موسكو تعين عمدة لمدينة ميليتوبول لأول مرة منذ بداية الغزو.
يؤشر تعيين موسكو لعمدة إحدى المدن الأوكرانية التي سيطرت عليها على بداية تغيير نظام الحكم في أوكرانيا بتعيين موالين للكرملين وهو الهدف المرسوم سلفا لعملية الغزو. ولا يتوقع مراقبون أن تؤدي المفاوضات الجارية بين كييف وموسكو إلى نتائج طالما أن القوة على الأرض ليست متكافئة.
كييف - عينت روسيا الأحد عمدة لإحدى المدن الأوكرانية التي قامت بغزوها، وذلك لأول مرة منذ بدء الغزو الروسي، فيما وصف محللون الخطوة بأنها بداية تغير نظام الحكم في كييف.
وتم تعيين النائبة المحلية الموالية لروسيا جالينا دانلشينكو عقب اختطاف القوات الروسية لعمدة مدينة ميليتوبول المنتخب إيفان فيدوروف، وفقا لكييف. ودعت دانلشينكو سكان المدينة ”للتكيف مع الواقع الجديد”.
وطالبت السكان بوقف التظاهر ضد القوات الروسية، مؤكدة أنه مازال هناك أشخاص في المدينة سوف يحاولون زعزعة استقرار ”الوضع والقيام بأعمال استفزازية“.
وتعتزم دانلشينكو تشكيل لجنة اختيار شعبية لحل قضايا المدينة، التي يقطن بها نحو 150 ألف نسمة.
ويقول المحلل الأميركي مارك إبيسكوبوس إنه أعقب اجتماع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا ونظيره الروسي سيرجي لافروف في مدينة أنطالبا التركية الخميس ما بدا أنه هجوم متجدد في أنحاء أوكرانيا شمل هجمات جوية على مجموعة من المدن غرب البلاد، وقصف مطار على بعد نحو 70 ميلا من الحدود البولندية، ومدرجا جويا في منطقة إيفانو – فرانكفيتش غربي البلاد، ويقول الخبراء العسكريون إن هذه الهجمات جزء من جهود روسية منسقة لعرقلة شحنات الأسلحة الغربية المستمرة إلى أوكرانيا.
وأشار إبيسكوبوس إلى أنه يبدو أن القوات الروسية على مشارف كييف تعيد تنظيم صفوفها للقيام بهجوم واسع النطاق، حيث يقول المسؤولون الأميركيون إن القوات الغازية أصبحت الآن على بعد تسعة أميال فقط من العاصمة.
واستهدفت القوات الروسية مدينة دنيبرو ذات الموقع الاستراتيجي بهجمات جوية كجزء فيما يبدو من خطة روسية أوسع نطاقا لقطع الطريق بين القوات الأوكرانية والأراضي الواقعة شرق نهر الدانوب.
وقد صرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخرا بأن هناك أكثر من 16 ألف أجنبي من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) أساسا، تطوعوا للقتال ضمن الفيلق الدولي في أوكرانيا. وفي المقابل، أبلغ سيرجي شويغو وزير الدفاع الروسي خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي بأن الجيش الروسي تلقى أكثر من 16 ألف طلب من ”الشرق الأوسط وسوريا” للقتال مع روسيا في منطقتي دونيتسك ولوهانسك. ورحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بذلك طالما أنه على أساس التطوع ودون مقابل مادي.
ويواصل المسؤولون والسياسيون الروس، بما في ذلك بوتين ولافروف، التأكيد على أن العمل العسكري الروسي في أوكرانيا يسير وفق الخطة. ومع ذلك، مازال من غير الواضح معرفة خطة الغزو الأصلية، فليست هناك جداول زمنية يمكن التحقق منها أو أي وثائق أخرى منشورة تدعم بالتحديد ما يهدف الجيش الروسي لتحقيقه في أوكرانيا ومدى سرعة ذلك.
وبقدر ما قللت القوات الروسية الغازية من تقييم قدرة أوكرانيا على المقاومة، فإنها لم تكن وحدها بالنسبة إلى ذلك. فقد توقعت مصادر المخابرات الغربية في الشهور التي سبقت الغزو سقوط كييف في خلال يومين. ويزعم الخبراء العسكريون الروس أنه يتم عمدا إبطاء سير العملية للحد من الأضرار الجانبية.
ويقول إبيسكوبوس إنه مع ذلك هناك دلائل على أن القوات الروسية الغازية تواجه مقاومة كبيرة على الأرض. وتزعم الحكومة الأوكرانية أنه تم قتل 12 ألف جندي روسي منذ بداية الغزو؛ وأعلن البنتاغون عن عدد يتراوح ما بين ألفين وأربعة آلاف.
وأعلن المتحدث العسكري الروسي في الثاني من الشهر الجاري مقتل 498 جنديا روسيا ومقتل 2870 جنديا أوكرانيا في نفس الفترة. ولم تنشر الحكومة الأوكرانية أرقامها الخاصة بالضحايا. وزعمت وزارة الدفاع الروسية مرارا وتكرارا خلال الأسبوع الماضي أنها حققت تفوقا جويا في أوكرانيا، لكن المسؤولين العسكريين الأميركيين يقولون إن السلاح الجوي الأوكراني يحتفظ بحوالي 80 في المئة من الطائرات ذات الأجنحة الثابتة.
ويقول خبراء غربيون إن المجهود الحربي الروسي يواجه عرقلة من جانب مجموعة من النواقص التشغيلية واللوجستية والمخابراتية، والقيادة والتحكم. ومع ذلك، يرى آخرون أنه من الممكن أن يكون الكرملين قد أعطى الأولوية لافتراضاته السياسية وليس للاستراتيجية العسكرية السليمة. فقد صور بوتين العملية على أنها تهدف لـ”تحرير” الشعب الأوكراني من ”عصابة النازيين الجدد ومدمني المخدرات” الذين أخذوا الشعب رهينة.
وربما تكون موسكو قد وقعت ضحية افتراض على أساس أيديولوجي بأن الحكومة في كييف، التي يشلها عدم الشعبية وعدم الولاء بين صفوفها العسكرية، ستضطر للاستسلام في المراحل الأولى من الغزو، وأن القوات الروسية الغازية سوف تلقى ترحيبا كبيرا في المدن الكبرى بأوكرانيا باعتبارها قوات تحرير لها.
وباختصار، ربما انخدعت موسكو بتأكيدها أن هذه ليست حربا حقيقية ولكن مجرد ”عملية عسكرية خاصة” للإطاحة بقيادة أوكرانيا وفرض تغيير في النظام.
ومع دخول الحرب أسبوعها الثالث، يبدو أن القوات الروسية تعيد تخندقها وتعديل تكتيكاتها قبل خوض حرب مطولة واسعة النطاق تشمل كل أوكرانيا، وليس فقط وسط البلاد والمناطق الشرقية. وتظل آمال التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض ضئيلة للغاية، وكذلك إمكانية إرغام موسكو على تغيير مسارها من خلال أي عدد من العقوبات أو النكسات في أرض المعركة.
وأكد إبيسكوبوس أن الكرملين أوضح أنه مصمم تماما على فرض حل عسكري في أوكرانيا، مهما كان العدد المتزايد للقتلى والتكاليف الباهظة للاقتصاد الروسي وإبادة المدنيين في أوكرانيا.