصحية العالمية الراهنة، تمثل تونس فرصة حقيقية لفتح آفاق جديدة في مجال إنتاج الأدوية واللقاحات، ما سيعزز من مكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي.
من خلال هذه المبادرة الطموحة، تسعى تونس إلى إحداث تغيير جذري في قطاعها الصحي، لتصبح واحدة من الدول الرائدة في صناعة اللقاحات والطب الحديث في القارة الإفريقية. الدعم الدولي الذي تحظى به هذه المبادرة سيعزز من فرص نجاحها، ويضع تونس في مسارٍ واعد نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأدوية واللقاحات.